الملف السياسي

لن تقع مواجهة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية

01 مايو 2017
01 مايو 2017

عبدالله العليان -

بدأت الأزمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، منذ سنوات، وتفاقمت بصورة معلنة في 2013، عندما أطلقت كوريا الشمالية، القمر الصناعي كوانج ميونج سونج 3، مما ساهم في زيادة التوتر بين البلدين.

دخلت اليابان كمعارض لهذا القمر الكوري الشمالي، لكن الأزمة هدأت عندما التقى مبعوثان من الكوريتين، لإنهاء التوتر القائم آنذاك، وتم الاتفاق على إعادة فتح منطقة كيسونغ الصناعية، بعد هذا اللقاء الذي تم في 10 سبتمبر 2013. ثم بدأت التوترات تعاود بين الطرفين بين الفينة والأخرى، بعد معاودة كوريا الشمالية لأنشطتها النووية والتقليدية، وهو ما أعاد الأزمة إلى مربعها الأول، بعد التحدي الكوري الشمالي وعدم الاستجابة للانتقادات الأمريكية والأممية، وقيامها باستعراض القوة، والتهديد بمواجهة الولايات المتحدة، بضرب القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية، التي يسميها المسؤولون الكوريون الشماليون بـ«قواعد الشر» في شبه الجزيرة الكورية، وذكرت صحيفة رودونج سينمون الصحيفة الرسمية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية انه «في حال توجيه ضربتنا الوقائية المهولة فلن تمحو فقط القوات الغازية الإمبريالية الأمريكية تماما وعلى الفور في كوريا الجنوبية والمناطق المحيطة بها بل في الأراضي الأمريكية ذاتها وتحولها إلى رماد» - حسب زعمها - وقد اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفا متشددا من التحدي الكوري الشمالي في الأزمة الحالية، وتذكر بعض الأنباء أن الرئيس ترامب «أمر الجنرالات في البنتاجون بإخراج سيناريوهات الحرب في عدد من المناطق التي تهدد المصالح الأمريكية، وأن قرار الضربة العسكرية على كوريا بانتظار إشارة سيد البيت الأبيض، ترامب، إذ لم يستبعد مراقبون أن يتكرر سيناريو الضربة العسكرية الأمريكية ضد سلطة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، مع نظام «كيم جونغ أون» في بيونج يانج، خصوصًا أن التحرك العسكري الأمريكي في سوريا تزامن مع تصاعد احتمالات المواجهة العسكرية في شبه الجزيرة الكورية».

وقال تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي، في أحد المؤتمرات الصحفية بعد الأزمة الأخيرة : «نحن نراجع حالة كوريا الشمالية برمتها سواء فيما يتعلق بكونها دولة راعية للإرهاب وأيضا السبل الأخرى التي تمكننا من ممارسة ضغط على بيونج يانج لتعود للتواصل معنا لكن على أساس مختلف عن المحادثات السابقة».

كما قام مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي بزيارة لكوريا الجنوبية، وأعرب بينس أثناء عشاء مع عائلات جنود أمريكيين في كوريا الجنوبية، عن دعم بلاده لكوريا الجنوبية في أي تهديد تشكله بيونج يانج، مؤكدا تحالف واشنطن مع كوريا بلغ أقوى مستوياته من أي وقت مضى.

وأضاف: «إن الاستفزاز الشمالي هذا الصباح - صباح ذلك اللقاء - هو الأخير في سلسلة أعمال تذكر بالمخاطر التي يواجهها كل فرد بينكم يوميا للدفاع عن حرية شعب كوريا الجنوبية والدفاع عن أمريكا في هذه الناحية من العالم». لكن هذه الزيارة روتينية، وليس لها تلك الأهمية العسكرية أو التحضيرية للحرب، لكنها تعني أشياء كثيرة لحلفاء كوريا الشمالية، خصوصا روسيا الاتحادية، خاصة أن الغضب الأمريكي كان ظاهرا من التصريحات النارية والقوية من المسؤولين الكوريين تجاه الولايات المتحدة، وتذكر بعض المعلومات أن الأمريكيين استطاعوا أن يفشلوا عملية إطلاق تجربة صاروخية لكوريا الشمالية، من خلال هجمات إلكترونية أمريكية، وهذا يعني أن الوسائل الإلكترونية هي إحدى وسائل الحرب ضد كوريا الشمالية، بدلا من الحروب العسكرية، التي لن تكون لصالح كل الأطراف في شبه الجزيرة الكورية، كما أن كوريا الجنوبية، لا تريد هذه المواجهة، ولن تستفيد الكوريتان، من حرب ربما تستخدم أسلحة محرمة دوليا، قد تدمر ما بنته كوريا الجنوبية، من نهضة صناعية وعلمية كبيرة. ولذلك فإن التحرك السياسي، وتهدئة المواقف بين الطرفين قد يحقق الاتفاق بين الكوريين أنفسهم. وتسعى الصين إلى حل من خلال بعض المقترحات التي تنزع فتيل الأزمة، ومنها تعليق الأنشطة بصورة متوازية، وقال وزير الخارجية الصيني: إن «نزاعًا قد يندلع في أي لحظة».

وأضاف: إن الجهة التي ستبادر إليه «ستتحمل مسؤولية تاريخية وتدفع الثمن» مؤكدًا أن «الحوار هو الحل الوحيد». ويقوم الحل الصيني، كما تذكر بعض المصادر السياسية المطلعة، الذي اقترحته الصين منذ عدة أسابيع، يقوم على التعليق مقابل التعليق، أي أن توقف بيونج يانج أنشطتها النووية والباليستية، فيما توقف واشنطن مناوراتها العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، وهي تدريبات سنوية يعتبرها الشمال استفزازًا له. أما روسيا فقد دعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وحذرت من «أي عمل يمكن أن يفسر على أنه استفزاز، معربة عن قلقها الكبير. واتفق كل من الصين وروسيا على إعادة جميع الأطراف المتناحرة إلى طاولة المفاوضات».

القضية الكورية، قضية قديمة منذ الخمسينيات، عندما جرت الحرب في شبه الجزيرة الكورية عندما دخلت القوات الكورية الشمالية، الخط الفاصل بينها وبين كوريا الجنوبية في عام 1950، وكادت تقع حرب عالمية ثالثة آنذاك، وجاء تدخل الولايات المتحدة في هذه الحرب، لكن بغطاء أممي، لإعادة الوضع كما كان عليه في السابق كدعم لكوريا الجنوبية، حيث اتجهت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن واستصدار قرار في غياب الاتحاد السوفيياتي (آنذاك)، وينص على اتخاذ عقوبات عسكرية، ضد كوريا الشمالية، فتشكلت وفق القرار قوة تتكون من 16 دولة كما جاء في القرار، وتحقق للولايات المتحدة ما خططت له في طرد الشيوعيين من العاصمة سول، بل إن التدخل الأممي اجتاح حتى أراضي كوريا الشمالية، لكن الصين تدخلت من خلال إرسال متطوعين لمواجهة القوات الأمريكية والأممية، فتراجعت الولايات عن خطتها في المواجهة مع كوريا الشمالية وإبقاء الوضع كما كان عليه قبل الحرب، التي كادت تنذر بحرب كونية، لذلك فإن الظروف الراهنة للأزمة الكورية لا تجعل المواجهة أكيدة ومتوقعة، بل إن الحرب التكنولوجية هي التي ستكون فاعلة في الأزمة الحالية، على الرغم من المواجهات الإعلامية الكبيرة.