993834
993834
المنوعات

هل كان أشرف مروان جاسوسا خالصا لإسرائيل أم عميلا مزدوجا ؟!

25 أبريل 2017
25 أبريل 2017

993833

أشرف مروان[/caption]

جهاز تسجيل صغير أعاد تشغيل نفسه أنهى العلاقة بين مروان والموساد -

سقط من شرفة شقته في الطابق الخامس .. واختفت مذكراته -

عاصـــم الشــــيدي -

وصل تحذير أشرف مروان الواضح أن الحرب ستقوم خلال الساعات القادمة إلى تل أبيب، ورغم أنه جعل القيادات الإسرائيلية تعلن حالة الطوارئ وتستدعي الاحتياط إلا أنه خلط الأوراق بين الاستخبارات العسكرية وبين الموساد.

لكن إلى أي مدى نجح فعلا تحذير أشرف مروان، وهو أوضح تحذير مُسبق بوقوع الحرب الحرب تتلقاه إسرائيل يوما، في تبديل التصور أن مصر لن تشن حربا أبدا طالما أنها لا تمتلك الطائرات بعيدة المدى وصواريخ سكود؟ بعد أن تكشفت أحداث ذلك اليوم، اتضح أن كل لاعب رئيسي تصرف تبعا لرؤيته الخاصة لمدى الجدية التي عليه أن يأخذ بها تحذيرات مروان، وفي بعض الأحيان لدرجة تجاهل الأوامر المباشرة.

بدأ الاجتماع في مكتب غولدا مائير بعد الثامنة صباح 6 أكتوبر بقليل، وهناك عرض كل من أليعازر وديان موقفهما. كان دايان مراوغا هذه المرة أيضا، فبدأ بطرح مسائل تتعلق بإخلاء المدنيين والاستعدادات على الجبهة الداخلية. أما أليعازر، بالمقابل، فلم ينتقِ الكلمات بخصوص احتمال وقوع الحرب، وقال: «قرأت الرسالة الواردة من رجل زامير «يعني أشرف مروان»، الرسالة واقعية. بالنسبة إلينا هذا إخطار مختصر جدا» وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة. قبلت مائير موقف دايان الرافض للضربة الاستباقية المقترحة، مخافة أن ينظر العالم، وخاصة الولايات المتحدة، على أنها المعتدية. فهذا، بحسب قناعاتها، سيصعب كثيرا على الولايات المتحدة مساعدة إسرائيل أثناء الصراع، وهي خسارة جسيمة تفوق أي مكاسب تكتيكية.

أعطى أليعازر أوامر للواء غونين بالاستعداد للحرب في ذلك اليوم، مع الافتراض أن ساعة الصفر ستكون عند الساعة السادسة مساء. تم إصدار الأمر في الساعة 7:45 صباحا، وبعد حوالي العشرين دقيقة، اتصل غورين بماندلر، قائد الفرقة 252، وأمره بتنفيذ خطة اسمها برج الحمام، كان من المفترض أن تمكنه من الدفاع عن الخط الممتد على طول القناة باستخدام قوات الجيش النظامي، دون تحريك القوات من مواقعها. ثم تكلم ماندلر مرة ثانية بعد الساعة العاشرة صباحا. وفي خرق مباشر لأوامر أليعازر التي كان من المفترض بغونين بناء عليها أن يجهز قواته لمعركة ستبدأ عند الساعة السادسة عصرا، قال غونين لماندر «ماذا تعني ساعة الصفر؟ هل هي نهاية تدريباتهم الضخمة؟ فتح النار؟ الدخول في حرب استنزاف جديدة؟ أو ربما غزو كامل؟ لكن يبدو ذلك مستبعدا». بمعنى آخر، لقد انتهك غونين أوامر أليعازر، تاركا القوات في الميدان مع رسالة مختلطة بخصوص ما يتوجب عليها الاستعداد له بالضبط كما يسرد ذلك يوري بار جوزيف في كتابه «الملاك».

وعبرت القوات المصرية القناة دون خدش، وبسبب الفشل في تطبيق خطة برج الحمام تمكن المصريون من تنفيذ أخطر جزء من هجومهم، أي عبور القناة دون أي مقاومة أو خسائر تذكر.

حين وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى المرابض التي كانت معدة لها من أجل شن الهجوم باتجاه الشمال أو الجنوب على طول القناة والإيقاع بالقوات المصرية التي تمكنت من العبور وتلك التي لا تزال على الضفة الغربية، اكتشفت أن كثيرا من تلك المواقع قد وقعت بيد قوات المغاوير المصرية التي راحت تطلق عليها الصواريخ المضادة للدبابات.

