994753
994753
المنوعات

المعهد العالي للقضاء ينظم ندوة «الإعلام والقانون» بنزوى

26 أبريل 2017
26 أبريل 2017

6 ورقات بحثت الإعلام العماني من منظور الفقه والتشريعات والمسؤولية القانونية -

نزوى: محمد بن سليمان الحضرمي -

نظم المعهد العالي للقضاء بولاية نزوى بمحافظة الداخلية صباح أمس ندوة «الإعلام والقانون»، أقيمت في قاعة المؤتمرات بالمعهد، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام، وحضور معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله الخليلي وزير العدل، وأصحاب الفضيلة والسعادة والمسؤولين في الدوائر الحكومية بمحافظة الداخلية والباحثين والقانونيين، ألقى خلالها الدكتور نبهان بن راشد المعولي عميد المعهد كلمة قال فيها: إن وسائل الإعلام تلعب دورا مهما في توجيه أفراد المجتمع وتثقيفهم، حتى أصبحت ذات تأثير كبير على جماهير المتلقين، بالرغم من اختلاف مشاربهم واهتمامهم ومستوياتهم العلمية والفكرية والاجتماعية، الأمر الذي أكسب هذه الوسائل أهمية في بناء المجتمعات وتشكيل ملامحها، مما يحتم منحها قدرا من الحرية، يمكنها من أداء رسالتها الإنسانية السامية بكل كفاءة واقتدار، غير أنه لا بد من التأكيد على أن مفهوم الحرية في الإعلام يقابله دائما مفهوم المسؤولية، إذ إن الحرية المطلقة، كما هو معلوم ما هي إلا ضرب من ضروب الفوضى والدمار.

وقال أيضا: إن الإعلام أمانة ومسؤولية، ووسائله المختلفة إنما تعمل في إطار منظومة قيمية وأخلاقية وتشريعية، تكفل إيجاد نوع من التوفيق والتناغم بين حق الإعلامي في تحقيق مقاصد عمله الإنساني النبيل، المتمثل في نقل الحقائق والمعلومات للغير، وبين حق أفراد المجتمع في حماية حقوقهم من أي انتهاك، يتمثل في نشر معلومات أو أخبار مغلوطة أو كاذبة أو ماسة، بحرمة الحياة الخاصة، من شأن تلك المعلومات أو الأخبار المغلوطة أو المكذوبة المساس بهيبة الدولة أو أي من مرافقها.

وتحدث عن أهداف الندوة، ومنها التأكيد على أهمية العمل الإعلامي في المجتمع، والتعريف بأهم الضوابط الشرعية والأخلاقية والمهنية والقانية للإعلام بنوعيه التقليدي والجديد، فضلا عن بيان المسؤولية القانونية المترتبة على انتهاك ومخالفة أحكام وقوانين ومواثيق الشرف الإعلامية.

تطور القضاء في السلطنة

وألقى عوض بن سعيد باقوير رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية كلمة قال فيها: إن القضاء هو أحد أهم أركان الدول، ومنذ انطلاق مسيرة النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- عام 1970م، والقضاء في السلطنة يشهد تطورا متواصلا، ينسجم وتطور المجتمع واتساع حاجاته ومصالحه، فكان هناك التطور في المجال التشريعي والقانوني والإجراءات، والآليات التي تضمن عدالة الأحكام، من خلال درجات التقاضي، وتطوير القدرات الوطنية حيث مخرجات التعليم من كليات الشريعة والقانون.

وقال: إن توسع المجتمعات والتدافع بين الناس وتزايد المعاملات والمصالح بين أفراد المجتمع، جعل من مسألة اللجوء إلى ساحات القضاء أمرا إيجابيا حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وتتحقق العدالة سواء بين أفراد المجتمع أو المقيمين داخل البلد، في إطار من المساواة والعدالة، ولعل وجود درجات التقاضي بدءا من المحاكم الابتدائية، ومرورا بمحاكم الاستئناف وانتهاء بالمحكمة العليا، قد أعطى مرونة كبيرة في التقاضي، كما إن المحامي العماني قد أثبت جدارته واطلاعه القانوني الواسع بالنظم والتشريعات التي تواكب تطور التنمية الشاملة.

