1037210
1037210
الاقتصادية

انتعاش منطقة اليورو الحدث الاقتصادي الأعظم في عام 2017

16 يونيو 2017
16 يونيو 2017

كان الرأي الإجماعي بين الاقتصاديين حتى وقت قريب هو أن اقتصاد الولايات المتحدة المتقدم سيتجاوز المنافسين هذا العام، مدفوعًا بالتحفيز الاقتصادي من دونالد ترامب في البيت الأبيض والحزب الجمهوري في الكونجرس. ولكن «صدمة ترامب» حتى الآن أثبتت ضعفها بشكل مدهش . بدلًا من ذلك، إذ يعد انتعاش منطقة اليورو الحدث الاقتصادي الأقوى لعام 2017. فقد بلغ النمو الاقتصادي في منطقة العملة الموحدة أكثر من الضعفين عن الولايات المتحدة في الربع السنوي الأول من عام 2017، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان انتعاشها مجرد بريق لطيف أم أنه أكثر جذورًا واستدامة ذاتية.

الجواب أكثر من مجرد اهتمام أكاديمي . فإذا اعتقد البنك المركزي الأوروبي أن اقتصاد منطقة اليورو عادل جدًا مقارنة بجهودها، فيمكنه البدء بالتفكير في سحب إجراءات التحفيز الاستثنائية في اجتماعه في إستونيا هذا الأسبوع.

ويرجع المستثمرون والاقتصاديون وصناع القرار والخبراء التكلفة التي تكبدتها منطقة اليورو في كثير من الأحيان للخداع. ففي غضون عامين من الاحتفالات التي أقيمت في عام 1999، كان اليورو قد فقد ما يقرب من 20 في المائة من قيمته، وحقق لقب «عملة المرحاض» بين تجار العملات.

لكن بعد أن خرج البنك المركزي الأوروبي من الأزمة المالية في عام 2009 مع النمو الاقتصادي السريع، رفع أسعار الفائدة في أوائل عام 2011 فقط لمنطقة اليورو لتنحدر إلى أزمة أعمق قبل نهاية العام.

ولذلك، فإن التاريخ يحذرنا دائمًا. ولكن العديد من المستثمرين والاقتصاديين أوجزوا أن هذا الانتعاش الأخير في منطقة اليورو مبني بالفعل على أسس متينة.

وتحدث بيتر برايت، رئيس الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، عن زيادة «قوية بشكل متزايد» في الاقتصاد الذي «أظهر مرونة ملحوظة للصدمات الخارجية».

ويتفوق أداء اقتصاد منطقة اليورو بشكل كبير على الولايات المتحدة في الربع السنوي الحالي كما يتضح من أرقام الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من الأزمة اليونانية في عام 2015، فإن النمو الإجمالي في منطقة العملة الموحدة تجاوز الولايات المتحدة في النمو خلال العامين والنصف الماضيين، مع معدل نمو منطقة اليورو بنسبة 5.1 في المائة خلال هذه الفترة مقارنة بنسبة 4.6 في المائة بالنسبة للولايات المتحدة.

وهناك علامة أكثر تشجيعًا، وفقًا لبرايت، وهي المخطط الكبير لإحياء منطقة اليورو، مما يشير إلى انتعاشها بشكل أقوى.

ونما الاقتصاد الإيطالي بنسبة 0.4 في المائة في الربع السنوي الأول، في حين قفز الناتج المحلي الإجمالي للبرتغال بنسبة 1 في المائة.

وقال برايت في حديث مؤخر: «إن هذا التشتت في معدلات النمو في كلا البلدين والقطاعات هو أدنى مستوى له خلال عقدين من الزمن، مما يعكس تقاربًا في معدلات النمو حول مستويات أعلى».

ويعتقد الاقتصاديون في القطاع الخاص أيضًا أن الانتعاش يتمتع بنوع من الاكتفاء الذاتي.

وقال إريك نيلسن، رئيس الاقتصاديين العالميين في شركة يوني كريديت: «كانت الخطوة الأولى من انتعاش منطقة اليورو مدفوعة بالصادرات، وهي الآن تتأثر بالاستهلاك وأيضًا في بعض الأماكن تتأثر بالاستثمار».

وأضافت أنجيلا بوزانيس، وهي خبيرة اقتصادية في «فوكاس إيكونوميكس»، أن «منطقة اليورو تزيل العوائق السياسية»، في إشارة إلى انتخابات إيمانويل ماكرون في الشهر الماضي كرئيس فرنسا والاقتراع القوي من حزب أنجيلا ميركل قبل الانتخابات الألمانية في سبتمبر المقبل.

ووفقًا لـ(فوكاس إيكونوميكس)، ارتفعت توقعات النمو في منطقة اليورو في عام 2017 من أقل من 1.4 في المائة في الصيف الماضي إلى أكثر من 1.7 في المائة الآن.