الذين يؤكدون أن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا يتكئون على فكرة أنه تأخر في تحذير إسرائيل، وعندما فعل أعطى الساعة السادسة مساء موعدا للحرب فيما بدأت الحرب قبل ذلك بأربع ساعات عند الساعة الثانية بعد الظهر. لكن الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابة «مبارك وزمانه» الذي تحدث فيه عن أشرف مروان وعلاقته بمبارك يقول: الذي أبلغ إسرائيل بموعد الهجوم على أنه الساعة السادسة مساء لم يقصد تضليلها، لأن هذا الموعد كان هو ساعة الصفر المقررة فعلا في الخطة حتى يوم الثلاثاء 2 أكتوبر، ثم وقع خلاف بين الفريق أحمد إسماعيل «وزير الدفاع المصري» وبين اللواء يوسف شكور «قائد الجيش السوري».. وموضوع الخلاف كما يذكر هيكل بالنص «أن القيادة المصرية كانت تفضل بدء العمليات في الساعة السادسة مساء مع آخر ضوء، لكي تستفيد من مجيء الليل ليحمي عمليات المهندسين في بناء الجسور .. وأما القيادة السورية فقد كانت تفضل الساعة السادسة صباحا مع أول ضوء، لكي تستعين بأشعة الشمس في مواجهة الدبابات الإسرائيلية على هضبة «الجولان».

ولحل الخلاف سافر الفريق أحمد إسماعيل إلى دمشق سرا صباح يوم الثلاثاء 2 أكتوبر - وهو اليوم الذي سافر فيه أشرف مروان إلى ليبيا عن طريق أوروبا - لتسوية مباشرة مع القيادة السورية، ولم يتوصل الطرفان إلى حل، وتدخَّل الرئيس «حافظ الأسد» وتوصَّل مع القائدين «أحمد إسماعيل» و«يوسف شكور» إلى حل وسط، وهو اختيار الساعة الثانية بعد الظهر موعدًا للهجوم.

ما يعني أن الموعد الذي أعطاه أشرف مروان للإسرائيليين لم يهدف إلى تضليلهم بل هو الموعد الذي كان يعرفه قبل سفره.

لكن هيكل يعرض في كتابه ما هو أكثر من هذا بكثير، وهي معلومات تبدد أي شك في أن مروان كان عميلا خالصا لإسرائيل. أقتبس من الكتاب ما يأتي:

كان ما حدث في الأيام العشرة الأولى من أكتوبر 1973 شديدة القسوة على إسرائيل ولذلك شكلت إسرائيل لجنة تحقيق خاصة رأسها القاضي «أجرانات» لكي تبحث أسباب ما وقع وتحدد المسؤولية عنه، وكانت النقطة المركزية في التحقيق هي: هل فوجئت إسرائيل أو لم تفاجأ؟! - وهل عرفت أو أنها لم تعرف؟! - وإذا كانت قد عرفت من مصدر سري، وقد عرفت فعلا، فلماذا تأخرت في الاستعداد ساعات حاسمة؟! - ولماذا؟! - ومن يتحمل الوِزْر؟!!

وكانت لجنة التحقيق قد توصلت إلى نتائج أعلنت ملخصا مقتضبا جرى إعلانه مع إجراءات عقابية طالت عددا من المسؤولين، وبين ما اتخذ من إجراءات، توجيه لوم إلى وزير الدفاع «موشي دايان»، وإزاحة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال «دافيد بن أليعازار» من منصبه، وإحالة الجنرال «إيلي زائيرا» (مدير المخابرات العسكرية) إلى التقاعد.

ورغم سرية التحقيقات إلا أنها لم تستطع تكميم كل الأفواه، ولا حبس كل الأوراق، ولا وقف كل التداعيات، والسبب الرئيسي أن الخلاف ظل محتدما بين اثنين من الجنرالات الإسرائيليين الكبار أثناء حرب أكتوبر 1973. الجنرال «زفي زامير» (رئيس الموساد - أي المخابرات العامة الإسرائيلية). والجنرال «إيلي زائيرا» (رئيس آمان - أي المخابرات العسكرية الإسرائيلية).

