أفكار وآراء

دعم الفعاليات بوسائل غير تقليدية .. في عيون خبيرة

22 أغسطس 2017
22 أغسطس 2017

الطيب الصادق -

«هناك تجارب متنوعة لسياحة المهرجانات، ومن أهم المهرجانات المعروفة على الخريطة العالمية هي مهرجانات ” الخريف” في هونج كونج و“الثلج والجليد” في اليابان و” كرنفال ” في البرازيل وكذلك مهرجان ” الطماطم ” في اسبانيا»

لا شك في أن المهرجانات السياحية هي نوع رئيسي من أنواع صناعة السياحة ، تساهم بشكل كبير في دفع وتحريك عجلة التنمية الاقتصادية وزيادة الدخل القومي حيث إن اهتمام دول العالم بها يجعلها على خريطة السياحة العالمية بشكل موسمي، ولذلك لم تكن سلطنة عمان بعيدة عن هذا التوجه خاصة أنها تتمتع بمقومات سياحية طبيعية لم تتوفر في مناطق أخرى حيث عملت السلطنة على تنمية هذا المجال والاهتمام به لأن سياحة المهرجانات من أهم أنواع السياحة الحديثة ولها مردود اقتصادي سريع على اقتصادها ويساهم في زيادة الدخل الوطني.

في الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة والطقس السيئ الذي يشل حركة السياحة وتحركات المواطنين في العديد من دول المنطقة وخاصة الخليجية منها تتمتع سلطنة عمان بميزة فريدة وهبة حباها الله إليها في محافظة ظفار وحاضرتها صلالة، التي تتميز بمقومات سياحية طبيعية لا توجد في بلدان أخرى بالمنطقة، وخاصة الطقس الخريفي الرائع حيث استطاعت سلطنة عمان أن تضع مهرجان صلالة السياحي المتميز والمبهر على خريطة عوامل الجذب السياحي العالمي لأنه يحظى بإقبال جماهيري محلي وعربي وأجنبي وخاصة أنه يجذب العديد من السياحة الخليجية، كما أن التوقيت الجيد للمهرجان الذي انطلق من نهاية يونيو الماضي ومستمر حتى 31 أغسطس 2017 وهي فترة معروفة بارتفاع درجة حرارتها لأكثر من 45 درجة مئوية في دول المنطقة لكن في صلالة لا تتخطى درجة الحرارة حاجز الـ 25 درجة على أعلى تقدير مع بداية موسم الخريف الذي يبدأ في هذا التوقيت وهي ميزة لا تتوفر في كثير من بلدان العالم.

كما يعد مهرجان صلالة السياحي من أهم وسائل الجذب السياحي والإعلامي لما له من عوائد مختلفة سواء اقتصادية أو اجتماعية وهو أحد عناصر الترويج السياحي للسلطنة ويعمل على تنويع مفردات الجذب السياحي المتنوعة لكنه جاء هذا العام مختلفا ومتميزا عن الأعوام السابقة لأنه مر 20 عاما على بداية وفكرة المهرجان ولذلك انطلق هذا العام تحت شعار «عمان الرخاء والنماء» وفي الوقت ذاته زاد الاهتمام به من خلال تقديم أنشطة جديدة كما أنه مقصد مهم للسائح الخليجي لعامل القرب المكاني والذي يتميز بملاءة مالية مرتفعة يستطيع أن يقوم بالتسوق وصرف الأموال وتنشيط عمليات البيع والشراء أكثر من السائحين الآخرين مما يكون إضافة جيدة للموارد الاقتصادية فضلا عن الفعاليات المتنوعة والمميزة التي يقدمها المهرجان هذا العام ما بين الترفيهي والفني والثقافي والرياضي والصحي ورحلات السفاري والرحلات البحرية والغوص مع الدلافين والمزارات الأثرية في مدينة صلالة التي تبهر السياح كذلك يعمل على إرضاء جميع الفئات العمرية من أطفال وشباب وكبار السن.

