997116
997116
عمان اليوم

أمين منظمة المدن العربية: مسقط نموذج في المحافظة على تاريخها وحضارتها ومكانتها الاجتماعية

29 أبريل 2017
29 أبريل 2017

997115

المنظمة تضم تحت سقفها أكثر من 500 مدينة عربية -

اعتزازاً بالشراكة التي تربط مدينة مسقط بمنظمة المدن العربية التي تحتفل هذا العام بيوبيلها الذهبي تحت الشعار «خمسون عاماً في خدمة المدن على طريق النمو المستدام»، فقد انفردت بلدية مسقط بحوار خاص مع معالي الأمين العام لمنظمة المدن العربية أحمد بن حمد الصبيح حول تاريخ المنظمة ودورها الحضري على مستوى المدن العربية.

الجدير بالذكر أن بلدية مسقط تفتخر بالحصول على عدد من الجوائز في مسابقات عدة أطلقتها المنظمة منها على مستوى المعمار لمبنى البلدية، وأخرى حول التشجير، بالإضافة إلى جائزة تخص تجميل المدن وغيرها من الجوائز ذات الصلة. كما أن للمنظمة الدور الاستراتيجي على مستوى المنطقة العربية في وضع خارطة النمو المستدام، والتعاون مع المدن الأعضاء في دراسة وتخطيط وتنسيق نشاطاتها وخدماتها المختلفة، سعياً لتحقيق أهدافها في التنمية والتقدم بما يتفق وواقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي.

تحدث معالي أحمد بن حمد الصبيح بدايةً حول تاريخ المنظمة قائلاً: في الخامس عشر من مارس عام 1967م تم تأسيس منظمة إقليمية عربية، أخذت على عاتقها النهوض بالمدينة العربية وساكنيها، ووضعت لنفسها نهجاً، ورؤية ورسالة تتمحور حول التنمية، تنمية وتحديث المؤسسات البلدية والمحلية في المدن العربية، وتحسين الخدمات والمرافق والعمل على تطويرها من خلال برامج وخطط وأبحاث ودراسات تتولاها مؤسسات تابعة لمنظمة المدن العربية. ورؤية المنظمة ورسالتها كانت ولا تزال وستبقى المظلة والبيت الجامع للمدن العربية، بعيداً عن أي نشاط سياسي أو عقائدي. وقد سجلت المنظمة التي تتخذ من الكويت مقراً دائماً لها، نجاحات مشهودة تجسدت في إقبال المدن والبلديات العربية على الانضمام إلى المنظمة، بهدف الاستفادة من خدماتها وعلاقاتها وشراكاتها على طريق تعزيز العيش الكريم والآمن لجميع سكان المدينة، وإدماجهم في التنمية المستدامة.

وبسؤالنا حول عدد المدن العربية الأعضاء في المنظمة فقد أجاب: انطلقت المنظمة من الكويت قبل خمسين عاماً بمبادرة من 27 مدينة عربية. واليوم تضم أكثر من خمسمائة مدينة، وهذا دليل على ثقة المدن بالكيان الذي اختارته ليكون كما ذكرنا بيتاً جامعاً للمدن والبلديات والحواضر والأرياف في وطننا العربي الكبير.

وأجاب معاليه حول كيفية تقييم المنظمة لأهدافها التي تحققت على مدى خمسين عاماً مشيراً إلى أهداف المنظمة الثمانية إذ قال: وضعت المنظمة لنفسها ثمانية أهداف في مقدمتها الحفاظ على هوية المدن العربية وتراثها، والتعاون مع المدن الأعضاء في دراسة وتخطيط وتنسيق أنشطتها وخدماتها المختلفة سعياً وراء تحقيق أهدافها في التنمية والتقدم، وبما يتفق وواقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، فضلاً عن تبادل الخبرات والتجارب الرائدة، وبناء شبكة اتصالات وتعاون فاعلة مع المنظمات العربية والإقليمية والدولية ذات العلاقة بنشاط المنظمة. وفي وسعنا القول بأن ما حققته المدن العربية من تطور ونمو يترجم في موقع أو أكثر أهداف المنظمة، والغايات التي أنشئت من أجلها.

