1094149
1094149
المنوعات

صناعة السبح اليدوية في مصر.. رزق وذِكر

26 أغسطس 2017
26 أغسطس 2017

القاهرة، الأناضول: خرزة مثقوبة تتلوها أخرى مماثلة، ويدان تجمعان حبات منها بخيط رفيع يمر بالثقوب في شكل قلادة، تعرف باسم «السبْحة»، في ورشة بأقدم أحياء القاهرة، ويكثر رزقها في المناسبات الدينية، لا سيما مع أيام الحج والعمرة، وفق صنّاع.

بين 33 و99 خرزة، اعتاد مصريون أن تطوف أيديهم، وكأنه حج إلى ذكر الله، حيث، يرددون، وهم يحركون حبات سبحتهم، أذكارا، منها «سبحان الله»، وهو أمر يتكرر في المعتقد المسيحي بسبحة مشابهة، من 33 حبة، يرددون عبرها ذكرا باللغة القبطية، وهو «كيرياليسون»، ويعني باللغة العربية «يارب ارحم».

** صناعة الروح

على أعتاب ورشة الخمسيني المصري، أحمد عبد الله، في حي خان الخليلي التاريخي، وسط العاصمة المصرية، أعباق من روائح، منها العود والمسك، تمنح الروح طمأنينة، وهي تتابع مئات من السبح المصرية على حوائط الورشة وأركانها، وفي أيدd صناعٍ يجمعون حبات مختلفة الألوان والأحجام.

في تلك الأجواء يتحدث الصانع عبد الله للأناضول قائلا: إن «صنعة السبح تجعلك قريبا من الله، حيث تُذكر الناس بذكر الله وتحصل على حسنات، ونحن نحصل على رزق منها يتزايد مع أيام الحج، فضلا عن الثواب والبركة».

ويتذكر الصانع المصري فترة عمله في صناعة السبح، والتي تقارب 35 عاما، في مهنة تعود إلى مئات السنين، تتوراثها الأجيال، رغم معوقات ثلاثة يراها متعلقة بارتفاع أسعار المواد الخام، وانتشار السبحة المستوردة، لاسيما من الصين، وظهور التسبيح الإلكتروني.

ولا يُعرف تحديدا تاريخ ظهور صناعة السبح في مصر، غير أنه كان لاسمها تواجدا في العهدين الفاطمي (972-1171)، والعثماني (1517-1867)، وفق روايات غير رسمية، ولذا فإن مصر وتركيا، بخلاف الصين، لهم عند صناع السبح حظ من الذكر الدائم، وفق ما رصد مراسل الأناضول.

وهذا يعود، بحسب عبد الله، إلى أنّ كثيرا من المواد الخام للسبح تستورد من الخارج، لاسيما من تركيا والصين، بخلاف إندونيسا، مثل «الكوك (أعواد ثمرة)، واليسر (شعاب مرجانية)، والكهرمان (أحجار كريمة)، والعود».

ويشير إلى أن الأسواق المصرية تنتشر فيها السبح الصيني (مميكنة وليست يدوية)، والتركي، بجانب ما ينتج في مصر، لاسيما في ورش خان الخليلي.

** في 7 مراحل

بتوافر المادة الخام، وفق الصانع المصري، تمر صناعة السبحة، بـ7 مراحل، أولها تقطيع المادة الخام عبر ماكينة تقطيع كهربائية، ثم مرحلة التخريط، وهي عبارة عن إعادة تشكيل المادة المقطوعة، سواء إلى مكعبات أو قطع صغيرة.

والمرحلة الثالثة هي التخريم (الثقب) بآلة كهربائية، وبعدها رابعا التطعيم، وهي مرحلة إلحاق بعض المواد للتزين، مثل اللون الذهبي أو الفضي أحيانا، تليها الصنفرة لجعل السبحة ملساء، يعقبها التلميع، إلى أن تأتي المرحلة السابعة والأخيرة، وهي اللضم (التجميع) وتقفيل السبحة.

أما عن الخيوط المستخدمة في تجميع السبحة على شكل قلادة، يضيف عبد الله: «نستخدم خطوط النايلون والحرير، والمقاسات تكون بحسب حجم الخرزة».

ويشير إلى أن هناك سبحًا مكونة من 33 «خرزة» وتسمى «الثلث»، ويكون هناك فاصل بينها بعد 11 خرزة، ويسمى «تفسيرًا»، وسبحا أخرى مكونة من 99 خرزة، وتسمى «الألفية»، والفاصل بها يسمى «عروسة»، ويكون كلّ 33 خرزة.

وفي المعتقد الإسلامي، يثاب المسلم كلّما ذكر الله 33 مرة، مرددا سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

ويستطيع صانع السبح أن يصنع من 10 إلى 20 سبحة يوميا؛ إذا كانت عادية، أما ما تحتاج إلى تطعيمات، فيستمر العمل في الواحدة 3 أيام متواصلة، وفق عبد الله.

على مقربة من ورشة عبد الله، يقف الصانع المصري الأربعيني، عايد حسن، ويقول للأناضول: «أعمل في مهنة صنع السبح منذ 20 عامًا.. وفي أيام الحج، وقبله (شهر) رمضان، وأي مناسبة دينية، يكون موسمنا».

** السبح درجات

عن أسعار السبح يقول عبد الله إن «الأسعار تتراوح بين 10 جنيهات (نصف دولار تقريبًا) وعدة آلاف، مثل الكهرمان (أحجار كريمة)، الذي تقدر سبحته بـ10 آلاف جنيه (500 دولار تقريبًا)، بحسب النوع والخامة والتطعيم، وأكثر المنتجات التي تلاقي إقبالا لرخصها قليلا هي المصنوعة من الكوك واليسر».

ووفق الصانع عايد حسن فإن «مصر وتركيا معروفتان في صناعة السبح من زمن (لم يحدده)، وهناك جماليات وزخرفة في الصنعة بعضها تركي». ويستبعد أن تؤثر السبح الصينية سلبا على نظيرتها اليدوية المصرية قائلا: «حتى قيام الساعة لن يحدث ذلك، فالمصريون يتقنون هذه الصنعة، ويصدرون منتجاتها إلى دول عربية، منها السعودية». ولا توجد إحصاءات رسمية بشأن صادرات وواردات السبح في مصر.

** منافس إلكتروني

وتنافس السبحة اليدوية أخرى إلكترونية، تستورد من الصين، ويقوم المستخدم بالضغط على «زر» كما لو أنه يُسبح.

كما دخلت السباق، مؤخرا، تطبيقات تسمح بالتسبيح على الهواتف المحمولة المزودة بنظام «أندرويد».