ويلاحظ معظم الاقتصاديين أن معدل النمو هذا أعلى من المعدل «العادي» لمنطقة اليورو، وهو ما يفسر أيضًا استمرار انخفاض البطالة من 12.1 في المائة في عام 2013 إلى 9.3 في المائة في أبريل 2017. والسؤال المهم هو كم من الوقت يمكن أن تستمر معدلات القضاء على البطالة دون زيادة الضغوط التضخمية ؟ وثمة أمر آخر هو ما إذا كان يمكن الحفاظ على النمو دون برنامج التحفيز النقدي للبنك المركزي الأوروبي وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية أم لا؟

وقال ديفيد ماكي، الخبير الاقتصادي في جي بي مورجان، إن الأدلة المستمدة من البلدان التي كانت دورة الاقتصاد فيها أكثر تطورًا تشير إلى أن هناك بعض الطرق التي يجب اتخاذها قبل أن يحتاج واضعو السياسات في منطقة اليورو إلى العمل لتهدئة الاقتصاد.

وأضاف: (إذا كانت التجربة. . . في منطقة أخرى يتم تكرارها في منطقة اليورو، فهذا يعني أنه يجب تهيئة المشهد لزيادة نمو الأجور والتضخم الأساسي العام المقبل).

ويؤدي ارتفاع معدل التضخم الأساسي في الأجور الحقيقية، كما هو مبين في بلدان أخرى، إلى إقناع البنك المركزي الأوروبي بتأجيل أي عمل حتى تقترب البطالة من مستويات الأنجلوسكسونية إلى ما دون 5 في المائة، بدلًا من نسبة البطالة البالغة 8 في المائة التي يعتبر البنك المركزي حاليًا أنها بمثابة تحقيق للعمالة الكاملة.

وتركز المناقشة فى اجتماع تالين على ما إذا كان النمو ثابتًا بما فيه الكفاية لبدء انتهاء منطقة اليورو من البرنامج الاستثنائي لشراء السندات في البنك أم لا. ويعترف معسكر الحمائم، الذي يضم برايت، بالتغيير في التوقعات ولكنه يفضل أن يخطئ إلى جانب الحذر، ولا يفعل شيئًا في الوقت الراهن.

ويعتقد الصقور، مثل عضوة المجلس الألمانية وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي بينوا كوريه ، أن عدم الاعتراف بقوة الانتعاش يهدد مصداقية البنك المركزي.

ويقول الاقتصاديون إن الانخفاض في معدل التضخم في مايو إلى 1.4 في المائة، من 1.9 في المائة في أبريل أزال أي ضغط فوري على البنك المركزي الأوروبي للتصرف.

وقال كين واترت، الاقتصادي في تي إس لومبارد: «يبدو أن العلاقات التقليدية بين النمو والتضخم قد تفككت. أستطيع أن أتخيل أن البنك المركزي الأوروبي يبدو أكثر ثقة في النمو.. ولكن على جانب التضخم سوف يبدو حذرًا جدًا».

ومن المؤكد أن البنك المركزي الأوروبي سيواصل شراء سندات بقيمة 60 مليار يورو حتى نهاية هذا العام، ولكن الاقتصاد الأقوى سيجعل أنه من المرجح أن يصدر قرارًا بتخفيض مشتريات السندات في 2018 وسيتم اتخاذه في مرحلة ما في وقت لاحق من هذا العام. كما يحذر الاقتصاديون الناس من عدم التحمس لانتعاش منطقة اليورو، حيث إن منطقة العملة الموحدة لديها العديد من المشاكل الهيكلية التي تحتاج إلى إصلاح. ولا يزال إكمال الاتحاد المصرفي واتحاد أسواق رأس المال واتخاذ خطوات نحو مزيد من الاندماج المالي مثار جدل كبير في جميع أنحاء أوروبا.

كما أن إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، لا تزال أيضًا مصدر قلق على المدى الطويل على الرغم من أن النمو الأخير تجاوز التوقعات.

وقال نيلسن إن الاقتصاد الإيطالي كان على مدار أكثر من عقدين «غير متكيف أبدًا مع العالم الحقيقي» وكانت المالية العامة هشة. واتفق على أن هناك طريق لمستويات الديون المستدامة، لكنه أضاف «إن الطريق ضيق جدًا من أجل الراحة».

لكن هذه الشواغل بعيدة الآن عن الوضع الحالي. ما يثير المستثمرين والاقتصاديين أنها لم تعد الخبر الاقتصادي الشائع الذي تتداوله منطقة اليورو. بل إنها الآن تتداول خبرًا آخر ألا وهو الانتعاش القوي على نحو متزايد.

فاينانشيال تايمز