أفكار وآراء

هـل يستعيـد وزيـر الخــارجيـة الأمريـكي مهـام منصبـه؟

04 يوليو 2017
04 يوليو 2017

آرون ديفيد ميلر وريتشارد سوكولوسكي -

ترجمة قاسم مكي -

يو إس توداي -

لقد ثابر تيلرسون على اتخاذ موقف متشدد تجاه روسيا وصمد في معارضته لرفع العقوبات حتى تتخلى روسيا عن القرم وتفي بالتزاماتها وفقا لاتفاقيات مينسك بسحب قواتها من شرق أوكرانيا. كما لم يصدر عنه ، بعكس رئيسه، أي تعبير علني عن مشاعره تجاه بوتين. 

في معرض دفاعه عن رئيسه وزير الخارجية ريكس تيلرسون في مواجهة اتهامات بأنه يقود وزارة خارجية متقلصة المهام إلى حد غير معقول، ذكر المستشار الإستراتيجي آر. سي. هاموند مؤخرا أن تيلرسون يفكر كما يفكر راعي البقر. « فأنت تحمل مسدسا به ست طلقات. ولا تهدر طلقاتك سدى،» أوضح هاموند بهذه العبارة فكرته التي يقارن فيها الكلمات بالرصاصات. وهو قول منصف من جانبه. فوزراء الخارجية المتعاقبون يحرصون على عدم إهدار مواردهم. إنهم يستثمرونها في القضايا الاستراتيجية ويضربون ضرباتهم (يطلقون رصاصاتهم) في الوقت المناسب. ولكن مضت الآن خمسة أشهر( على تشكيل الإدارة الجديدة.) وبناء على فترات خدمتنا الطويلة بوزارة الخارجية في الإدارتين الجمهورية والديمقراطية، يبدو من الواضح جدا في خمس مناسبات سابقة أن مسدس تيلرسون كان معطوبا أو أن الرصاصات التي انطلقت منه أخطأت أهدافها. ومن المفترض أنه لم يستخدم رصاصته السادسة بعد. وسيحدث ذلك حين يدخل تيلرسون في حوار صريح مع الرئيس حول طموحاته المفترضة في أن يكون وزير خارجية له أهميته. فهل سيفعل ذلك؟ لقد قيل إن غضب تيلرسون بلغ نقطة الغليان تجاه كل شيء من التسريبات إلى الموظفين. أما فيما يخص مهمته الدبلوماسية الأساسية فهو يصارع كي يحصل على نفوذ أو حتى على دور في العديد من قضايا السياسة الخارجية التي تواجه البلد. فبحسب تجربتنا في الصراع العربي الإسرائيلي، لا تكاد توجد سابقة لعدم تمكين الرئيس الأمريكي وزير خارجيته من تولي القيادة أو لعب دور في إدارة المفاوضات العربية الإسرائيلية. ولا يعني ذلك أن البيت الأبيض لن يمارس الإشراف العام (على المفاوضات) أو أن مبعوثا خاصا منه لن يشارك فيها. ولكن حالة تيلرسون فريدة. فبدلا منه، يهيمن جاريد كوشنر صهر الرئيس وجيسون جرينبلات، محامي ترامب، على العلاقة الأمريكية الإسرائيلية وعملية السلام. فتيلرسون، بعكس وزراء الخارجية الذين سبقوه، لا وجود له في قضية تعتبر مكوِّنا مهما من مكونات حقيبة وزير الخارجية. كما يهيمن البيت الأبيض بقيادة ترامب وكوشنر على العلاقة الأمريكية في الشرق الأوسط على أعلى المستويات الرسمية والشخصية. فالخليج هو المنطقة التي لدى تليرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل » خبرة كبيرة بها وعلاقات واسعة. ورغما عن ذلك ناقض ترامب علنا مقاربة تيلرسون هناك. وفيما يتعلق بروسيا، ارتكب تيلرسون واحدة من أكبر الذنوب في نظر الرئيس. فهو أكد مجددا وبشكل أساسي سياسة أوباما تجاه روسيا. لقد ثابر تيلرسون على اتخاذ موقف متشدد تجاه روسيا وصمد في معارضته لرفع العقوبات حتى تتخلى روسيا عن القرم وتفي بالتزاماتها وفقا لاتفاقيات مينسك بسحب قواتها من شرق أوكرانيا. كما لم يصدر عنه ، بعكس رئيسه، أي تعبير علني عن مشاعره تجاه بوتين. وفي موضوع أفغانستان، أسند الرئيس اتخاذ القرارات المتعلقة بمستويات (حجم) القوات الأمريكية في أفغانستان في المستقبل إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس. ولا يوجد دليل على أن ترامب يفهم بأن الانتصار في أفغانستان، مهما كان تعريفه له، سيحتاج إلى استراتيجية سياسية واقتصادية حاجته إلى أحذية أمريكية ثقيلة (جنود) على الأرض. كما يتطلب مقاربة من الحكومة بأكملها (تشترك فيها كل الجهات الحكومية.) ولكن تيلرسون ألغى لتوه مكتبا في وزارة الخارجية كان في مقدوره إعداد مثل هذه المقاربة.

