mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية: إعادة هيكلة الشركات والأخطاء المتكررة

02 مايو 2017
02 مايو 2017

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

شهدت السنوات الماضية قيام عدد من شركات المساهمة العامة بإعادة هيكلة رؤوس أموالها بعد أن تآكلت بصورة كبيرة تجاوزت 75%، و«تآكل رأس المال» هو مصطلح يتم استخدامه للحديث عما تفقده الشركة من رأسمالها، فإذا كان رأسمال الشركة 10 ملايين ريال عماني ولديها خسائر متراكمة بمقدار 5 ملايين ريال عماني، ولم تكن لديها أي احتياطيات فإن هذا يعني أن رأسمالها تآكل بنسبة 50%.

وبحسب التشريعات المعمول بها في قطاع سوق رأس المال بالسلطنة فإن تآكل رأسمال الشركة بنسبة كبيرة يقتضي أن يقوم مجلس إدارة الشركة بالدعوة إلى عقد اجتماع للجمعية العامة غير العادية لبحث الخطوات التي ينبغي اتخاذها سواء بضخ رأسمال جديد أو تصفية الشركة، ويقدم مجلس الإدارة عددا من الخيارات للمساهمين للموافقة عليها، وينبغي أن يحضر الاجتماع ما لا يقل عن 75% من أسهم الشركة.

غير أنه من الملاحظ أن العديد من الشركات التي قامت خلال السنوات الماضية بإعادة هيكلة رأسمالها وضخ سيولة جديدة فيها لم تحقق النجاح المنشود، وهو أمر يستحق دراسة موسعة من قبل المختصين في قطاع سوق رأس المال أو المؤسسات البحثية الموجودة في السلطنة، غير أننا نشير إلى أن عدم نجاح بعض هذه الشركات يعود إلى أنها ظلت - بعد إعادة هيكلة رأس المال - تعمل بنفس الوتيرة التي كانت تعمل بها سابقا، وكثير من هذه الشركات لم تقم بتغيير الإدارة التنفيذية فيها، وإنما أبقت عليها وهو - من وجهة نظرنا - خطأ فادح، فالإدارة التنفيذية التي أحدثت كل تلك الخسائر للشركة في عهدها لابد أن تتغير، إذ يجب أن تدار الشركة - بعد ضخ سيولة جديدة فيها - بعقلية جديدة تتعامل مع المستجدات الحديثة.

والأمر نفسه ينطبق على مجالس إدارات الشركات التي تقوم بإعادة هيكلة رؤوس أموالها، إذ لا نجد مسوّغا لبقاء مجلس الإدارة السابق بعد إعادة هيكلة الشركة وعليه أن يسلمها إلى مجلس إدارة جديد يستطيع تحقيق النجاح الذي يتطلع إليه المساهمون، وفي كثير من الأحيان لا يكون سبب الخسائر هو مخالفات مالية تقع فيها الشركة وإنما يكمن السبب في الفلسفة التي تدار بها الشركة والتي لا تتوافق مع ما يشهده الاقتصاد أو القطاع الذي تعمل فيه الشركة من تغير أو نمو.

وقد لاحظنا خلال السنوات الماضية عددا من التجارب الناجحة محليا ودوليا كان أبرز أسباب نجاحها هو تغيير الإدارة التنفيذية أو مجلس الإدارة فيها، وعلى سبيل المثال يمكننا - على الصعيد العالمي - النظر إلى ما حققه كارلوس غصن من نجاح لشركة نيسان العالمية بعد أن كانت في عام 1999 على حافة الإفلاس، كما يمكننا الإشارة محليا إلى دخول الشيخ سهيل بهوان في مجلس إدارة البنك الوطني العماني ليعيد البنك إلى الحياة الاقتصادية من جديد، وهناك العديد من النماذج الناجحة، مع التأكيد على أن هذا النجاح كان أبرز أسبابه هو تغيير إدارات الشركات لتعمل وفق رؤية جديدة.

إن كثيرا من عمليات إعادة الهيكلة التي من المتوقع أن تقوم بها خلال الفترة المقبلة عدد من شركات المساهمة العامة المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية التي تآكلت رؤوس أموالها بنسبة كبيرة قد لا يكتب لها النجاح إذا بقيت تعمل بنفس مجالس الإدارة الحالية وإداراتها التنفيذية لأن ضخ سيولة جديدة في الشركة ليس هو وحده الذي يحقق النجاح للشركات وإنما الإدارة الجيدة هي سر نجاح الشركات.