saif-al-f
saif-al-f
أعمدة

لقاء الأسبوع :ليست من الأخلاق

13 أبريل 2017
13 أبريل 2017

سيف بن سالم الفضيلي -

من كمال المنظومة الأخلاقية في الإسلام أنها جاءت لتسمو بكرامة الإنسان وترتقي بها فلم تدع خصلة حسنة إلا ودعت إليها وحثت عليها ولم تدع خصلة سيئة إلا ونهت عنها وحذرت منها وأغلقت أبوابها كونها لا تتوافق مع الفطرة الإنسانية السوية التي فطر الله تعالى الناس عليها..

يقول سماحة شيخنا العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة «الله سبحانه وتعالى لم يترك العنصر البشري يعيش في هذه الأرض كما يعيش سائر خلق الله سبحانه وتعالى وإنما ميز هذا الجنس البشري بما أودعه في طبيعته من أسباب الخير إذ الله سبحانه وتعالى فطر الناس فطرة سوية وقد جاء دينه وجاءت الدعوة التي ارسل بها رسله وانزل بها كتبه منسجمين تمام الانسجام مع هذه الفطرة فقد قال تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) وقد جعل الله سبحانه وتعالى في طبيعة هذا الجنس البشري داعية الألفة و التعاون..»

ومن أسباب الخير أن يبتعد الإنسان بفطرته عن كل ما يستنقص منها من صفات مذمومة كصفة «السخرية والاستهزاء» مثلا؛ ولما كانت هذه الصفة مذمومة وممقوتة فقد نهى الإسلام عنها وحذر منها المؤمنين خاصة وعدها فسوق بعد الإيمان وظلم يتوجب منه التوبة وإلا فالخسران طريق المستهزئ الساخر يقول جل ذكره «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». ويقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».

إن مما وقع فيه البعض في هذه الأيام أن استخدموا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في بث الاستهزاءات والسخريات وبشتى الألوان كالسخرية أو الاستهزاء بالبشر أو الأوطان أو أولياء الأمور أو العلماء أو الدين أو الأرزاق أو المذاهب أو الطوائف أو غيرها مما تشمئز منه النفوس النقية التي تتحاشى هذه النواقص التي لا تأتي إلا من أنفس ناقصة قد لا تدرك أو أنها تدرك لكنها تتعمد في أنها تتسبب في فتن تزعزع المجتمعات والأوطان..

لا بد من وقفة صارمة ضد أمثال هؤلاء الذين لا يعبأون ولا يأبهون بما تؤول إليه أفعالهم وأقوالهم هذه وهذه الوقفة ينبغي أن تكون من الجهات المختصة وفي كافة الوسائل المتاحة ومن جميع فئات المجتمع.. لا فئة دون فئة.. وبذلك نكون قد تحصنّا مما قد يخطط إليه أمثال هؤلاء المستهزئين الساخرين..

نسأل الله تعالى ان يجنبنا مثل هذه الخصال السيئة المذمومة وأن يجعلنا ممن سمى بكرامته الإنسانية كما أرادها رب العزة والجلال..