ahmed-ok
ahmed-ok
أعمدة

نوافـذ :من لم يزر .. (NASA)

12 مايو 2017
12 مايو 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

كانت لي فرصة الزيارة لمركز كنيدي (NASA) لعلوم الفضاء بولاية فلوريدا، هذه الهائلة بحجم مكوناتها من سفن الفضاء، وبتعقيداتها التقنية والتكنولوجية، وبدهشتها التي تضعها على جبين زائرها للوهلة الأولى، والتي تعود فكرة لحظة ميلادها الى الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي، وهي المحطة التي انطلق منها هذا الإنسان البسيط، بمقدراتها الجسمانية، والقوي بمقدراتها الذهنية والعقلية، إلى الفضاء الرحب، ونزوله إلى سطح القمر، وسعيه الحثيث اليوم إلى زيارة كواكب أخرى على امتداد هذا الفضاء الذي يتسع كلما أيقن الإنسان أنه كسب رهان السيطرة على شيء من أجزاء الكون الواسع بما يشاء الله أن يكون.

سجلت مركبة الفضاء «أبولو» أو استحقاق بشري لغزو الفضاء، كمفهوم جديد في قائمة الـ«غزوات» البشرية، التي لم تتسعها الأرض على امتدادها الجغرافي، فكان الفضاء خير من يلتهم هذا الطموح البشري الكبير، وهي أول محطة أتاحت الفرصة لرائد الفضاء «نيل أرمسترونج» كأول رائد فضاء يضع قدميه على سطح القمر في عام 1969م، ومن بعده من رواد الفضاء؛ حيث تشير بعض المصادر إلى أن: «هناك (38) من رواد الفضاء قاموا برحلات إلى الفضاء على مركبات فضائية من نوع «أبولو»، منهم (29) رائد فضاء اشتركوا في برنامج «أبولو» والآخرون يشتركون في بعثات «سكايلاب وأبولو – سويز» وأن الذين غادروا الأرض وقاموا برحلات إلى القمر بلغ عددهم (24) رائد فضاء، و(12) من هؤلاء قاموا بالهبوط على سطح القمر، ومن ضمنهم (6) قاموا بقيادة عربة قمرية على سطح القمر» وتؤكد نفس المصادر انه تم في الفترة ما «بين 1968 أبولو 8 – وهي الرحلة الأولى لرواد الفضاء للذهاب إلى القمر - وديسمبر 1972 أبولو 17 القيام بـ (9) بعثات إلى القمر».

في معرض مركز كيندي لعلوم الفضاء، حيث المساحة المعرفية التاريخية والمستقبلية المتاحة لزوار المركز، تدهشك التقنيات الفضائية، وتدهشك هذه القوة الجبارة عند هذا الإنسان الذي استطاع بفكره وطموحه أن يتجاوز محيطه الأرضي والتفكير جديا في رحلاته الى الفضاء واستكشاف ما تكنه عظمة الخالق الجبار في هذا الكون اللامتناهي، يدهشك هذا القرب المخيف للنجوم والكواكب، ومداراتها، تدهشك أكثر عظمة هذا الخالق الجبار العظيم الذي أتقن خلق هذا الكون بكل ما فيه، وبمسارات متوازنة ومتوازية لا يصطدم أحد مكوناته بالآخر، هذه الدهشة، وهذا الانفعال المعنوي هو الذي أعاد كثيرا من هؤلاء العلماء إلى الاستسلام المطلق بوجود رب هذا الكون، وباليقين الأكيد أن هذا الكون وبما فيه لم يكن خلقا عبثيا، ولم يكن خلقا مصادفيا، ولذلك كانوا هم الأقرب إلى العودة إلى الله -عز وجل- والاستسلام لأمره وتعاليمه.

تتعرف في هذا المعرض على التفاصيل الدقيقة لهذا الفكر الفضائي الرهيب الذي يقوده الإنسان بما أتاه الله من علم ومعرفة، وبما أودع فيه من أسرار القوة الذهنية والفكرية، وبما أوجد فيه من طموحات لا تحدها حدود، ولا تقف دونها عراقيل، في هذا المعرض تتعرف فيه على حياة رائد الفضاء في الفضاء، عندما يعيش في قمرة قيادة «الكبسولة» التي لا تتجاوز مساحة قمرتها مترا مربعا واحدا فقط، وكيف لهذا الإنسان أن يعيش ما خصص له من أيام تصل إلى الأشهر، كل ذلك ليحظى بمعلومة فضائية لعل لها أن تكشف له الكثير من حجب الكون المخفية، في هذا المعرض تتملكك الرهبة من تقريب مسارات النجوم والكواكب بأحجامها المتخيلة، وكيف يحدث كل ذلك دون أن يصطدم احدهما بالآخر، في هذا المعرض تتيقن مع قرارة نفسك أن لا حدود لطموحات الإنسان، ولا صعاب تقف دون تحقيقها، وتبقى الإرادة الإنسانية الجبارة، الممتدة قدرتها من عظمة خالقها رب العالمين.