الاقتصادية

موزمبيــق وصــراع عمال المناجـــم على الياقــوت

21 أبريل 2017
21 أبريل 2017

مونتيبويز (موزمبيق) (أ ف ب) - تجتاح حمى الياقوت مدينة مونتيبويز الموزمبيقية التي تحولت بفعل طفرة مناجم هذه الأحجار الكريمة وما يثيره ذلك من مطامع وأعمال عنف أيضا إلى ما يشبه مدن الغرب الأمريكي. وتقول الطبيبة تانيا مابوتا: إن آلاف الأجانب «أتوا من كل مكان بحثا عن الياقوت» في مونتيبويز، وهي مدينة صغيرة تبعد أكثر من 1500 كيلومتر إلى الشمال من العاصمة مابوتو.

وتضيف «بما أن ذلك يمثل وسيلة العيش الوحيدة لهؤلاء، هم يتقاتلون للحصول على أصغر هذه الأحجار». وتدير هذه الطبيبة مستشفى مونتيبويز وهي تاليا في الصفوف الأمامية لهذه الحرب إذ إن أطقمها الطبية تستقبل الضحايا الذين يراوح عددهم «بين 10 أشخاص وثلاثة عشر شهريا» على حد قولها. وتقول مديرة القطاع ايتيلفينا فيفيريرو إن عمال المناجم «لا يتوانون عن التقاتل».

إلا أن هذا ليس كل شيء. فقد جذبت حمى الياقوت إلى مونتيبويز آلاف عمال المناجم غير الشرعيين الساعين لأخذ حصص لهم فضلا عن أعداد كبيرة من الضالعين في أنشطة احتيال مصممين على اغتنام الفرصة. وتضيف فيفيريرو «لدينا الجريمة المنظمة وعمليات سطو مسلح واتجار بالمخدرات». وبلغت الجرائم معدلات كبيرة لدرجة أن السلطات أطلقت في ‏فبراير موجة توقيف وترحيل غير مسبوقة في هذه المنطقة في موزمبيق في جنوب القارة الإفريقية. وتؤكد فيفيريرو عزم السلطات«إعادة النظام». وقد تبدل مصير مونتيبويز في عام 2009. فقبل ذلك ما كان السكان يدركون قيمة الثروة التي تحويها هذه المدينة من الحصى الصغير حيث تكوّن الياقوت قبل 500 مليون سنة.

وتعين الانتظار حتى تحديد تاجر في بانكوك قبل ثماني سنوات للقيمة الكبيرة لأحد هذه الأحجار الصغيرة المكتشفة على يد حطاب في مونتيبويز لكي تحجز موزمبيق موقعا لها على الخريطة العالمية للتجارة بهذه الأحجار الكريمة. وتقول بيا تونا مديرة التسويق في شركة «جيمفيلدز» البريطانية التي استحوذت على إدارة الشركة المحلية المسؤولة عن استغلال المنجم في مونتيبويز (ام ار ام): إن موزمبيق «لم تكن تعلم أنها تجلس على مخزون استثنائي لهذه الدرجة». وتملك «جيمفيلدز» ثلاثة أرباع رأس المال لشركة «ام ار ام» فيما الباقي مملوك لشركة يديرها جنرال سابق عضو في أعلى هيئة حاكمة في مابوتو.

وبعيد التعرف إليها لم تتأخر أحجار الياقوت المتأتية من مونتيبويز عن غزو الأسواق العالمية. ففي العام الماضي استحوذت موزمبيق على ما يقرب من 40% من الإنتاج العالمي المباع من هذه الأحجار بحسب «جيمفيلدز» التي باعت مذاك أحجارا كريمة تفوق قيمتها 225 مليون دولار. وتتباهى الشركة باعتمادها سياسات «مسؤولة» و«شفافة» في الإنتاج وبتقاسمها الأرباح مع الجهات المحلية.

غير أن هذه الصورة الوردية تشوهت بفعل اتهامات خطيرة.

ويشتبه في قيام قوات الشرطة وشركة أمنية خاصة وظفتها إدارة المنجم باللجوء إلى العنف للتخلص من عمال مناجم غير شرعيين. كذلك يتهم العمال غير القانونيين ميليشيا مسماة «ناكاتاناس» أو «حاملو الفراعات» بارتكاب فظائع كثيرة. ويقر مدير العمليات في شركة «ام ار ام» غوبال كومار أن عناصر من الشرطة وشركة أمنية خاصة ينشطون باستمرار في الموقع لكن «بطريقة قانونية تماما»، مضيفا أن الشركة «لا تشجع بتاتا الأنشطة العنيفة، أكرر: بتاتا. لدينا سياسة تقوم على عدم التسامح البتة إزاء أعمال العنف». ومنذ سنوات، ترد شهادات كثيرة عن ممارسات وحشية أو أعمال عنف على خلفية أنشطة المنجم. ويؤكد سيليستينو دوس سانتوس جيسوس وهو مزارع في قرية ناكول القريبة من موقع المنجم الذي تديره «ام ار ام»، لوكالة فرانس برس أن ابنه قتل على يد الشرطة في 2014.

ويقول «كان عمره 25 عاما، ذهب إلى هناك بحثا عن الياقوت» و«قتل على يد مجموعة من قوة التدخل السريع» التابع للشرطة. ولم يرفع سيليستينو أي شكوى لكن القضاء في موزمبيق بدأ في 2014 و2015 النظر فيما لا يقل عن عشر جرائم قتل أو أعمال عنف في موقع المنجم بحسب وسائل الإعلام المحلية. ولم يرد المدعي العام المحلي على أسئلة وكالة فرانس برس في الموضوع.

وقد تزايدت أخيرا الاتهامات بارتكاب أعمال عنف خلال الأسابيع الأخيرة على وقع العملية التي تنفذها السلطات لإعادة الأمن إلى المنطقة.

وتؤكد السلطات أن عملياتها هذه ضرورية للتصدي للعمل غير القانوني والمهاجرين غير الشرعيين. وتقول فيفيريرو: «عمال المناجم غير القانونيين ممنوعون في العالم أجمع».

وتشير المتحدثة باسم شرطة المقاطعة مالفا بريتو: إن العمال الأجانب غير القانونيين يُرحلون من البلاد فيما يعاد الموزمبيقيون منهم إلى مناطقهم الأصلية، لكنها تنفي استخدام العنف في هذه العمليات.

وخلال الأسابيع الأخيرة، تم توقيف أكثر من 3700 عامل غير قانوني ثلثيهم من الأجانب غير المستوفين لشروط العمل القانونية وفق الشرطة.

غير أن نجاعة هذه العمليات تبقى موضع تساؤل إذ إن أكثرية عمال المناجم غير القانونيين ممن تم ترحيلهم يعدون بالعودة.