humada
humada
أعمدة

مديري سر تعاستي

24 أبريل 2017
24 أبريل 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

حمل لي بريدي الإلكتروني رسالة أشبه ما تكون بصرخة استغاثة من إحدى القارئات تطلب لقائي لاستشارتي في موضوع بات يهدد حياتها بأكملها وليس فقط نجاحها المهني، حملت نفسي وذهبت للقاء الفتاة مدفوعة بفضول الكاتبة، واهتمام الباحثة، خاصة في موضوع يشكل حيزا من اهتماماتي وهو موضوع الموارد البشرية..

وجدت نفسي أمام فتاة طموحة، واعية، مثقفة من الدرجة الأولى، تعرف تماما ما تريد، رسمت طريقها بدقة، وبدأت باتخاذ خطوات ثابتة وواثقة ومدروسة باتجاهه، ساعدتها إدارة واعية مؤمنة بقدرات الكوادر العمانية ومسلحة بإخلاص لهذا البلد وأبنائه، لكن حياة الفتاة وزملاء العمل في المؤسسة، انقلبت رأسا على عقب عندما تم تعيين مسؤول جديد، جاء من مؤسسة أخرى، بشهادة وخبرة فنية بحتة، وبلا خبرة إدارية على الإطلاق، فقط حرف دال صغير يسبق اسمه، واسم رنان سبقه إلى المؤسسة..

حول قدومه تلك المؤسسة الوادعة، إلى ساحة حرب، ونشر خلال أشهر ثقافة الشك والخوف من خلال سياسة فرق تسد، وتحول ذلك الفريق المشهود له بالالتزام والإخلاص والتفاني في عمله إلى أفراد حائرين، غير قادرين على استيعاب وفهم مسؤولهم الجديد الذي أتبعوا معه كل أساليب الحكمة وكل طرق التعامل التي يعرفونها، بل إن البعض لجأ إلى قراءة كتب في مهارات التواصل الفعال، والذكاء العاطفي عله يجد طريقة يستطيع التعامل فيها مع المسؤول الجديد الذي لا يعرف سوى الأوامر وسيلة لإثارة الذعر وفرض هيبته المزيفة، وإخفاء ثقته المهزوزة في نفسه..

استمعت إليها تحكي وأنا في شبه صدمة، إذ أن عليّ الاعتراف بأنه وعلى مدى ثلاثة عقود من الزمان هي فترة خبرتي المهنية في هذا المجال لم يعبر طريقي مثل هذا الإنسان، بذلت قصارى جهدي أن أكون إيجابية، وألّا أتسرع في إصدار الأحكام فقد علمتني الحياة بأن للحقيقة وجهين دائما، وقضيت فترة من الوقت أحاول أن أبحث له عن الأعذار، لكنني لم أجد له عذرا، فحتى ضعف شخصيته، وثقته المهزوزة في نفسه التي فسرت بها تصرفاته لنفسي، لم أجدها مبررا كافيا حتى يستبيح لنفسه (تعذيب) فريق العمل الذين شاءت قدرة المولى أن يتحمل مسؤوليتهم، ولم أجد له عذرا في أن يستبيح لنفسه تعطيل مصالح المراجعين ومتلقي الخدمة، بسبب تعنته واستبداده، ولم أجد له عذرا في إهدار أموال المؤسسة التي اؤتمن عليها بسبب تأخر المشروعات في مؤسسته، أتمنى وأنا أكتب هذه السطور أن يكون من ظلم ذلك الرجل قبل أن يظلم نفسه بوضعه في المكان غير المناسب أن يكون قد أدرك خطأه الفادح، وأظنه قد فعل، وتم تغيير ذلك المسؤول، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، كيف تتصرف أمام مسؤول متعنت مثل هذا، لا أجد شخصيا سبيلا سوى الصبر والتعامل مع الموضوع بحذر، لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، والمؤسسة باقية وأنت باق والمسؤولون يأتون ويذهبون، فالمدير السيئ أحيانا قدر وابتلاء من رب العالمين، لحكمة قد لا ندركها، لعله جاء ليعلمنا شيئا نجهله عن أنفسنا، أو لعله جاء لسبب قد تكشفه لنا الأيام يوما.