إن الإعلام يلعب دورا أساسيا في التعريف بمكونات الدولة المختلفة، ولعل النقطة الأساسية هنا أن يكون الإعلام بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية حذرا في التعاطي مع القضايا المعروضة في المحاكم، وبالتالي فإن التطرق بالنشر أو المعلومة أو الإفصاح لا يدخل في إطار حرية الإعلام والصحافة، وإنما ذلك النشر يلحق الضرر بالمتقاضين، الذين ينشدون العدالة وعدم تأثير وسائل الإعلام على عدالة المحاكم، وهي تنظر قضايا حساسة تمس مصالح الناس مباشرة، ومن هنا فإن دول العالم ووفق هذه المنهجية لا تسمح لوسائل الإعلام بالنشر، وحتى عند صدور الأحكام وله أن يرفض ذلك تبعا للمصلحة.

الثوابت الوطنية في الخطاب الإعلامي

وقال في كلمته أيضا: إن الإعلام العماني والحمد لله ووفق رؤية جلالة السلطان المعظم هو إعلام يتسم خطابه بالموضوعية والصدق وأهمية الثوابت الوطنية والحرص على المصلحة الوطنية وإشاعة أجواء التسامح، كما إن القضاء والتشريع في السلطنة يشهد تطورا متسارعا يتماشى مع تطور حركة المجتمع ولا شك أن وجود السلطنة القضائية ممثلة في الادعاء العام، يلعب دورا قانونيا ومهنيا مهما، وهذا يتضح من خلال كم الدعاوى المعروضة عليه كل عام، وهذه القضايا تعد بالآلاف، ومن هنا فإن الادعاء العام يقوم بدور مجتمعي مهم، من خلال حرصه على السلم الاجتماعي، وردع كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن، ونشر التوعية القانونية، والسلوك الحسن، بدليل أن هناك الملفات التي تحفظ وأيضا نشير إلى دور لجان التوفيق والمصالحة، التي تلعب دورا إصلاحيا وأخلاقيا ولها أثر إيجابي على أفراد المجتمع.

مسودة ميثاق الشرف الصحفي

وتحدث عن إطلاق جمعية الصحفيين العمانية لميثاق الشرف الصحفي، حيث قال: نود أن نشير إلى أن جمعية الصحفيين العمانية، بالاشتراك مع جامعة السلطان قابوس، ودعم من وزارة الإعلام قد أطلقت المسودة الأولى لميثاق الشرف الصحفي والإعلامي للعاملين في وسائل الإعلام في السلطنة، وهذا تطور مهني وأخلاقي مهم، وسوف يتم إطلاق الميثاق في نسخته النهائية بعد أن يتم إدخال بعض التعديلات من أصحاب المهنة أصحاب العلاقة المباشرة.

التأصل الفقهي لقضايا الإعلام

بدأت الجلسة الأولى لمناقشة محور المنظور الفقهي والاجتماعي للعمل الإعلامي، قدم فيها الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي، ورقة بعنوان «التأصل الفقهي لقضايا الإعلام المعاصر»، تناول فيها تحديد المقاصد المشروعة للإعلام في الإسلام، وحددها في ثلاثة مقاصد عليا وهي: الأخبار ومناصرة العدل والتبشير بوعد الله تعالى، ثم تتعرض الضوابط الشرعية التي جاءت بها الشرعية لضمان تحقيق تلك المقاصد، وتركز على التثبيت والتبيين في التحمل والأداء والتلقي وعلى الاعتبار بالمآلات صلاحيا أو إفسادا، وتعرض أهمية مناصرة الحق ولو كان على خلاف توجه جماهير الناس لبيان دور الإعلام في بث الرجاء والتبشير ونفي اليأس عن المسلمين وهي في هذا كله تستشهد بأدلة قرآنية وأحاديث نبوية.

