أفكار وآراء

الموازنات المالية « 2017 - 2020» في ضوء أسعار النفط

06 مايو 2017
06 مايو 2017

د. محمد رياض حمزة -

في نوفمبر 2015 توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تستعيد السوق النفطية توازنها تدريجيا وتستقر على سعر يقارب 80 دولارا للبرميل بحلول عام 2020 حيث يتوقع تناقص الإمدادات. وإنه من غير المستبعد إمكانية بقاء الأسعار متدنية لفترة طويلة. وأوردت وكالة الطاقة الدولية في دراستها الاستطلاعية السنوية أن «عملية تكيف السوق النفطية نادرا ما تحصل بشكل هادئ، لكن بحسب السيناريو الرئيسي فإن السوق ستستعيد توازنها بمستوى 80 دولارا للبرميل عام 2020 مع مواصلة الأسعار ارتفاعها بعد ذلك».

وفي مايو 2016 توقع بنك “جولدمان ساكس” الأمريكي أن يتواصل تداول أسعار النفط عند مستوى يتراوح بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل حتى عام 2020. بسبب تحسن إنتاجية النفط الصخري وتواصل قوة المعروض من قبل منظمة “أوبك”. وأشار البنك إلى أن الأسواق لا تزال تتأثر بقوى انكماشية لأسعار النفط على المدى البعيد، بفعل رفع تقديرات إمدادات دول “أوبك”، وإنتاجية النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وفي مارس 2017 توقع استطلاع نظمته المجموعة المالية «هيرميس» أن تتراوح أسعار النفط العالمية بين 50 و 60 دولارًا للبرميل مع نهاية عام 2017، بنسبة مشاركين وصلت إلى 62%. وأكدت «هيرميس» أن نحو 26% من رأوا أن سعر برميل النفط قد يصل إلى 60 و70 دولاراً للبرميل، فيما توقع 7% أن يصل إلى 50 دولاراً خلال العام الجاري.

وبعد أن تسبب انهيار أسعار النفط خسائر فادحة لمصدري النفط وفي نوفمبر2016 اتفق أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، على خفض إنتاج المنظمة من النفط بـ1.2 مليون برميل في اليوم مع بداية عام 2017. وبموجب الاتفاق، سيتراجع إنتاج دول أوبك من 33.6 مليون برميل في اليوم إلى 32.5 مليون برميل في اليوم بحلول يناير المقبل. وارتفعت أسعار النفط الخام بحوالي 9% لتصل إلى 49.20 للبرميل مع التوصل أخيرا إلى الصفقة التي انتظرتها الأسواق طويلا. وبالرغم من التزام معظم المنتجين من (أوبك) وخارجها بالخفض إلا إن أسواق النفط لم تتأثر بالخفض. وخلال الربع الأول من 2017 بقيت تناور حول 50 دولارا للبرميل.

التوقعات تؤكد أن سعر برميل النفط سيبقى يناور بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل وحتى عام 2020. وذلك السعر غير مجد لمعظم المنتجين سواء لدول منظمة (أوبك) او خارجها التي تعتمد مواردها المالية على عوائد نفطها المُصدر. ويمكن استثناء الكويت والعراق والسعودية وإيران التي تحقق أرباحا بسبب الكلفة المنخفضة لاستخراج النفط، وحتى هذه الدول فإن عوائدها المالية قد تضررت بهبوط أسعار النفط.

ويمكن القول إن الإدارة المالية للسلطنة تتدبر توفير السيولة لتمويل الإنفاق العام لموازنة 2017. وذلك من خلال إصدار أذون خزانة وصكوك تنمية... وغيرها في إطار الدين الداخلي. إلا أن أربع سنوات مقبلة، مع بقاء سعر برميل النفط بين 50 و 55 دولارا، فإن اقتصاد السلطنة بحاجة لتفعيل تدابير غير تقليدية تؤمن السيولة لموازنات ثلاث سنوات مقبلة.

تواتر الإنفاق العام متصاعدا في موازنات السلطنة بين 2011 إلى 2014 لاستكمال مشاريع البنية الأساسية التي وردت في خطة التنمية « السلطنة 2020». وبالعودة إلى موازنتي 2013 و2014 فإنهما كانتا الأكثر إنفاقا لتحقيق نمو 5% في الناتج المحلي الإجمالي، ولم يكن بحسبان إدارة الاقتصاد الوطني أن تبدأ أسعار النفط بالانهيار متسارعة بعد منتصف 2014. وبدأ التفكير الجدي بضرورة توفير بدائل للموارد المالية في موازنتي 2016 و2016 عندما تدنى سعر البرميل إلى 30 دولارا.

لعل من الحلول التي تلجأ لها الحكومات وقت الأزمات لتأمين الموارد التي يمكن أن تعزز المالية العامة للدولة اللجوء للخصخصة. وبما أن السلطنة ماضية في العمل لتخصيص كافة المشاريع الحكومية القائمة. غير أن عملية التخصيص التي كانت هدفا لخطتي التنمية الخمسية السابعة والثامنة، إلا أن تنفيذ التخصيص بقي مؤجلا.

