روضة الصائم

من فوائد الزواج «1»

09 يونيو 2017
09 يونيو 2017

د.صالح بن سعيد الحوسني -

مرحلة الانتقال إلى الحياة الزوجية مرحلة مهمة في حياة الإنسان، فالإنسان بشكل عام لا يستطيع أن يعيش في عزلة عن الناس، فهو يحتاج لمخالطتهم والتشارك معهم، وتبادل المنافع المختلفة فيما بينه وبين الآخرين، ويزداد الأمر فائدة بحصول شريك معه يتبادل معه الكثير من أعباء الحياة، ويجد سندا، ودعما متواصلا من شريكه الذي يأوي إليه كما كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي آزرت النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وكانت تخفف عنه الكثير مما يلاقيه من عنت وطيش المشركين حتى توفاها الله وهي تحتمل معه هم الدعوة والرسالة.

وهناك الكثير من الحاجات النفسية والعاطفية التي لا يلبيها إلا وجود الجنس الآخر، فهي مصالح مشتركة بين الرجل والمرأة، وصدق الله القائل: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، بل لا نقول نشازا من القول إن قلنا: إن في الرجل أو المرأة فراغا كبيرا لا يملأه إلا النصف الآخر رجلا كان أو امرأة.

والآية الكريمة التي تصف الرجل والمرأة بأنه لباس للآخر واضحة في حاجة الرجل للمرأة كحاجته للباس الذي يقيه الحر والقر، والمرأة إن ملأت قلب زوجها فإنه يتفانى في حبه لها، ولن يتجه للحرام غالبا، وهو ما يرشد إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، وحديث النبي الذي يقول فيه: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الآخر»، ومن هنا فإنه يقال إن الزواج نصف الدين.

وبالزواج يشعر الزوج بعاطفة متوقدة تجاه نصفه الآخر، والحال كذلك بالنسبة للمرأة، بل نجد تصوير هذه العلاقة في كتاب الله تعالى يأخذ منحى بليغا في تصوير الانسجام بين الرجل والمرأة عندما قال: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا).

ومن فوائد الزواج تكريم الإنسان وترفعه عن حياة البهائم التي ينزوي فيها الذكور على الإناث من دون ضوابط أو قوانين أو ضوابط سوى تلبية الغريزة، والإنسان بخلاف ذلك هو مخلوق مكرم كما قال تعالى واصفا ذلك: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، وهذا التكريم لكل إنسان بأمور منها العقل، وتسخير المخلوقات والكون الواسع، والرزق من الطيبات المختلفة، وهنا فلا يليق بمن وصل لهذه المكانة العظيمة أن ينزل أو يتخلى عنها فهو كمن خلع وساما شرفه الله به.