وأضاف فضيلته: إن الأحكام الشرعية المتقدمة لا تختلف عن ضبط وسائل الإعلام المعاصرة وتوجيهها وان استعرضت وجوها من الأحكام التي تشتد حاجاتنا إليها من احتياج الوسائل التقليدية للإعلام إليها، موضحا البواعث الإيمانية والتشريعية للالتزام بالأحكام والضوابط الشرعية الحاكمة للإعلام، لتخلص إلى التنبيه إلى عواقب الالتزام بهذه الضوابط والأحكام الشرعية، وعواقب التغافل عنها على عالمنا المعاصر.

من القوانين إلى مواثيق الشرف

وقدم الدكتور عبدالله بن خميس الكندي عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، الورقة الثانية بعنوان «تطور تنظيم العمل الإعلامي في العالم من القوانين إلى مواثيق الشرف الأخلاقية»، قال فيها: إن تتعدد وظائف وسائل الإعلام الجماهيرية، وتتنوع بين الإخبارية والتنموية والتربوية والترفيهية والتسويقية والخدمات العامة، لدرجة تخصيص مدخل بحثي في الدراسات الإعلامية يهتم بدراسة وظائف وسائل الإعلام الجماهيرية؛ ويسمى المدخل الوظيفي. وتتطور وظائف وسائل الإعلام الجماهيرية بمرور الزمن وتطور حاجة المجتمعات التي تعمل ضمنها تلك الوسائل، حيث تتسع قائمة وظائف بعض وسائل الإعلام الجماهيرية في دول بعينها لتشمل وظائف أخرى، بالإضافة إلى الوظائف المشار إليها في الأعلى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر وظيفة وسائل الإعلام الجماهيرية في تعزيز قيم المواطنة والحفاظ على الوحدة الوطنية، في مواجهة نزعات التقسيم والتشرذم، وفي مواجهة دعوات العنف والإرهاب، التي تؤثر هي الأخرى في حالة السلم الاجتماعي وتفت من عضد الوحدة الوطنية.

وأضاف: لا يختلف اثنان على ضرورة تعزيز قيم المواطنة وإن اختلفت الأدوات والخطابات المستخدمة. أما الإرهاب الذي يعرف بكلمات بسيطة فإنه شكل من أشكال العنف غير القانوني، يعمل على إثارة الهلع والرعب في أوساط الجماهير»، فحالة الإجماع على مواجهته أكثر قوة ووضوحا، لكن من الناحية العملية تواجه وسائل الإعلام الجماهيرية معادلات معقدة ولا يمكن حسمها بشكل واضح ومباشر، خاصة عند الحديث عن هذه المصطلحات، وما يرتبط بها من ممارسات وأنشطة على أرض الواقع. ذلك أن الوسائل الجماهيرية تظل مشغولة بمفاهيم التعددية والتنوع، وما تقدمه من ضمانات لحرية الرأي والتعبير، وتثار في هذا المجال بعض الأسئلة المهمة من قبيل: هل تقدم وسائل الإعلام الجماهيرية الأعمال الإرهابية كما تحدث؟ هل تحدد مواقفها من الجهات أو الشخصيات المسؤولة عن تلك الأحداث؟ هل تتجنب الإشارة إليها وتعمد إلى تجاهلها؟ هل يمكن أن تتحول وسائل الإعلام الجماهيرية طرفا في الأعمال الإرهابية أو وسيلة من وسائلها؟ وأسئلة أخرى كثيرة.