شعار المنظمة هذا العام

أشار معالي أحمد بن حمد الصبيح إلى شعار المنظمة هذا العام قائلاً: لقد احتفلت المدن العربية في الخامس عشر من مارس 2017م بذكرى مرور خمسين عاماً على تأسيس المنظمة وهي فترة زمنية أطول من أن تختصرها عشرات السنين، حيث عملت القيادات التي توالت على إدارة شؤون المنظمة على خدمة المدينة والمساعدة في تأمين احتياجاتها من الدورات التدريبية لرفع كفاءة وقدرات العاملين في أجهزتها البلدية. ولقد نشرت المنظمة رسالتها وحققت أهدافها في صورة ندوات ومؤتمرات إقليمية ودولية، كما رفعت سقف إنجازاتها إلى شراكات مع المانحين والداعمين، فاتحة لأعضائها من المدن والبلديات العربية النوافذ والأبواب أمام كل ما هو جديد في عالم المدن. وقد جسّد شعار احتفالية المنظمة بيوم المدينة العربية هذا العام واقع المدينة وارتباطها بمنظمة تعكس توجهاتها وتطلعاتها وتساعدها على اللحاق بقطار الحداثة والمعاصرة لتسهيل أمور مواطنيها وتقديم أفضل الخدمات البلدية لساكنيها.

أما حول البرامج والفعاليات التي تنظم على مستوى المدن العربية فقد أشار معالي أحمد بن حمد الصبيح بالقول: البرامج والفعاليات التي تضعها وتخطط لها المنظمة تترجم ما يصدر عن الندوات أو حلقات العمل التي تنفذها المؤسسات التابعة للمنظمة من قرارات وتوصيات. وهي برامج وفعاليات دورية تستضيفها عواصم ومدن تشعر أنها بحاجة للاستفادة من مخرجاتها ومن الأبحاث وأوراق العمل التي تتم مناقشتها. بمعنى أن أنشطة المنظمة ومؤسساتها لا تتوقف عند برنامج محدد، وإنما تغطي مجمل القطاعات التي تتصل بالعمل البلدي من تخطيط المدن إلى التخضير والتجميل، والنقل، والبيئة، إلى العشوائيات، واجتثاث الفقر وغير ذلك من الموضوعات.

تشريعات ونظم

وعن مدى ما حققته المنظمة التزاماً بأحد أهم أهدافها وهو «العمل على تطوير وتوحيد النُظم والتشريعات البلدية بما يتفق ومتطلبات تطوير المدينة العربية». فقال معاليه: إن تطوير النظم والتشريعات البلدية مسألة تحظى بالأولوية، فالمدينة العربية اليوم هي غيرها قبل خمسين عاماً، حيث تشهد المنطقة العربية نمواً سكانياً ملحوظاً وارتفاعاً غير مسبوق في معدلات التحضر، حيث يعيش 56% من السكان في المناطق الحضرية. هذه العملية المتسارعة في النمو السكاني تتطلب إصدار قوانين واعتماد تشريعات تنسجم مع متطلبات واحتياجات الساكنين، وبالتالي فإن النمو الحضري والسكاني في مدينة مليونية كالقاهرة يختلف عن غيره في المدن الصغيرة والمتوسطة. بمعنى أن القوانين والنظم والتشريعات البلدية يفترض أن تتفق ومتطلبات الساكنين والنمو الحضري.