ومؤدى الخلاف بين الاثنين، كما يذكر هيكل، أن رئيس الموساد «زائير» يصر على أنه أبلغ عن خطط ومواقيت وصلت إليه من مصدر مصري موثوق به عن هجوم مصري - سوري، لكن رئيس المخابرات العسكرية - الجنرال «زائيرا» - في المقابل يصر على التشكيك في مصدر المعلومات الذي أبلغ الموساد (لم ينف وجود المصدر المصري ولم ينف دوره في الإبلاغ مسبقا، ولكنه قدَّر أن يكون عميلا مدسوسا على إسرائيل، أو عميلا مزدوجا، وشاهده الرئيسي أن ذلك المصدر المصري أبلغ إسرائيل بالساعة الخطأ في موعد الهجوم، أي أن إبلاغه عن موعد الهجوم في السادسة مساءً، بينما وقع الهجوم فعلا في الثانية بعد ظهر السبت 6 أكتوبر).

وكذلك تعطَّل قرار إعلان التعبئة العامة في إسرائيل، ووقع تقصير في الاستعداد، وكانت كلمة «التقصير» بالتحديد هي عنوان تقرير لجنة «أجرانات».

وتحول الخلاف بين الرجلين إلى خلاف بين الجهازين: «الموساد» و«آمان»، وشكَّل ذلك نوعا من الشرخ داخل أجهزة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لم يعد في الإمكان تجاهله، وكذلك جاء تشكيل اللجنة الأمنية العليا بين الرجلين: «زامير» و«زائيرا»، وتوفق بين الجهازين: «الموساد» و«آمان» برئاسة النائب العام «مناحم مازوز»، ومعه عدد من قيادات الجيش ومن خبراء الأمن، واطلعت اللجنة على جميع الوثائق، بما فيها محاضر تحقيقات لجنة «أجرانات»، واستمعت إلى كل الشهادات، وبالطبع فإن الاسم الحقيقي للعميل المصري الذي حصل «الموساد» بواسطته على سر الحرب وموعدها جرى تداوله.

ثم توصلت اللجنة إلى قرارات لم تُعلن، لكنه - كالعادة مرة أخرى - بدأت عمليات التسريب، وضمن ما تسرب أوصاف لهذا العميل المصري - توصل بها أحد الباحثين إلى اسمه، وكذلك ظهر اسم الدكتور «أشرف مروان» بلا لبس أو غموض، وأخذت القضية منحى جديدا لأن إذاعة الاسم أحدثت رجة وضجة داخل إسرائيل - أولا!!

وكانت الضجة تتركز على المسؤولية عن كشف السر، لأن فيها إضرارا «بصديق لإسرائيل»، وفيها عملية «فضح» سوف تجعل آخرين يترددون، طالما أن ما يفعلونه في السر يمكن أن يظهر في العلن!! - وكان مدير الموساد الجنرال «زامير» في حالة هستيرية، يخشى أن كشف المستور سوف يلحق ضررا كبيرا بقدرة إسرائيل على تجنيد عملاء لهم قيمة!!

وفي الوقت نفسه، فإن الجنرال «زائيرا» كان يرد باعتقاده أن العميل الذي أبلغ إسرائيل كان عميلا مزدوجا - لمصر أيضا، ولذلك فقد كان في حِلْ من الإشارة إلى اسمه!!

يقول هيكل: إن عزمي بشارة كان لا يزال في ذلك الوقت عضوا في الكنيست وأرسل إليه عن طريق صديق فلسطيني مشترك أسأله «الحديث لهيكل» إذا كان في مقدوره أن يبعث إليّ بما يمكن أن يتوصل إليه من ملفات «الكنيست» فيما يخص الموضوع. يقول هيكل عندما وصلتني الأوراق لم أكن قادرا على تصديق ما قرأت!

كان بين الوثائق والملفات صور لمحاضر اجتماعات بين «أنور السادات» ونظيره السوفييتي «ليونيد بريجنيف» أثناء زيارته السرية لموسكو في مارس سنة 1971، ومع أني لم أحضر تلك المحادثات، فإن الرئيس «السادات» بعث إليَّ كالعادة وقتها بالمحاضر الرسمية لها كما كتبها السفير «مراد غالب».

والآن أمامي «والحديث ما زال للأستاذ هيكل» ضمن الملفات السرية من داخل «الكنيست» صورة هذا المحضر - نسخة من الأصل - ثم إن هناك صورا!! لعشرات الوثائق، وكلها صور من الأصل وليس مجرد معلومات تستند إليه (كأن رئاسة المخابرات الإسرائيلية تقرأ «على راحتها» أوراق الرئاسة المصرية)!!

