1012222
1012222
المنوعات

تدشين فعاليات الملتقى الحضاري العماني الجزائري

15 مايو 2017
15 مايو 2017

معرض للوثائق والمخطوطات والإصدارات العلمية وندوة علمية متخصصة -

متابعة – أحمد الكندي :-

انطلقت في العاصمة الجزائرية الجزائر بمقر المكتبة الوطنية الجزائرية فعاليات ملتقى التواصل الحضاري العماني الجزائري والذي يقام بتعاون مشترك بين اللجنة الثقافية العلمية بنادي نزوى وجمعية التراث الجزائرية، وبمشاركة ودعم من المؤسسات الحكومية الرسمية العمانية والجزائرية حيث انطلقت الفعاليات برعاية معالي السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائرية وبحضور سعادة الشيخ ناصر بن سيف الحوسني سفير السلطنة المعتمد في الجزائر وبحضور عدد كبير من السفراء العرب والأساتذة والباحثين والمهتمين بالمجال الثقافي والتاريخي والحضاري العربي والإسلامي.

حيث قام بداية معالي راعي الحفل بتدشين معرض للمؤلفات والمخطوطات العمانية والجزائرية والتي تحكي في بعض جوانبها نماذج للعلاقات الحضارية المتميزة بين الشعبين العماني والجزائري في كافة فنون العلم والمعرفة، وسيتم إهداء المعروضات للمكتبة الوطنية الجزائرية من المؤسسات العلمية العمانية، والباحثين والمؤلفين العمانيين لتعميق المودة التي يكنها الشعب العماني لأشقائه الجزائريين.

وأقيم بعد ذلك في قلعة الحمراء بالمكتبة الوطنية الجزائرية حفل خاص بتدشين فعاليات الملتقى، ألقى فيها معالي وزير الثقافة الجزائرية كلمة ترحيبية بالوفد المشارك، عبر فيها عن سعادته الغامرة بهذه الفعالية المتميزة التي عدها معاليه نموذجا يجب أن تحتذي به البلدان العربية كافة في تقوية علاقاتها الحضارية المشتركة، مشيداً بعمق التاريخ العماني الذي كان له تأثيره في الحضارة الإسلامية بل والعالمية.

ثم ألقى سعادة الشيخ ناصر الحوسني السفير العماني كلمة عبر فيها عما يكنه الشعب العماني لأخيه الجزائري من محبة عميقة متجذرة في النفوس، مستشهدا بفرحة الشاعر العماني الشيخ أبو سرور الجامعي الذي وصله خبر استقلال الجزائر وهو في قمة نخلة باسقة يجني الرطب، فمن شدة فرحته قام قبل نزوله من تلكم النخلة بكتابة قصيدة عصماء ذائعة رائعة في كلتا يديه ورجليه حتى لا تهرب من ذاكرته تلكم الأبيات.

بعد ذلك ألقى عبدالله بن محمد بن زاهر العبري رئيس اللجنة الثقافية والعلمية بنادي نزوى رئيس الوفد المشارك كلمة تحدث فيها عن فكرة إقامة الملتقى والفعاليات المصاحبة له، ثم كلمة للشيخ الدكتور محمد ناصر بو حجام، رئيس جمعية التراث، ورئيس الجانب الجزائري المنظم للملتقى رحب فيها بالباحثين والأساتذة المشاركين في تفعيل هذه التظاهرة الثقافية العلمية المتميزة.

وتواصلت فعاليات اللقاء الافتتاحي للملتقى بمجموعة من القصائد الشعرية، حيث ألقى الشيخ العالم محمد صالح ناصر قصيدة يعبر فيها عن سعادته البالغة بهذا الملتقى أسماها «معلقة القلب المعلق» ثم أتبعها الشيخ ناصر بن منصور الفارسي بقصيدة عنوانها: «هالة الإجلال» وقصيدة ثالثة للشيخ هلال بن سالم السيابي، كما تم في حفل الافتتاح عرض فلم وثائقي من إنتاج قناة الاستقامة الفضائية تعرض جوانب التواصل الحضاري بين عمان والجزائر، وأبرز المحطات التاريخية في مسيرة التواصل الحضاري بين الشعبين الشقيقين.