هناك تجارب متنوعة لسياحة المهرجانات في الدول العالمية حيث إن من أهم المهرجانات المعروفة على الخريطة العالمية هي مهرجانات ” الخريف” في هونج كونج و “الثلج و الجليد” في اليابان و” كرنفال ” في البرازيل وكذلك مهرجان ” الطماطم ” في اسبانيا ويمكن الاستفادة من هذه المهرجانات العالمية والتي تجذب ملايين الزوار ،وفي حديثي مع خبير السياحة الدولي حمدي زكي ومستشار مصر السياحي بمدريد سابقا عن أهمية المهرجانات وكيفية استفادة سلطنة عمان من التجربة الإسبانية في جذب السياحة العالمية لمهرجان صلالة وغيرها، وأكد على أهمية إقامة المهرجانات لأنها أصبحت حاليا من أهم الفعاليات التي تجذب السياح إليها لأنها رقم مهم في زيادة الدخل القومي لأي دولة ، وتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال العوائد المالية التي تدرها هذه المهرجانات، ولذلك اتجهت العديد من الدول الكبرى لهذا النوع من السياحة لجذب سياح جدد لهم اهتمامات خاصة لأنه يتضمن فعاليات أثرية وتراثية وثقافية وفنية ويقدم فلكلورا شعبيا ومتنوعا.

لكن يجب أن تكون هناك رؤية محددة وفكرة إبداعية لإقامة هذه المهرجانات مع الاستفادة من المقومات الطبيعية وغير الطبيعية التي تتمتع بها هذه الدول من إقامة الفعاليات مثل ما هو موجود في صلالة التي تتمتع بالخريف والطقس الجيد في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة في معظم المناطق مما يكون عامل جذب مهم للسياحة من مختلف دول العالم ، وذلك برغم نجاح المهرجان وجذبه العديد من السياح من مختلف دول العالم لكن ما زال المهرجان يحتاج إلى المزيد من المجهودات لجذب سياح أكثر من أسواق مختلفة تتخطى الملايين كما في المهرجانات الدولية ولذلك يحتاج لحملات ترويج لهذا المهرجان في العديد من الدول العالمية مما يفتح آفاقا جديدة ويستقطب سياحا جددا ولذلك يتم العمل على تنشيط السياحة الأجنبية وجذبها للسلطنة بوتيرة أسرع وخاصة الإسبانية منها نظرا لعشق الاسبان بالصحراء وبالسفاري وسياحة الطبيعة ومشاهدة الطيور وولعهم بالصيد وبالخيول العربية والمشتريات مما سيدر على عمان العملة الصعبة مقترحا الدعوة لعقد مؤتمر عماني إسباني بمدريد للنهل من خبرة الاسبان في البنية التحتية والمارينا والسياحة البديلة، كما أن التعاون العماني الإسباني سيتيح الفرصة لاستفادة عمان من سياحة أمريكا اللاتينية باعتبار اسبانيا البلد الأم ونافذة العالم المطلة على أمريكا اللاتينية لأكثر من اثنتين وعشرين دولة ناطقة بالإسبانية فضلا عن عدم إهمال الأسواق العالمية الأخرى التي يجب العمل على جذبها بالتساوي مع السوق الإسباني.

ومن المؤكد أن السياحة من أهم مرتكزات تحقيق التنمية المستدامة وتنفيذ أهدافها التي حددتها الأمم المتحدة في «المشروع الكوني للتنمية المستدامة 2030» والتي تهتم بها رؤية واستراتيجية السلطنة وتعتمد عليها بشكل أساسي وأن «مهرجان صلالة السياحي» يعد من الأعمدة الرئيسية التي تعتمد عليها السياحة العمانية التي تعمل على تنشيط المجالات الأخرى , لأن السياحة كقطاع يتداخل معه قطاعات أخري ومصدرا مهما للدخل ويعمل علي تعزيز ميزان المدفوعات كما يساهم في توفير فرص عمل متنوعة للمواطنين ، كما أن المهرجان يساهم في زيادة العائدات من العملات الاجنبية وذلك من خلال ما ينفقه السائح على المشتريات من السلع والخدمات مما يؤدي إلى تحقيق نتائج اقتصادية مهمة أخرى منظورة وغير منظورة ايضا.

لكن هناك عدة متطلبات للاستمرار في نجاح المهرجانات وهي الاستفادة من توظيف التقنيات الحديثة في زيادة عدد زوار المهرجان في الأعوام المقبلة وخاصة الاهتمام بالترويج على مواقع شركات الحجوزات السياحية عبر الإنترنت وعلى المواقع الإخبارية، لزيادة عمليات جذب شرائح جديدة، وخاصة الشباب منها والتي تبحث دائما عن مناطق للسياحة ، كذلك العمل على التأهيل المستمر والتدريب للكوادر السياحية والتي يكون عليها عبء كبير في التطوير والإبداع وتقديم الأفكار الجديدة فضلا عن الاهتمام الدائم بالبنية الأساسية وتشجيع القطاع الخاص في الدخول للاستثمار في هذا القطاع مما يعود في النهاية بالنفع على المواطن والدولة في آن واحد.