mahmood
mahmood
أعمدة

الاستثمار في القطاع الصحي

09 أغسطس 2017
09 أغسطس 2017

د. محمود بن ناصر الرحبي -

استشاري اول طب الطوارئ -

تسعى معظم دول العالم إلى تعزيز ركائز اقتصادها الوطني وتحقيق ديمومته للأجيال المقبلة من خلال التركيز على العناصر المحققة لذلك ومن بينها الاستثمار في القطاع الصحي والذي أصبح من أهم ركائز الاقتصاد الوطني إذ لم يعد تقديم الخدمات الصحية بمختلف مجالاتها مقصورا على القطاع الحكومي فحسب، بل أصبح للقطاع الخاص مشاركة فعّالة فيه في ظل النمو السكاني المطرد سواء من المواطنين أو المقيمين وما ينتج عن تلك الزيادة من زيادة مستمرة في الإنفاق على الخدمات الصحية ، وهو ما قد يمثل تحديا في تحقيق التوازن بين تقديم الخدمات الصحية وبين جودة تلك الخدمات المقدمة.

وحتى يتحقق التوازن والتكاملية بين ما يقدمه القطاع الحكومي وبين القطاع الخاص تتجلى أهمية دعم الاستثمار في القطاع الصحي وفتح المجال أمام الاستثمارات المناسبة للمجتمع وتوفير فرص محفزة للمستثمرين وتذليل الصعوبات والمعوقات وخلق بيئة مثالية للاستثمار الصحي من أجل تعزيز قدرات الاقتصاد وتنويع روافده، ومما يتوجب الإشارة إليه بأن الاستثمار في القطاع الصحي لا يقتصر على إنشاء المرافق الطبية وتشغيلها وتقديم الخدمات الطبية المباشرة فحسب بل يشتمل أيضاً على إعداد الكوادر الطبية والمختبرات المتخصصة وصناعة المستلزمات الطبية كالأدوية والتي قد يعاني سوقها ضعفا وتحديات، والتي يعتبر الاستثمار فيها داخليا فرصة للشركات الطبية والمستثمرين، كما أن الاستثمار في مجال مراكز العناية بمرضى السكري والأورام ومراكز العناية بمرضى الدم ومراكز علاج مصابي الحوادث المرورية وإعادة تأهيلهم تعتبر مشروعات استثمارية ناجحة في الوقت الراهن لحاجة المجتمعات لمثل هذه الخدمات .

وبما ان مجال القطاع الصحي يعتبر إنسانياً في المقام الأول وليس استثماريا بحتا يهدف إلى الربح المادي فقط، إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه المستثمر في هذا المجال هو الموازنة بين تقديم رعاية صحية بجودة عالية مع مراعاة الأرباح في الاستثمار، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال قيام الجهات الحكومية المختصة وذات العلاقة بدراسة العقبات التي تواجه المستثمرين في القطاع الصحي، والعمل على تذليلها، وتسهيل الإجراءات وتقديم الحوافز والتسهيلات، وأن يتم تزويد المستثمرين بالمعلومات والإحصائيات اللازمة، وفي المقابل التشديد على ضمان جودة الخدمة المقدمة ومراعاة التكاليف، وتكثيف إجراءات المتابعة والرقابة، وتبنى وتفعيل مبدأ الشفافية من خلال إيجاد قاعدة بيانات للمخالفات الاستثمارية، إلى جانب تفعيل التركيز الإعلامي لتشجيع الاستثمار في القطاع الصحي وإبراز أهميته للوطن مثله مثل بقية المجالات الأخرى حيث إن هذا المجال يمس أغلى ما يملكه الوطن وهو صحة الفرد ثم المجتمع.