993854
993854
المنوعات

كتّاب وفنانون يبحثون أسس بناء جيل مثقف بأسلوب يتناسب مع تطلعاته المعاصرة

26 أبريل 2017
26 أبريل 2017

ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل -

الشارقة- شذى البلوشية -

شاركت الكاتبة الدكتورة وفاء الشامسية ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته التاسعة، بمجموعة من الندوات والجلسات الحوارية، حيث تلخصت مشاركتها في الجلسة الحوارية «تواريخ تروى» للحديث عن أبرز الأحداث التاريخية والبطولات الكبرى التي يجب أن تلتحم بفكر الطفل من خلال الكتب التعليمية المبسطة.

وأوضحت الشامسية أنها قامت مؤخرا بإجراء استطلاع ميداني لقياس اتجاهات الرأي حول الطرق التي يحب الطفل من خلالها التعرف على الأحداث التاريخية، وأكدت أن النتائج بينت أن 95% من الأطفال يفضلون معرفة التاريخ من خلال القصص التاريخية، التي تصاغ في قالب أدبي شيق وجميل بصور جاذبة.

وتحدثت الشامسية خلال الجلسة الحوارية حول أهمية القصة السردية كونها أهم الوسائل التعليمية فقالت: «تعتبر القصة السردية التاريخية من أهم الوسائل التعليمية التي يميل إليها الطفل أثناء بحثه عن الحقائق التاريخية، إلى جانب كونها تساهم بشكل كبير في بناء شخصية الطفل، وتعزز القيم الإيجابية فيه، حيث إنها تجعل منه قادرا على المقارنة ما بين شخصيته وشخصيات القصة، ليأخذ الجوانب الإيجابية ويترك كل ما هو سلبي».

وحول كيفيّة تقديم التاريخ للطفل، إذا ما حمل في طياته مشاهد عنف، أوضحت الشامسي: «علينا ألا نكذب على الطفل، وأن ننقل له الأحداث التاريخية كما هي، بدون أي رتوش أو تجميل، وذلك لضمان عدم تعرضه إلى صدمات نفسية، عند اكتشافه للحقائق مستقبلاً».

وبيّنت الشامسية أنه فيما يخص كيفية سرد الأحداث التي تحتوي على أعمال عنف، «ينبغي تحديد الفئة العمرية التي تخاطبها القصة، ومن ثم اختيار مفردات تناسب هذه الفئة، وعلى الكاتب ألا يكتفي بالسرد فقط، فينبغي عليه تقديم حجج منطقية للأسباب التي دفعت للدخول إلى ميادين العنف، بعدها يتوجب على الكاتب أن يتجه للتعاون مع رسام مناسب ليكمل الكلمات بالصور والرسومات».

وتعتبر المشاركة العمانية في المهرجان لها طابعها الخاص والمميز كما وصفها بذلك سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب حيث قال: «المشاركة العمانية هي مشاركة متجذرة، التي قد نسميها بالمشاركة الأخوية المميزة، وهذه المشاركة لها تأثير كبير، ونتمنى في السنوات القادمة أن نرى الجمهور العماني في المهرجان كما نراه في معرض الشارقة الدولي للكتاب».

وتنوعت البرامج والفعاليات الثقافية التي يقدمها المهرجان، متناسبا بفعالياته مع جميع الفئات العمرية، ومن خلال استضافة عدد من الضيوف من مختلف دول العالم، واستطاعت الفعاليات أن تحظى بإقبال جماهيري مميز، وهذا ما أكده سعادة أحمد بن ركاض العامري في حديثه لـ «عمان» حيث قال: «ما تم تقديمه هو برنامج مميز ومتكامل، يعزز من التركيبة السكانية الموجودة في المنطقة، حيث تم إقامة فعاليات بلغات مختلفة كالفلبينية والهندية والإنجليزية، وتم استضافة عدد من الفرق الموسيقية من مختلف أنحاء العالم، لتوفير مناخ ملائم لتعزيز دور القراءة والكتابة، من خلال تعليم العلوم بطريقة جذابة وترفيهية، وهناك عدد كبير من المسرحيات أيضا»، وأضاف: «نحن نسعى دائما أن نضع في الحسبان أن جيل الرقمية لا يمكن أن يجذبه برنامج خمسينيات القرن الماضي، فالنجاح في جذب الزوار لا يكون إلا من خلال وضع برنامج يواكب طموحات هذا الجيل».

وشاركت الفنانة المصرية حنان ترك جمهورها بتقديم ندوة تحدثت فيها عن المحتوى الإعلامي المخصص للطفل في العالم العربي، والذي يعاني غياب الرقابة، ويفتقد إلى المعايير الناظمة، مشيرة إلى خطورة ذلك على مستقبل الأجيال الجديدة في ظل ما يقدم لهم من مواد تشجع على العنف والقتال.

