صحافة

الأيام: لماذا استمر الانقسام عشر سنوات؟!

23 يونيو 2017
23 يونيو 2017

في زاوية آراء كتب رجب أبو سرية مقالا بعنوان: لماذا استمر الانقسام عشر سنوات؟!، جاء فيه:

في حمى الرغبة العاطفية بتوحيد الوطن الفلسطيني تحت الاحتلال، لتوحيد الشعب والقوى في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتقريب يوم الحرية والاستقلال، قليلاً ما نناقش أو نبحث في أو نتساءل: لم وكيف حدث الانقسام؟ ثم وهذا هو الأهم أيضاً: كيف ولماذا استمر هذا الانقسام عشر سنوات متواصلة، حتى الآن؟ ومن أجل الحصول على إجابة دقيقة وموضوعية، لا بد من التجرد _ حيث أمكن _ من الهوى السياسي لهذا الطرف أو ذاك، لهذا الفصيل أو ذاك، أو لهذا الشخص أو ذاك، ولا بد من التحرر من سطوة المقدس أو الذي يعتبر فوق النقد أو المساءلة، ذلك أن الإجابة الدقيقة والصحيحة ستكون بمثابة تشخيص حالة المريض، التي دونها تصبح وصفة العلاج بلا فائدة، بل ربما تؤدي إلى نتيجة عكسية تماماً، لو صادف _ وهذا أمر محتمل _ أن جاءت في اتجاه آخر معاكس أو مضاد لحقيقة الأمر.

ولا بد أيضاً من الانتباه إلى أن أنه ومع تشخيص صحيح وتحديد معالجة صائبة، ليس بالضرورة أن نضمن التوصل للحل الناجز، بل ربما نكون مع حالة أو إزاء واقع تكرس فيه المرض لدرجة أن يصبح التوصل لعلاج يقلل الخسائر أو يرمم الوضع هو أفضل ما يمكن التوصل إليه. فهناك مرض ميؤوس من علاجه، مثلاً، نأمل بألا يكون الانقسام الداخلي قد وصل إلى هذه الحالة التي تشبه الحالة العربية، حيث تكرس فيها الواقع القطري لدرجة أنه لم يعد أحد بعد نحو ستين عاماً يقول بالوحدة العربية التي كانت ملايين العرب تتغنى بها في خمسينات وستينات القرن العشرين الماضي.

أولاً، لا بد من التذكير بأن الانقسام الداخلي حدث نتيجة اقتتال داخلي بين قوات «حماس» العسكرية _ القسام وميلشياتها القوة التنفيذية _ وقوات السلطة الفلسطينية بهدف السيطرة على السلطة، في غزة: مقرات الأمن الوقائي والمخابرات والاستخبارات والأمن الوطني والشرطة، وأن ذلك الاقتتال حدث بعد عام من تشكيل «حماس» للحكومة العاشرة بمفردها وللحكومة الحادية عشرة بالشراكة، وبعد ثلاثة شهور فقط من توقيع اتفاق مكة. وقبل ذلك أجريت انتخابات المجلس التشريعي الثاني بإصرار أمريكي/‏‏إسرائيلي، رغم استطلاعات الرأي التي كانت ترجح فوز «حماس»، وكان الضغط الأمريكي بعد أن فكرت السلطة بتأجيل موعد الانتخابات للمرة الثانية، بسبب أن النتائج المتوقعة كانت فوز «حماس»، أي أن الثنائي الإسرائيلي/‏‏الأمريكي كان يريد فوز «حماس»، وظهور ثنائية الرأس القيادي الفلسطيني. ثانياً، جاء الانقسام بعد اقتتال سعت إليه «حماس» لتمكين حكومتها من الحكم، بدعوى عدم رضوخ قوات الأمن الفلسطينية بأجهزتها المذكورة أعلاه لتعليمات وتوجيهات وقرارات وأوامر حكومتها، رغم أنها تدرك أن هذه القوات مشكلة قبل تشكيلها للحكومة بأكثر من اثني عشر عاماً، ورغم معرفتها أن نظام السلطة الفلسطينية إنما هو نظام رئاسي، حيث كان الرئيس انتخب مباشرة من الشعب قبل انتخابات التشريعي الثاني بعام. ورغم ذلك كانت حكومة «حماس» تسعى إلى تحويل الرئيس إلى رئيس شرفي أو فخري، في نظام ليس هو كذلك، والسبب هو أنه ليس من حركة «حماس».

ثالثاً، شكلت «حماس» حكومتها العاشرة بمفردها، ولم تظهر أي رغبة أو استعداد، ولو من باب جمع الحلفاء من القوى معها، دون حرمانها أغلبية القرار الحكومي، بما أكد أنها حركة تعجز عن التعامل مع الآخر، أو الإقرار بوجوده، وبالتأكيد تعجز عن الشراكة معه، لا في الحكومة ولا في الحكم، أي أنها حتى تعجز عن التعامل مع نظام تداول السلطة، فهي حين تعارض من خارج نظام الحكم، الذي لا تدخل إليه إلا بشرط السيطرة عليه. ولعل أسوأ أشكال السيطرة على الحكم هي السيطرة بالقوة، وقد فعلتها «حماس» عام 2007، بعد أن انتهت المهلة التي منحها القسام لتجريب اتفاق مكة، فإن كان نجح في فتح الأبواب الإقليمية والدولية للتعامل مع إسماعيل هنية ووزراء «حماس»، كان بها، وإن لم يحدث انقلبوا على الاتفاق وهذا ما كان.