tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار : اللغة العربية تضمحل؟!

28 أغسطس 2017
28 أغسطس 2017

د.طاهرة اللواتية -

[email protected] -

لم يعد يرغب الشباب بدخول أقسام اللغة العربية وآدابها؛ خوفا من عدم الحصول على وظيفة، وأصبحت أقسام اللغة العربية في الجامعات تعاني من قلة المنتسبين إليها، ومن ناحية أخرى أصبحت اللغات الأخرى تغزونا في العمل والبيت والسفر، فتراجعت العربية كلغة للأعمال بقوة، وتراجعت في استخدامنا الأكاديمي واليومي معا.

هناك نظرية تقول إن كل لغة لا تمارس تموت، بغض النظر عن إيماننا بأن اللغة العربية لغة القرآن الكريم، فالله تعالى وعد بحفظ القرآن الكريم، وليس حفظ اللغة، فهناك ملايين المسلمين حول العالم يقرأون القرآن الكريم دون فهمه إلا بالرجوع إلى الترجمة لفهم الألفاظ القرآنية العربية، ونحن من جانبنا لم نعد نفهم اللغة العربية الفصحى التي كانت سائدة أيام الحضارة العربية الإسلامية، وصرنا نستعين بالمعاجم لفهم ألفاظ القرآن الكريم أو بيت شعر للمتنبي أو الشريف الرضي. فما الذي يمنع أن لا تستطيع الأجيال القادمة بعد مائة عام أو أكثر فهم اللغة العربية الفصحى التي نتداولها اليوم في مذكراتنا ورسائلنا ومناحي حياتنا.

إن الاهتمام باللغة العربية ورعايتها عبر الاهتمام بمراكز تدريسها وتقويتها هو واجب وطني وقومي وديني، فلولا اللغة العربية لما كانت لنا حضارة سابقة، ولن تكون لنا حضارة قادمة مهما ملكنا من مكامن القوة لصناعة حضارة.

إن الاهتمام بتدريس اللغة العربية لإدارة الأعمال، أو تدريس اللغة العربية كلغة للقانونيين، أو كلغة للاقتصاد والمحاسبة، أو كلغة للترجمة، أو كلغة للسياحة، أو كلغة للتداول اليومي، أو كلغة للأكاديميين والعلوم أو كلغة للأدباء، أو كلغة للإعلاميين، على غرار ماهو حاصل للغة الإنجليزية، سيساعد كثيرا على انتعاش أقسام ومراكز اللغة العربية، وأن تستعيد عافيتها وقوتها، بالإضافة إلى تخصيص وظائف لخريجي اللغة العربية وآدابها، وظيفتان لكل وحدة حكومية كل عام مثلا، وأن يصار إلى تبني أقسام اللغة العربية وآدابها تدريس وإعداد معلمي اللغة العربية بالتعاون مع كليات التربية، مما سيرفع من قدرة هؤلاء المعلمين على تدريس اللغة لأطفالنا في المدارس، ويساعد في التغلب على الضعف اللغوي لديهم ولدى طلبة المدارس.

وأن تعزز أقسام اللغة العربية لتقوم بالدراسات التي تساعد على نمو اللغة العربية في المجتمع المحلي وأوساط الأطفال والطلبة، وترغيبهم في إجادة اللغة. والاهتمام بتثوير اللغة واستخراج معاني المفردات الجديدة التي تطرأ على حياتنا حتى لا يستعين أطفالنا بمفردات اللغات الأخرى من شرق العالم وغربه.

إن وضع الاهتمام باللغة العربية وآدابها على قائمة الأولويات والبحث العلمي والتعليم والعلوم والتطوير، لهو السبيل الوحيد لعدم اضمحلالها، ثم اندثارها بين أظهرنا، وإلا فإن الموت قد غزا لغات عديدة وكثيرة في العالم، فما بالنا بلغتنا التي يتربص بها الكثير من الأعداء كي تندثر وتموت، فلا تقوم للغة وأصحابها قائمة في تقدم إنساني أو حضارة قادمة.