وكان من أبرز محطات حفل الافتتاح فقرة التكريم التي شملت نماذج مشرفة من العصر الحديث في التواصل الحضاري والثقافي والعلمي من الجانبين العماني والجزائري، فمن الجانب الجزائري تم تكريم الشيخ العالم العلامة محمد بن يوسف بن عيسى أطفيش، والشيخ العلامة إبراهيم بن عيسى أبو اليقظان من رواد الصحافة الجزائرية. والشيخ العلامة ناصر بن محمد المرموري شيخ العزابة بالقرارة.؛ والشيخ الأستاذ الدكتور محمد صالح ناصر ومن الجانب العماني تم تكريم سماحة الشيخ أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي المفتي العام للسلطنة ، والشيخ ناصر بن محمد الزيدي، والشيخ محمد بن ناصر الريامي والشيخ يحيى بن سفيان الراشدي، لحضورهم الفاعل في توطيد العلاقات العلمية والثقافية بين الشعبين الشقيقين.

فعاليات متنوعة :

وتواصلت فعاليات الملتقى من بعد الساعة الثانية مساء بندوة علمية حول موضوع «التواصل الحضاري الجزائري العماني» قُدمت فيها ست أوراق بحثية مناصفة بين الجانبين العماني والجزائري في ثلاثة مجالات وهي: «التواصل الأدبي» و«العلاقات التاريخية» و«الشخصيات والأعلام»؛ الورقة الأولى قدمها الدكتور عبدالله بن سعود أمبوسعيدي بعنوان: «التواصل بن عمان والجزائر خلال عصر الإمامة الإباضية الثانية 177هـ-280هـ» حيث بين أن الانطلاقة الحقيقية للعلاقة بين الشعبين العماني والجزائري تعود لحملة العلم العمانيين والمغاربة الذين تتلمذوا على يد المؤسس الثاني للمدرسة الإباضية ألا وهو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي في مدينة البصرة، ثم تجذرت تلكم العلاقة بعودتهم لنشر مبادئ المذهب الإباضي، هذا وقد بين الباحث في ورقته أن التواصل العماني المغاربي بصفة عامة، والتواصل بين عمان والجزائر بصفة خاصة منذ وقت مبكر من التاريخ الإسلامي، وحتى عصرنا الحاضر، نموذج للعلاقات القائمة بين المشرق والمغرب الإسلاميين.

أما الورقة الثانية في مجال «التواصل الأدبي» فقد كانت بعنوان: «الروابط الثقافية بين عمان والجزائر- قراءة في القصيدة العمانية» قدمها الأستاذ الدكتور عيسى بن محمد بن عبدالله السليماني، أستاذ النقد الأدبي بكلية العلوم التطبيقية بنزوى، وقد تناول في بحثه البعد التواصلي بين عمان والجزائر من خلال الشعر المتبادل بين أبناء البلدين، وقد انطلق موضوع الباحث من خلال ستة نماذج شعرية عمانية منتقاة من عصور متفرقة، وقد انطلق الباحث من البعد العلائقي بين البلدين، وصولا للبعد الدلالي في الخطاب النصي الشعري، متخذا منحى آخر من خلال احترام النص، وجعله صورة واحدة تتلاحم أجزاؤها لتشكل لوحة فنية واحدة، إذ أن الرؤية الكلية للنص تفرض سياقها وآلياتها، هذا وقد أوصى الباحث في ورقته بدراسة عشرات النماذج الشعرية التي تدلل على عمق العلاقات الحضارية بين البلدين الشقيقين.

