روضة الصائم

أدب القضاء - فيما للقاضي وما عليه (1)

05 يونيو 2017
05 يونيو 2017

زهران بن ناصر البراشدي/ القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

وردت كثير من الأخبار عن المعصوم صلى الله عليه وسلم في التغليظ والتشديد في القضاء وتحذير القضاة والحكام من الركون إليه والترغيب فيه.

فعن أبي ذر الغفاري قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة؛ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأبي ذر رضي الله عنه، لما سأله الإمارة: يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم.

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على خلق من أصحابه فقال: إني لا أدري لعلكم ستلون أمر هذه الأمة من بعدي، فمن ولي منكم من أمر المسلمين شيئاً فاسترحم فلم يرحم وحكم فلم يعدل وعاهد فلم يف، فعليه غضب الله ولعنته إلى يوم القيامة.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وكان آخر مجلس جلسة متعطفًا ملحفةً على منكبيه قد عصب رأسه بعصابة دسمة فحمد الله وأثـنى عليه ثم قال أيها الناس إلي فثابوا إليه ثم قال: أما بعد فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس، فمن ولي شيئًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فاستطاع أن يضر فيه أحـدًا أو ينفع فيه أحدًا فلـيقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا أتى الله عز وجل مغلولًا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه، أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة.

وفي رواية من ولي على عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا جيء به يوم القيامة مغلولةً يداه إلى عنقه، فإن حكم بما أنزل الله، ولم يرتش في حكمه ولم يحف فك الله عنه يوم لا غل إلا غله، وإن حكم بغير ما أنزل الله وارتشى في حكمه، وحابى فيه، شدت يساره إلى يمينه‘ ثم رمي به في جهنم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب، ما يتمنى أن لا يكون قد قضى بين اثنين في تمرة واحدة.

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوشك رجل يتمنى أنه خر من الثريا ولم يل من أمور الناس شيئاً.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من جــــــــعل قاضيًا بيــــــن النـــــــاس فقد ذبح بغير سكين».

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حكم بين اثـنيـن فكأنما ذبح نفسه بغير سكين».

قال أبو مروان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ولاه الله من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن حاجتهم حجب الله عنه حاجته.»

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل على نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدده.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها.

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما أحب أن أكون كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه.

وذلك لمن يجور في حكمه، وأما من يعدل في حكمه فهو كالشمس والقمر يضيئان للناس ولا ينقص من نورهما شيء.

قيل: إن الحاكم ليكابد بحراً لجياً تغشاه أمواج تيارات الظلم، فترفعه مرة وتخفضه أخرى وقلما يكابد الغرق رجل ويوشك أن يغرق إلا من عصمه الله وتفضل عليه برحمته.