العمل الإعلامي والقانون الدولي

وتواصلت الندوة بتقديم الجلسة الثانية، فناقشت محور التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي، قدم فيها إبراهيم بن سيف الحمداني مستشار قانوني بوزارة الإعلام ورقة عمل حول مواثيق الشرف الصحفية قال فيها: تعد مواثيق الشرف الإطار المحدد للعمل الصحفي وقواعد السلوك المهني للعاملين في مهنة الصحافة، أو الإعلاميين بشكل عام وهي غير ملزمة في الغالب لأنها عبارة عن إعلان مبادئ تتسم بصياغة عمومية ولا تتضمن عقوبات مباشرة على من يخالفها أنها بمثابة دستور أخلاقي للأداء الصحفي والسلوك المهني المسؤول.

وقدم الدكتور عبد الناصر السيد الجهاني أستاذ مساعد في القانون الدولي بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس ورقة حول ملامح العمل الإعلامي في إطار قواعد القانون الدولي، تطرق فيها إلى الدور الحيوي للعمل الإعلامي في تربية وتعليم وتوجيه وتوعية الناس، إلى اتباع الأصول والعادات الاجتماعية، وتثبيت القيم والمبادئ والمحافظة عليها، والحث على الاندماج الطبيعي في الحياة العامة، وتثقيفهم بالمعلومات التي يجهلونها والمستجدة في حياتهم على المستويين الداخلي والخارجي من خلال جمع الأخبار وتفسيرها لكي تكون أمام الرأي العام الفرصة لاتخاذ ما يراه مناسبا من القرارات فقد عمل القانون الدولي العام من خلال مصادره الأساسية وغير الأساسية على ترسيخ ودعم مهنة العمل الإعلام وذلك بالنص على بعض من الحقوق الإنسانية التي تعكس وترسخ مفهوم العمل الإعلامي.

حرية الصحافة والنشر

وفي الجلسة الثالثة قدم ناصر بن عبدالله الريامي مساعد المدعي العام مدير إدارة الأموال العامة بالادعاء العام روقة عمل حول المسؤولية القانونية عن النشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية فقال: لعل من أهم الأصول الدستورية الثابتة، التي تحرص أغلب الدول الديمقراطية المتحضِّرة على تثبيتها في دساتيرها المتعاقبة وبالتبعية، على إيرادها في قوانينها الخاصة، هو الحق في حرية الرأي، وفي حرية التعبير عنه، هذا التعبير لا يكون بالقول المجرد فحسب؛ وإنما بسائر وسائل التعبير؛ مع وجود قيد بسيط، ألا وهو «في حدود القانون». وهذا هو عين ما عبر عنه المشرِّع الدستوري في المادة (29) من النظام الأساسي للدولة. فحرية التعبير تُعد، وبحق من الدُعامات الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة؛ ذلك لأن بكفالة حرية التعبير يضمن المجتمع انتقال الأفكار من شخصٍ إلى آخر، فيتحقق بذلك التنوير؛ وبالتبعية، تتحقق المنفعةِ المنشودة.

معالجة الانتهاكات الإعلامية

واختتمت الندوة بالورقة الأخيرة الذي قدمها فضيلة الدكتور القاضي خليفة بن محمد الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا بعنوان (دور القضاء في معالجة انتهاكات إعلامية أوضح فيها قائلا: يلعب القضاء دورا توفيقيا في التصدي لمحاولات النيل من حرية التعبير كونها الوسيلة التي تؤكد وجود الإنسان المتحضر وتطلق مواهبه وتثري ثقافته حتى ترقى به إلى أعلى درجات العلم والمعرفة فيستطيع التعبير عن ذاته والاستفادة بملكاته في سائر جوانب الحياة، فقد اختلط على الناس مفهوم الحرية في ظل العولمة وعصر الإنترنت فهل في نظر البعض أن: توتير والفيس بوك وغيرها هي من يحدّد الحرية.. فينطلق هؤلاء دون تبصر منهم في النقد الفاحش أو السب أو القذف تجاه الطرف الآخر.