1024328
1024328
روضة الصائم

روائع المساجد الأثرية العمانية - جامع «البياضة».. من أهم المنارات الدينية والتاريخية في ولاية الرستاق

29 مايو 2017
29 مايو 2017

يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس الهجري -

تخرج من مدرسته عدد من العلماء ومارس دور البرلمان السياسي على مدى قرون من التاريخ العماني -

كتب - سالم بن حمدان الحسيني -

تشتهر ولاية الرستاق بوجود عدد من الجوامع والمساجد ذات التاريخ العريق، ومن أهم تلك المعالم الدينية في الولاية جامع البياضة الذي يعتبر من أهم المنارات الدينية التاريخية في الولاية لما يمثله من بعد تاريخي حيث يعود تاريخ بنائه إلى عهد اليعاربة أي إلى القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، وهو واحد من أقدم المساجد الأثرية في السلطنة، ولا تزال حيطانه قائمة الأثر إلى الآن تؤدى فيه صلاة الجمعة، وقد حبست لإصلاحه أموال واسعة من نخيل وأراض زراعية وعقارات بما لها من السقي والري من أفلاج الرستاق، واستمر التدريس فيه إلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري، كما ذكر ذلك محمد بن إبراهيم الكندي صاحب كتاب «بيان الشرع»، وهي منذ ذلك العصر وإلى يومنا هذا قائمة العين والأثر، ولا يزال بنيانه الأول من حيطان وأقواس وأساطين لم تؤثر عليه أحداث الليالي والأيام.

وقد كان هذا الجامع صرحًا مهمًا ومجمعًا عامًا للشؤون الإسلامية حيث شهد صحنه عدة بيعات عقدت فيه على بعض أئمة عمان، وانعقدت فيه مؤتمرات دينية ومحاضرات أدبية وأبرمت فيه بنود إصلاحية قام بها رجال الدين والفكر، وقد حافظ على بنيانه القديم من جدران وأقواس وأساطين ومحراب جصي مزخرف، ويتصف بناؤه بروعة الهندسة الإسلامية العمانية، ويعد هذا الجامع مركزًا إسلاميًا حيث يضم مسجدًا، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم والنحو والفقه واللغة وعلم الكلام، وكان يدرس فيه مبادئ الدين الإسلامي وأيضًا العلوم الأدبية الأخرى كالنحو والصرف والشعر، وقد تخرج من مدرسته الكثير من رجال العلم والأدب منهم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي وأسرته العلمية والشيخ الفقيه خميس بن سعيد الشقصي وتلامذته، والشيخ ماجد بن خميس العبري والسيد فيصل بن حمود البوسعيدي وأسرة الإمام عزان بن قيس البوسعيدي، والشيخ الفقيه راشد بن سيف اللمكي، وقد مارس هذا الجامع دور البرلمان السياسي على مدى قرون من التاريخ العماني حيث يجتمع فيه أهل البلد مع الحاكم آنذاك يتدارسون فيه أمورهم الدينية والمصالح الدنيوية.

وأشار مسعود بن حمدان العبري المرشد السياحي بقلعة الرستاق، وجامع البياضة أن الجامع يشغل مساحة مستطيلة مقدارها 28.50 متر طولًا وعرضه 17.50 متر عرضا على يمين الداخل إلى قلعة الرستاق وبه بائكات موازية لجدار القبلة بكل بائكة أربعة أعمدة أسطوانية قصيرة يبلغ عددها 28 أسطوانة تحمل عقودًا زورقية غير منتظمة بعضها مدبب الشكل وبعضها الآخر منفرج وذلك لعدم انتظام المسافات بين الأعمدة وتكوّن تلك البائكات تسع بلاطات موازية لجدار القبلة الذي يتوسطه محراب جصي مزخرف يحوي الكثير من فنون الزخارف الجصية العمانية وبالجامع عددًا من فتحات التهوية يتكيف شكلها الهندسي مع البيئة العمانية، ويبلغ عدد أروقته ستة أروقة تميزت بعدد من الطرز المعمارية وتتميز هندسة هذا الجامع بوجود منافذ (أبواب) عدة للدخول، كما أن محراب الجامع يحوي عددًا من الزخارف والنقوش بأشكال متعددة في غاية الدقة والإبداع ينم عن هندسة عمانية بارعة في مجال النقش والزخرفة وتظهر في بعض جوانبه بعض العبارات الكتابية منها لفظة الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وفي وسط المحراب لفظة: (الله أكبر)، وأسقف هذا الجامع من حطب العلعلان الذي يمتاز بقوته ومتانته وضعت بعناية فنية فائقة تنم عن الهندسة البناء العماني المعهود فهو يعد جامعًا للعلم والفنون والأدب.