كان الخطاب الذي ألقاه السادات في البرلمان المصري والذي وصف الطريق المقبلة بأنها «حرب طويلة وممتدة .. حرب استنزاف» وهو الذي هدد فيه بضرب المناطق الداخلية الإسرائيلية خبرا سيئا بالنسبة لجودا مائير .. ورغم أن الجيش الإسرائيلي كان قد أمسك بزمام الأمور في ذلك الوقت إلا أن الحرب كانت منهكة جدا بالنسبة لإسرائيل وكانت تحتاج إلى وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن. وكان مطلوبا معرفة نوايا السادات .. وصدرت الأوامر لدوبي بترتيب اجتماع مع «الملاك» وغادر زامير إسرائيل للقائه.

حصل الاجتماع في باريس، وكان على زامير في الجزء الأول منه أن يهدئ من روع مروان!!، الذي كان محبطا للغاية من حقيقة أن تحذيره عشية الحرب لم يلقَ في الحال آذانا صاغية من الإسرائيليين. قال مروان: إن مصر ما زالت مقتنعة أنها تفوز .. خاصة أن الاتحاد السوفييتي بدأ بشحن الأسلحة إلى مصر بعد وقت قصير من بدء القتال.

وقال: إن السادات سوف يرفض وقف إطلاق النار .. إنه يهدف إلى استنزاف إسرائيل قدر المستطاع، ولأطول فترة ممكنة. ولهذا، حتى لو وصل الجيش الإسرائيلي إلى القاهرة والإسكندرية، سيستمر المصريون في القتال.

بعد الحرب وبعد اتفاقيات السلام وبعد استبعاد أشرف مروان من العمل في سكرتارية السادات لم يعد أشرف مروان الورقة المهمة بالنسبة لإسرائيل ولكن بقي اتصاله بهم مستمرا.

***

في عام 1998 كانت حكاية مروان مع الموساد الإسرائيلي في طريقها للنهاية .. وكانت إسرائيل تريد أن يبقى لديها مصدر في القاهرة بحجم أشرف مروان حتى لو لم تعد له المكانة التي كان عليها سابقا. في ذلك العام التقى «دوبي» المشرف على مروان به، وثبتت المخابرات جهاز تسجيل صغير جدا في جيب بنطاله الأمامي .. ظل جهاز التسجيل يعمل جيدا إلى أن وصل لنهاية الشريط، عندها راح فجأة، وبشكل غير متوقع، يعيد تشغيل المحادثة التي جرت بينهما بصوت مرتفع .. جلس دوبي ومروان في حالة من عدم الارتياح لبضع لحظات، دون أن ينبسا ببنت شفة.

ربما فهم مروان ما حصل للتو، لكنه لم يظهر ذلك. كان قد أصر على عدم تسجيل محادثاتهما إطلاقا لخشية أن يستخدم الموساد لاحقا التسجيلات للضغط عليه من أجل استمرار تعاونه إذا ما رغب في عدم الاستمرار، وكان دوبي قد وعده بعدم تسجيلها، وقد وفى بوعده، الآن اكتشف مروان أن الرجل الذي كان يوليه كامل ثقته طوال السنوات قد نصب له نوعا من الشَرك، وشعر دوبي أنه أحدث للتو فجوة في نسيج الثقة التي كانت تجمعهما معا. في تلك اللحظة أخذ دوبي نفسه وذهب للحمام وأطفأ جهاز التسجيل. حين عاد، تصرف مروان وكأن شيئا لم يحدث، وأنهيا الحوار مباشرة. كان ذلك الاجتماع الأخير لمروان مع الموساد. وبتلك الطريقة وصلت إحدى أنجح عمليات التجسس في التاريخ إلى نهاية مباغتة كما يورد الكتاب. لم يشعر الموساد بأسف شديد على خسارة مروان في تلك المرحلة.

لكن التاريخ لم يترك مروان ليتعافى بسلام وينسى تاريخه مع المخابرات الإسرائيلية.. في 21 من ديسمبر 2002 نشرت صحيفة الأهرام المصرية حوارا مع المؤرخ الإسرائيلي المقيم في لندن أهارون برغمان وسأل فيه بشكل صريح عن إذا ما كان «الصهر» الذي ورد في كتابه هو أشرف مروان؟ فأجاب برغمان بالإيجاب. تلك كانت المرة الأولى التي يكشف فيها عن هوية أعظم جاسوس لدى إسرائيل بشكل علني. كان ذلك الكشف مدمرا تماما لمروان، ومن المرجح جدا أن يكون السبب في موته لاحقا. وكانت الأصابع في إسرائيل تشير إلى إيلي عيزرا في تسريب الاسم. ودار نقاش كبير في الموساد وطُلب أن يفتح تحقيق حول هوية الذي سرب اسم أشرف مروان.