وفي مجال «الشخصيات والأعلام» ألقى الباحث الشيخ خلفان بن سالم البوسعيدي، مشرف مقررات تدريس التربية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم محاضرة علمية حول الشيخة عائشة بنت راشد بن خصيب الريامية كأنموذج مشرف للمرأة العمانية الفذة التي كان لها إسهامها الفاعل، وحضورها القوي تعدى مجال العلم والثقافة والفتوى إلى النشاط السياسي المؤثر إبان الخلاف الذي وقع بين الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي الذي انتهى بموته، ودورها المحوري في تنصيب أخيه سيف بن سلطان الأول إماما على عمان، وقد استدل الشيخ بشهادات عشرات العلماء عنها، وامتداح الشعراء لها، وقد عرج المحاضر إلى تأسيس الشيخة عائشة الريامية لمدرسة خاصة لها في بهلا لنشر العلم والمعرفة، مبينا مكانتها المتميزة في مجال الفتوى وتمحيص المسائل العلمية.

ومن الجانب الجزائري استهل الباحث الأستاذ الدكتور حواس بري تقديم الأوراق البحثية من الجانب الجزائري بقراءة نقدية في كتاب «منجز العلاقات الثقافية العمانية الجزائرية من خلال فكر الشيخ قطب الأئمة محمد بن يوسف أطفيش» للباحث الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، والذي تناوله الباحث بالنقد والعرض في فصوله ومباحثه. مستعرضا الأوضاع السياسية العمانية والجزائرية في حياة قطب الأئمة، وكذلك العلاقات العمانية والحضارية بين عمان والجزائر من خلال المراسلات وتبادل الرحلات والكتب والجرائد، ومن ثم ذلك التأثير من خلال رحلات الشيخ محمد بن يوسف أطفيش ونضالاته ضد الاستعمار ودوره في وحده الأمة بشكل عام، ونسج العلاقات بين إباضية عمان والجزائر بشكل خاص ؛ أما الأستاذ محمد أحمد جهلان المحاضر بكلية الآداب بجامعة غرداية فقد قدم ورقته البحثية بعنوان: «حضور عمان في وجدان الشعراء الجزائريين، وثائق تعود إلى حوالي مائتين وخمسين سنة». الورقة البحثية توقفت في محطات مزهرة من تاريخ التواصل الجزائري العماني في العصور المتأخرة، فكانت البدايات الشعرية تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، فكانت اللقاءات في الحج بين العمانيين والجزائريين مناسبة سنوية للتعبير عن الأشواق والحنين للقاء، وفرصة للشعراء لتفجير قرائحهم الشعورية التي تعالج قضايا الأمة والتناصح لما فيه خير الشعبين ؛ وكان لعلاقة القطب الحاج محمد بن يوسف اطفيش بالإمام السالمي وبأعلام عمان وسلاطينهم وسلاطين زنجبار أثر بارز في توطيد العلاقات التي عبرت عنها جملة من قصائد الشعراء. وتأكدت هذه العلاقات بفضل الصحافة التي حمل لواءها تلاميذ القطب: الشيخ أبو إسحاق اطفيش والشيخ أبو اليقظان، فحملت صحف العالمين كثيرا من النصوص الشعرية المهمة؛ أما في العصر الحديث فإن الزيارات المتبادلة والرحلات العلمية بين شعراء البلدين أفرزت عددا من القصائد لشعراء أمثال الشاعر الدكتور محمد صالح ناصر، والشاعر الدكتور مصطفى باجو ووالده الشيخ صالح بن إبراهيم باجو رحمه الله، وغيرهم.

كما قدم الشاعر العماني أحمد بن هلال العبري ورقة بحثية عنوانها: «الحضور العماني (كتابا ومقالات) في دورية الحياة السنوية «الصادرة من معهد الحياة وجمعية التراث بجمهورية الجزائر» مبينا أنه قد تم نشر 40 مادة علمية تتحدث عن عمان ثقافة وتاريخا وحضارة، كتبها 24 شاعرا وكاتبا من الجانبين العماني والجزائري، وقد أوصى الباحث في ختام ورقته بمواصلة النشر في الدوريات العلمية المحكمة التي توطد العلاقات الثقافية والحضارية بين البلدين الشقيقين.