كما اقترح ترامب خفضا في موازنة الوزارة من شأنه أن يجعل إعدادها أكثر صعوبة. من الواضح أن وزارة الخارجية لن تقود تطوير مسار التقدم في أفغانستان. أما فيما يخص التغير المناخي فتيلرسون حين كان رئيسا تنفيذيا لشركة إكسون موبيل ذكر أنه حقيقي وفضَّلَ فرض ضريبة كربون وأيَّدَ اتفاق باريس. وكوزير للخارجية، عارض قرار الرئيس بالانسحاب من المعاهدة. فمن الواضح أنه لا يتفق مع رجل (ترامب) قال إن التغير المناخي خدعة (مؤامرة دبرتها الصين) وجعل الولايات المتحدة إلى جانب نيكاراغوا وسوريا واحدة من ثلاث بلدان ليست جزءا من اتفاق وقعت عليه 195 دولة. متاعب تيلرسون نابعة من ثلاثة عوامل. فهو جديد على ألاعيب السياسة في واشنطن. وهو وزير الخارجية الوحيد في وقتنا المعاصر الذي لم يسبق له العمل في الحكومة. كما يتولى مسؤولية وزارة خارجية شهدت في الأعوام الأخيرة اضمحلال نفوذها وقوتها. ذلك في حين أن مجلس الأمن القومي ووكالات الاستخبارات والبنتاجون،(وهي الجهات) التي تدير الآن ثلاثة حروب اثنتين في العراق وأفغانستان والحرب ضد إرهاب المتشددين، كسبت المزيد من النفوذ والقوة على حسابها. وفيما وراء ذلك، يتعامل تيلرسون مع رئيس لا ينزعج من تعدد مصادر سلطة السياسة الخارجية ويتخذ سياسات في حالات عديدة دون استشارة الخبراء ولا يبدو منه كثير اهتمام بمحتوى السياسة الخارجية.

بل حتى لا يهتم بخلق انطباع لدى الناس بأن تيلرسون هو الملاذ الذي يلجأ اليه في هذا الموضوع.

إن مواهب وقدرات كبير الدبلوماسيين الأمريكيين مهما كانت عظمتها لن تفيد كثيرا أو حتى إطلاقا بدون علاقة وثيقة إلى حد معقول مع ترامب ولا سلطة ممنوحة له من البيت الأبيض. فهو لن ينجح بخلاف ذلك. قد يقرر تيلرسون في لحظة ما أن يتحدث مع ترامب بطريقة حاسمة حول القضايا التي يريد أن يكون مسؤولا عنها وكي يقول إنه يريد من الرئيس الابتعاد عن طريقه. ولكن وزير الخارجية يشعرنا بنفوره من المخاطرة. والأرجح أن يتراجع ويظل ساكنا في انتظار حدوث أزمة يستطيع استغلالها وتمكنه من أن يتألق في أدائه. ولكن ربما أن تلك الأزمة لن تجيء أبدا.

• الكاتبان ميلر نائب رئيس مركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء ومستشار سابق بوزارة الخارجية ومفاوض في الشرق الأوسط. مؤلف كتاب بعنوان « نهاية العظمة: لماذا لا يمكن أن تحصل أمريكا على (ولا ترغب في رئيس عظيم آخر.) سكولوسكي زميل أول بوقف كارنيجي للسلم العالمي. عمل بوزارة الخارجية الأمريكية لمدة 37 عاما.