وحول المحتوى الإعلامي والفني المستورد للأطفال، بيّنت الترك أنها خلال مسيرتها الفنية عملت على «دوبلاج» واحد من أفلام كرتون الأطفال الأمريكية، وكانت متحمسة جداً إلا أنها صدمت بعد تسجيل عدد من الحلقات، حيث وجدت سلوكيات، وأخلاقيات لا تنتمي للثقافة العربية والإسلامية بصلة، لذلك لم تواصل العمل في أجزائه الثاني والثالث.

واستعرضت الترك محطات من مسيرتها الفنية، وتجربة تحولها من السينما إلى الرسوم المتحركة للأطفال، بقولها: «تعد تجربتي في مسلسل «سارة» هي المحطة التي دخلت منها إلى تجربة العمل في المحتوى الفني المخصص للطفل، حيث جاءت فكرة «نونة» –شخصيتها الكرتونية- من شخصية سارة نفسها، حتى أن الفنانة التي نفذت «نونة» استندت إلى ملامح سارة، وشخصيتها».

وأوضحت أن سبب توجهها لأعمال الطفل، كان نتيجة قناعات شخصية لها علاقة بالأدوار التي كانت تقدمها في السينما، والتلفزيون، مشيرة إلى أنها وجدت نفسها ملتزمة برسالة أخلاقية، عليها أن تقدمها للأطفال بصورة تليق بعقولهم ومستقبلهم.

وفي ردها على سؤال: كيف استفادت من عملها مع كبار السينما المصرية والعربية، مثل يوسف شاهين، ونور الشريف، ويحيى الفخراني؟ أجابت: «شكل عملي مع قامات كبيرة في السينما والتلفزيون، مدرسة فنية تتلمذت فيها على أيديهم، وتعلمت منهم الكثير، خاصة أنني لم أدرس التمثيل أو الإخراج أكاديمياً، فكنت استعين بهم مع كل دور أقوم به، لأخرج من قالب الشخصية والعودة إلى شخصيتي الحقيقية».

وبحضورها المحبب للطفل، أطلت الفنانة حنان ترك على جمهور الأطفال مرة أخرى من خلال لقاء جمعها بالأطفال الزائرين للمهرجان، حيث بدأت الجلسة بتقديم قصة «مملكة الحيوانات» التي تتألف من 3 شخصيات رئيسة، قامت الفنانة حنان ترك بأداء جميع الأصوات فيها وهم: الأرنب اللطيف «لهاليبو»، والدب «زعرور»، وملكة النحل.

وعللت الفنانة حنان ترك أسباب عرض الحكاية بشكل صوتي دون القيام بتصويرها بشكل صوري وكرتوني أن الاستماع يتيح للطفل تكوين خيال واسع حول تصور الغابة وشخوص الحكاية والمواقف المختلفة، ويعزز فيهم ملكة التأمل وبناء ثقافة التأمل.

وبعد انتهاء القصة، فتحت الفنانة حنان ترك المجال للإجابة عن أسئلة الأطفال الذين تدافعوا بشغف لمعرفة المزيد عن ظروف كتابة القصة، والأصوات الفنية، وماذا فهموا من القصة، ثم توجهوا بسؤال الفنانة عن حياتها الفنية والاجتماعية.

كما كان للفنان القطري غازي حسين حضوره الملفت الذي جذب الزوار لحضور الجلسة الحوارية «أجيال مغايرة» التي قدمها برفقة الكاتبة الكويتية عواطف البدر، حيث لخصا خلال حديثهما عن أبرز السمات التي يتصف فيها جيل اليافعين والشباب اليوم، بالقول: «إن وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة، هدمت الرابط الأسري في المجتمعات العربية، وشكلت نماذج جديدة للمعرفة والتعليم، لا تحتكم إلى الكتاب، أو البحث، أو غيرها من الوسائل الموثوقة».

وأوضح غازي حسين: «أن الكثير من المتابعين للتغيرات الطارئة على جيل اليوم يجد أنها طبيعية ومناسبة لمتغيرات العصر وتسارعه العلمي، متجاهلين أن هذا الاختلاف لا يعني التنازل عن القيم والمبادئ الأخلاقية الراسخة في ثقافتنا العربية والإسلامية».

وتوقفت عواطف البدر عند دور العائلة والمؤسسات التربوية والتعليمية في تصحيح مسار الأجيال الصاعدة، وأهمية العمل على النهوض بها، عبر مشروع معرفي ثقافي يبدأ من حكايات ما قبل النوم، فقالت: «إن مهمة أدب الطفل اليوم، هو ترسيخ قيم وثوابت في الأطفال واليافعين، ليكونوا في السنوات المقبلة شباباً مدركين، قادرين على اختيار ما يناسبهم وينتمي لهم، ويطوّر من مستواهم في مختلف المجالات».