في يوم 27 يونيو 2007 كانت جميع الأنظار متجهة إلى توني بلير الذي قرر تقديم استقالته للملكة عند الظهر.. لكن كل ذلك لم تشغل أربعة رجال كانوا جالسين في غرفة في الطابق الثالث من مبنى مؤسسة المدراء الفخم بشارع 116 بول مول في حي سانت جيمس بلندن. كان بإمكانهم من حيث هم جالسون، أن يروا شقة مروان، وشرفة شقته بشكل واضح جدا. كانوا يناقشون مستقبل شركة يوبيكيم وهي شركة مواد كيميائية صغيرة مركزها ساوثمبتون.. كان مروان يمتلك الشركة منذ التسعينات ويستحوذ على أكثر من 80% من أسهمها. وتم اختيار موعد الاجتماع ليسهل على مروان المشاركة في الاجتماع!!

من النافذة الدائرية في غرفة الاجتماع يمكن للمرء رؤية شرفة شقة مروان في الطابق الخامس، التي لا تبعد أكثر من عشرين مترا.

كان اثنان من الأربعة يقفان عند النافذة عندما لوح أحدهم لأشرف مروان ورد مروان التلويح. بعد ذلك اتصلوا به ليسألوه إذا ما كان ينوي الحضور.. في البداية أجاب بأنه لن يحضر لكنه غيّر رأيه فورا وقال إنه سيكون هناك في غضون نصف ساعة، بعد أن يغير ملابسه.

شاهداه وهو يستدير بطريقة بدت لهم غير طبيعية. تمايل إلى اليسار وإلى اليمين، وهو ينظر مرارا من فوق الدرابزين إلى الأرض في الأسفل. وبعدها عاد إلى داخل الشقة للمرة الأخيرة. ناداه الشويكي أحد الأربعة ثانية ليحثه على المجيء، وأجابه مروان وهو متضايق من إلحاحه، واعدا إياه بالقدوم. لكنه عاد بعدها للشرفة ونظر ثانية إلى الأسفل. وعندما ناداه الشويكي مرة أخرى، أجاب مروان صارخا بأنه غيّر رأيه وسوف لن يأتي إطلاقا. بحسب الشهود، نظر وراءه إلى داخل غرفة النوم وبعدها تسلق الدرابزين ورمى بنفسه من فوقه.

لم يشاهد هذا المشهد إلا اثنان من الأربعة هما الشويكي وبارخورست فيما لم يشاهده ريباسي وروبرتس. سقط مروان إلى أسفل وانتهت حياته هناك. ولم يتم الأمر طويلا حتى أغلقت الشرطة ملف قضيته.

الكثير من الروايات كانت تقول إن أشرف مروان كان يكتب مذكراته، ولكن لم يعرف أحد أين اختفت تلك المذكرات إن كان فعلا قد كتبها وكانت موجودة. وبحث عنها في أماكن كثيرة وفي البنوك ولم يعثر أحد لها على أثر. لكن الثابت أنه قال قبل هذا الحدث بأيام لزوجته منى «قد أُقتل»! شعر أن كشف اسمه في المحكمة الإسرائيلية قبل الحادث بثلاثة أسابيع فقط قد تنهي حياته وقد حدث.

الكتاب يرجح أن تكون المخابرات المصرية هي من صفت أشرف مروان مستعيدا ما حدث لسعاد حسني التي ماتت بالطريقة نفسها وكذلك الليثي ناصف رئيس الحرس الجمهوري في حكم جمال عبدالناصر. مقللا من فكرة أن تكون إسرائيل هي التي صفت مروان. والرابط المشترك بين الثلاثة أنهم كانوا يكتبون مذكراتهم عندما قتلوا رميا من الشرفة وفي المنطقة نفسها تقريبا.

ولكن الكتاب لم يكن مقنعا في تبريره أن إسرائيل لم تقم بعملية التصفية.. ولكن أيضا السؤال الذي طرحه الكتاب ويبدو جوهريا إذا لم تكن مصر من قامت بتصفيته فلماذا لم تفتح تحقيقا لمعرفة حقيقة الدور الذي قام به لتدينه إن كان مدانا وتبرئه أمام الجميع إن كان يستحق التبرئة خاصة إذا ما كان قد قدم فعلا لمصر خدمات جليلة كما قال بيان حسني مبارك إثر حداثة مقتل مروان. هذا السؤال قد يجيب عنه الزمن القريب.