العمل البلدي لمسقط

فازت مدينة مسقط بعدد من الجوائز في المسابقات التي أطلقتها المنظمة منها على مستوى المعمار لمبنى البلدية، وأخرى حول التشجير، بالإضافة لجائزة تخص تجميل المدن وغيرها من الجوائز ذات الصلة. مما يفرض سؤالاً حول رؤية ومنظور المنظمة لهذه المسابقات على أنها مفيدة ومحفزة للمدن من جانب. وكيف يُــنظر لتجربة مدينة مسقط في العمل البلدي وأهدافه ومسؤولياته، وقد أجاب الصبيح على هذا الطرح قائلاً: مدينة مسقط، مدينة نشطة وفاعلة في المنظمة، وهي قريبة من البرامج والندوات والمؤتمرات التي تقيمها المنظمة ومؤسساتها. وعندما تحصل مسقط على جوائز في تخضير وتجميل وتشجير المدن، وتحصل كذلك على جوائز معمارية، فهذا يعني أن المدينة قريبة جداً من المنظمة، وحريصة على الاستفادة من عضويتها فيها. ونحن الآن بصدد تطوير جوائز المدن العربية بغية الإفساح في المجال أمام جميع المدن الأعضاء للدخول في المنافسة بما يغطي مجمل القطاعات التي يتشكل منها النسيج الحضري في المدينة. وهناك جوائز جديدة تحمل عنوان جائزة «المدينة العربية المبدعة» وجائزة «المدينة العربية المرنة» و«جائزة المدينة العربية للتميز والتحول الإلكتروني والذكي»، هذا بالإضافة إلى الجوائز الأخرى التي تتصل بالبيئة والتراث العمراني والمعماري.

النهوض الخدمي للمدن

وصف معالي أحمد بن حمد الصبيح النهوض الخدمي والاقتصادي للمدن العربية قائلاً: لا تختلف رؤيتنا للمدينة العربية عن رؤية المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى التي تعنى بقضايا المدن والساكنين، وتتمثل رؤيتنا في تمكين المدينة العربية في تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030م، ومن بينها القضاء على الفقر المدقع في جميع أشكاله في سياق التنمية المستدامة، وبناء أسس الرخاء الدائم للجميع. ولا شك أن النهوض بقطاع الخدمات في المدينة العربية مسؤولية تتحملها المدن والفاعلين من سكانها، وجميع الشركاء الآخرين من القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني والجامعات والمعاهد التعليمية والمانحين والمستثمرين من داخل الدولة وخارجها، فالخدمات الجيدة التي تقدمها السلطة المحلية أو البلدية تسهم في جعل المواطن ساكن المدينة يحرص على البقاء فيها ولا يغادرها، وهي مسؤولية متكاملة تقع على عاتق جميع الفاعلين في المدينة. وما نقوله عن النهوض الخدمي ينسحب على النهوض الاقتصادي، حيث يعتبر اجتثاث الفقر ورفع مستوى الدخل لساكني المدينة مسؤولية محلية بلدية بموجب الأجندة التنموية الجديدة التي أقرتها دول العالم في سبتمبر 2015م في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الهوية المعمارية

وبسؤالنا عن ما إذا كان هناك هوية معمارية واضحة للمدن العربية تتسق مع التطور العمراني دون أن تتدخل المدنية الصاعدة في طمس معالم هذه المدن العربية وتاريخها وحضارتها ومكانتها الاجتماعية فقد أجاب الأمين العام بالقول: تتميز المدينة العربية بهوية معمارية تراثية لا تخلو من الحداثة، فالمدينة العربية كانت وستبقى متناغمة مع محيطها الطبيعي، وبما يتلاءم مع نسق التطور والحداثة. ونحن في منظمة المدن العربية لدينا مؤسسات تهتم بالمدينة بكافة قطاعاتها وإداراتها باعتبار أن ما يميز المدينة العربية عن غيرها هو التمازج الاجتماعي، واختلاط الأجيال وتمسك مجتمعاتها وساكنيها بالقيم الاجتماعية والثقافية ذات العلاقة بالدين والتراث والهوية. ولعل مدينة مسقط بتراثها ومبانيها المعاصرة تشكل نموذجاً للمدينة العربية الصاعدة والمحافظة على تاريخها وحضارتها ومكانتها الاجتماعية.

خطط مستقبلية

واختتم معالي الأمين العام لمنظمة المدن العربية حديثه مشيراً إلى جهود المنظمة المستقبلية، حيث قال: تضع المنظمة اعتباراتها في عمل برامج وخطط تخدم المدينة العربية وتحفزها على الدخول في المنافسة، ليس فقط في محيطها العربي وإنما في محيطها الإقليمي والدولي، لأن المدينة باتت عامل جذب سياحي وثقافي ومحل تزاحم بين المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين، باعتبار أن المنظمة تتحرك بثبات من أجل خدمة المدينة العربية، وتحقيق تطلعاتها نحو الحداثة والمعاصرة دون إغفال الهوية والمكنوزات التراثية.