• ففي موازنة 2015 ورد ما يلي بشأن برنامج التخصيص «يتم حالياً إعداد خطة لتخصيص عدد من الشركات الحكومية، بحيث يتم تنفيذه على مدى السنوات الثلاث المقبلة (2015 – 2017م)، وسوف يتم البدء في تنفيذ الخطة فور اعتمادها. نظراً لتأثيرات انخفاض أسعار النفط على الموازنة العامة للدولة، كان لابد من اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية المؤقتة التي تقوم الحكومة بتدارسها في سبيل الحفاظ على سلامة واستقرار الوضع المالي والاقتصادي ومكتسبات التنمية، إلا أن تلك الإجراءات لن تؤثر على الجوانب المرتبطة بحياة المواطنين ومعيشتهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم، وكذلك التوظيف في القطاعين العام والخاص إلى جانب مستحقات الموظفين والعاملين بالدولة، باعتبارها من الثوابت الأساسية للحكومة.»

• وفي موازنة 2016 ورد ما يلي: «سيتم البدء في تنفيذ برنامج التخصيص وفقا للإطار العام المعد للسنوات ( 2016 ــ 2020). وتحديد الأصول التي سيتم تخصيصها خلال عام 2016 فور الانتهاء من الدراسة الاستشارية الجاري إعدادها حاليا. ويهدف برنامج التخصيص إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة المشروعات وتوسيع قاعدة الملكية وتعميق دور سوق الأوراق المالية».

• وفي موازنة 2017 ورد ما يلي عن برنامج التخصيص « تم الشــروع في عام 2016م بتنفيذ برنامج التخصيص وفقاً للإطار العام المعد للسنوات 2016م - 2020م حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى بتأسيس شركات قابضة على مستوى كل قطاع وإحالة حصص الحكومة في الشركات المحلية والخارجية إلى الشركات القابضة. كما تم تحويل ملكية بعض الشركات إلى الصناديق السيادية تمهيداً لخصخصتها، مع الأخذ في الاعتبار الجدوى الاقتصادية لتخصيص كل شركة وملاءمة وضع سوق الأوراق المالية، وفي هذا الصدد تم الانتهاء من إعداد الدراسات الاستشارية المالية والقانونية والفنية المتعلقة بتخصيص شركة مسقط لتوزيع الكهرباء وهي إحدى الشركات التابعة لشركة الكهرباء القابضة والمملوكة بالكامل من قبل الحكومة، ومن المتوقع أن يتم استكمال وضع الآليات المتعلقة بمتطلبات تنفيذ مشروع تخصيص شركة مسقط لتوزيع الكهرباء خلال النصف الأول من عام 2017م. علما بأن تنفيذ برنامج التخصيص سوف يستمر خلال السنوات المقبلة باعتباره إحدى الأدوات الأساسية التي ترمي إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي توسيع قاعدة الملكية والمشاركة وتعميق سوق رأس المال في السلطنة. وخلال ثلاث سنوات لم يتم إنجاز تخصيص أي من المشاريع الحكومية. وقد يتم خلال النصف الثاني من العام الحالي تحصيل موارد مالية من إنجاز خصيص إحدى الشركات. تسهم في سد العجز بموازنة 2017. “

ولدى السلطنة أكثر من 60 شركة مملوكة للدولة في شتى القطاعات.وإن الحكومة ممثلة في مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة وجهت بدراسة تخصيص عدد من الشركات الحكومية التابعة لشركة النفط العمانية وطرحها للاكتتاب العام خلال العام الجاري، وأن الدراسة تشمل ثلاث شركات وهي شركة صلالة للميثانول المملوكة بنسبة 90% لشركة النفط العمانية التابعة للدولة، وشركة أخرى متخصصة في صناعة الألمنيوم بمنطقة صحار، إضافة لشركة أبراج (شركة عمانية عاملة في مجال الحفر والتنقيب) ولدى الحكومة أيضا توجه لتخصيص جزء من الشركات التابعة للشركة العمانية للمصافي والبتروكيماويات «أوربك».فعملية التخصيص أنْ نفذت خلال خطة التنمية الخمسية التاسعة فإن موارد مالية سيتم توفيرها للإنفاق العام في الموازنات ولسد العجز في ما سبق من الموازنات.

ومن الحلول الأخرى لإرساء أسس اقتصاد السوق للسلطنة ولتأمين موارد مستدامة لمالية الدولة، وتحفيز القطاع الخاص لمزيد من الإسهام في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة فلابد من تشريع نظام ضرائب فاعل يستوفي الحقوق المالية من أرباح أنشطة وفعاليات منشآت وشركات القطاع الخاص الإنتاجية والخدمية والتجارية.

[email protected]