hamda
hamda
أعمدة

كــــيس قـــمامة

06 أغسطس 2017
06 أغسطس 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

أخرج كل واحد من العمال محتويات الكيس الذي كان يحتوي على وجبته اليومية، نظر أحدهما بامتعاض إلى شطيرة الجبن التي كان يهم بأخذ قضمة منها قائلا: أنا لا أحب الجبن فبادره زميله بالقول: إذن أخبر زوجتك بأن تعد لك شيئا آخر غير الجبن، فنظر إليه مستغربا: ولكنني من أقوم بتحضير وجباتي بنفسي!!

في حياة كل منا شطيرة جبن يجبر نفسه على تناولها بامتعاض وهو يكرهها أو يمضى عمره يتذمر منها دون أن يحرك ساكنا، بالنسبة لي كانت شطيرة الجبن هذه كم الزجاجات الفارغة والعلب التي كانت تصادفني صباح كل يوم على جانبي الممشى أثناء ممارستي لرياضة المشي، كان المشهد يثير قرفي واشمئزازي وكثير من الألم وأنا أرى الشجيرات على أطراف الممشى تختنق من أكياس البلاستيك التي تحاصرها، حتى جاءت لحظة تذكرت فيها هذه القصة والتي قرأتها من مدة طويلة، فقررت أن أتخذ خطوة إيجابية عوضا عن التذمر والشكوى والانتقاد الذي كنت أوجهه لأشخاص لا يد لهم في الموضوع ولن يستطيعوا تغيير شيء.

ذات صباح قررت أن أتناول أحد الأكياس الملقاة وملئه بالعلب الفارغة، ووضعت لنفسي هدفا بأن أقوم بملء ثلاثة أكياس يوميا، لدهشتي الشديدة أنني عندما أنهيت مشواري وعدت إلى سيارتي وجدت أن أحدهم حذا حذوي وملأ بدوره كيسين إضافيين وفي صباح اليوم التالي وجدت 5 أكياس قد ملئت بالعلب الفارغة، أمر أصابني بالدهشة والتأثر.

استمر هذا الوضع أسبوعا كاملا، لدهشتي الشديدة تغير المشهد تماما، وأصبحت في اليوم الخامس بالكاد أجد ما يملأ كيسا واحدا، إلا أن الوضع عاد على ما كان عليه بعد انقطاع دام 3 ايام نتيجة تغيبي عن محافظة مسقط أثناء إجازة يوم النهضة المجيد، حينها فقط تبادرت إلى ذهني فكرة أخرى أعجب الآن بأنني لم أفكر فيها وهو التواصل مع البلدية بهذا الشأن، فهم أهل الاختصاص.

المذهل في الموضوع كله هو كوني كنت أشارك تجاربي على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وردتني رسائل من عدة أشخاص حذوا حذوي وكرروا التجربة في أنحاء مختلفة، فتعاظم تأثير تلك الخطوة الصغيرة التي أخذت شهورا من التأفف والشكوى والتذمر قبل اتخاذها.

لقد جعلت نفسي تعيش شهورا طويلا من الألم والاستياء، وأفسدت جزءا من مشواري الصباحي المحبب إلى نفسي، في حين أن الحل لم يكن سيستغرق مني سوى دقائق عدة، تعلمت منه حقيقة عدم احتقار المعروف، إذ أن لديه قدرة عجيبة على التعاظم مما يضاعف تأثيره آلاف المرات، ورحم الله القائل: وجع يوم ولا ألم دوم.