روضة الصائم

الأزمات

16 يونيو 2017
16 يونيو 2017

هلال بن عبدالله الخروصي -

اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن يختبر عباده بشتى صنوف الابتلاءات، والمحن، والمصائب، وكذلك بصنوف النعم، والأولاد، والأموال؛ حتى يميز الخبيث من الطيب، والصادق من غيره.

يقول الله تبارك وتعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو علىٰ كل شيء قدير ، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ۚ وهو العزيز الغفور».

«ولقد أرسلنا إلىٰ أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون».

وهناك ملمح يغيب عن الكثير من الناس وهو أن كل أنواع البلاء والمصائب هو خير يسوقه الله عز وجل لهذا الإنسان ليرجع إلى الله من غفلته. «إن الله لا يقضي لمؤمن قضاء إلا كان خيرا له» والأزمة لغويا قيل هي الشدة وقيل هي السنة المجدبة وقيل إن الشدة إذا تتابعت انفرجت وإذا توالت تولت.

والأزمة في علم النفس التربوي هي خلل يطرأ في طريقة تعود عليها الإنسان لإشباع حاجاته لذلك تحدث الأزمة لتشبع الحاجات التي تحتاج إليها، فإذا الأزمة هي وضع غير طبيعي يشعر عنده الإنسان بالضيق والألم والمعاناة لأنه حرم من شيء وهو يسعى لإشباع تلك الحاجة.

والأزمات ليست نوعا واحدا بل هي أنواع واختلافات عدة تتنوع باختلاف أنواع البشر وحتى القرآن يذكرها بصيغ مختلفة كصيغة العموم وصيغة الخصوص.

ففي القرآن الكريم يسرد الله الابتلاء لأقوام بصفة الخصوص كقوم فرعون وقوم نوح وقوم لوط.

«فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين».

وفي آيات أخريات يأتي ذكر الابتلاء على صفة العموم لأخذ العبرة والعظة.

«وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلىٰ ضر مسه ۚ كذٰلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون».

«ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك ۖ لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل».

وللأزمات أربعة أقسام بحسب كلام أحد العلماء وهي:

القسم الأول: البلاء والأزمات الاعتيادية من الأمراض وفقدان الأحبة والأقارب وخسارة تجارية.

«ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ۗ وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولٰئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ۖ وأولٰئك هم المهتدون».

القسم الثاني: الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين، وهذا الصنف لا دخل للإنسان فيه.

القسم الثالث: هو الذي يحصل عند انتهاك محارم الله كما حصل عند قوم صالح وقوم أصحاب السبت.

القسم الرابع: بسبب الإنسان وإهماله وأخطائه، وقد يكون بسبب خلل فني إلكتروني أو التلوث البيئي من مخلفات المركبات والطائرات والسفن.

«ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون».

قال الإمام الشافعي:

جزى الله الشدائد كل خير *** أبانت لي صديقي من عدوي

لتعلم يقينا أن الله لم يخلقنا في هذه الحياة ليعذبنا ولكن الاختبار هو لأجل التمحيص والتمييز.

«أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ۖ مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتىٰ يقول الرسول والذين آمنوا معه متىٰ نصر الله ۗ ألا إن نصر الله قريب».

ودائما بعد المحنة منحة وبعد الظلام نور، ولنتذكر دوما قول الله تعالى:

« وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون».