randa
randa
أعمدة

عطر: هل من صحوة قريبة؟

12 يوليو 2017
12 يوليو 2017

رندة صادق -

[email protected] -

“تكرار الفكرة الواحدة وتحويلها إلى عرف وتقليد يثبتها كحقيقة ثابتة لا يمكن نفيها”.

وهذا تماما ما يحدث لوعينا العربي من قبل الجميع ومعهم إعلامنا ،حيث تم التركيز على صورة واحدة من مشهد كامل، فكلما أرادوا الحديث عن الواقع العربي تحدثوا عن ثنائية (الجهل والفقر) حتى باتت هذه الصفات مرادفا لكلمة “عربي”، مما ساهم بنمو قناعات بأننا الأكثر جهلا والأكثر فقرا على الرغم أن العالم بأسره يعج بأنواع الجهل والإحصاءات العالمية لا تظهرنا الأكثر فقرا .

التعصب والتطرف وكل المسميات منشأها غربي، وهي مستوردة على بيئتنا، ولعلهم يرغبون في تثبيت نظرية الجهل والفقر والتطرف في رؤوسنا، الحقيقة التي لا يمكن نكرانها هو تنامي الفقر في عالمنا العربي، حيث أثبتت الدراسات إن مئة مليون مواطن تحت خط الفقر، أي ما يعادل ثلث السكان، 40 مليون منهم لا يمكنهم من تأمين الطعام، أما دخل الفرد شهريا في الدول العربية يتراوح ما بين 63 دولارا و 53 ألف دولار للأكثر رخاء، وبحسب إحصائيات فإن 41% من المصريين تحت خط الفقر، أما أفقر الدول العربية فهي موريتانيا تليها اليمن، أما أغنى دولة فهي قطر، وتأتي الإمارات العربية في المرتبة الثانية.

وطبعا نحن اليوم نعاني أيضا من أن مفهوم الفقر تغير مع تطور الحياة العصرية وتحول الكماليات في حياتنا إلى ضروريات، فقد نجحوا في إشراكنا بفعل الاستهلاك لا الإنتاج وتحويل فئة كبيرة من العرب إلى مسددي قروض لا تنتهي.

من جهة أخرى ينظر إلى الدول الغنية ليس فقط بما تملك من ثروات بل من خلال مستوى التعليم والصحة والإنترنيت، وبحسب هذه المعايير لسنا الأفقر ولكننا الأكثر فوضى بالإدارة الاقتصادية.

نحن لا تنقصنا الطاقات البشرية ولا الذكاء الاقتصادي ولا الموارد الطبيعية،الحقيقة ما ينقصنا هو السلم والرؤية الموحدة للأمة والابتعاد عن الصراعات والانقسامات فيما بيننا فعلى سبيل المثال سنجد ان أماكن الصراعات هي الأماكن الأكثر فقرا فاستمرار الصراع في سوريا والعراق واليمن أحد الدوافع الرئيسية لتفشي الفقر إقليميا. فبعد 5 سنوات على بداية الحرب الأهلية في سوريا، تشير التقديرات إلى أن 80 بالمائة من السكان يعيشون في فقر، وأن متوسط العمر المتوقع قد انخفض بـ20 عاماً.

وكذلك بعد حوالي 10 سنوات على الغزو الأميركي للعراق ، ما زالت معدلات الفقر ترتفع فبحسب إحصاءات صادرة عن البنك الدولي، 28% من الأسر العراقية تعيش تحت خط الفقر أما في اليمن فليس الوضع بأفضل حال فقد ارتفع معدل الفقر في اليمن من 42% من السكان في العام 2009 إلى نسبة مثيرة للقلق أكثر وصلت إلى 54.5% في العام 2012 كذلك اثر الربيع العربي على الاستقرار المالي لدول مثل مصر وتونس ولا يمكننا تجاهل أزمات المغرب الاقتصادية ونسبة الفقر فيه،

ولو اقتربنا من لبنان لوجدنا أنه غارق في بحر الدين العام حيث أصبح رهينة عند السياسات الكبرى.

إذا نحن نعاني من التفقير وليس من الفقر وتبعياته هو الاستسلام للجهل وعدم محاربته باستقرار اقتصادي يرفع من قيمة الإنسان ويؤمن سبل إنسانيته.

هذه الجولة التي جمعتها من عدة مقالات تتحدث عن الفقر والجهل، أثبتت أن عالمنا العربي ليس فقيرا أو جاهلا بل هو مقيدا بصراعات ساهم بإيجادها واستسلم لها فوقع في فخها ما نحتاجه اليوم رؤية موحدة تنقذنا من أطماع الغرب الذي يطيب له ان يرانا اكثر تفككا وانقساما على ذواتنا فهل نأمل بصحوة قريبة؟