أفكار وآراء

بعد فضيحة اللحوم البرازيلية الفاسدة سلامة الغذاء تحت المجهر

08 أبريل 2017
08 أبريل 2017

سالم بن سيف العبدلي -

قامت العديد من دول العالم الكبرى المستوردة للحوم البرازيلية ، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات احترازية، كما أعلنت دول عربية مستوردة للحوم البرازيلية أيضا عن إجراءات احترازية مماثلة ، ومن ضمنها السلطنة التي قررت التوقف عن استيراد اللحوم والدواجن من البرازيل بسبب مخاوف تتعلق بسلامة الغذاء، بعد اتهامات بأن أفراداً تلقوا رشاوى للسماح ببيع لحوم فاسدة وملوثة «بالسالمونيلا”، فيما فضّلت مصر والجزائر تأجيل استيراد اللحوم البرازيلية، بانتظار صدور التقارير اللازمة للتأكد من صلاحية تلك اللحوم للاستهلاك.

حسب البيان الصادر من وزارة الزراعة والثروة السمكية مؤخرا فإنه يتم التحفظ على كافة إرساليات لحوم الأبقار والدواجن ومنتجاتها التي وصلت إلى موانئ السلطنة والقادمة من جمهورية البرازيل وإخضاعها إلى التحاليل المخبرية اللازمة بمختبرات الوزارة، وتوجيه كافة المختصين من الأطباء البيطريين بمكاتب الحجر البيطري بجميع المنافذ الحدودية بتشديد الرقابة، وتكثيف إجراءات الفحص من خلال سحب عينات وفحصها، للتأكد من سلامتها للاستهلاك الآدمي وخلوها من أي مسببات مرضية ومطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة قبل الإفراج عنها.

وقد اتخذت الوزارة المعنية هذه الإجراءات لدى علمها بوجود شبهات وممارسات غير قانونية في بعض مسالخ لحوم الأبقار والدواجن بجمهورية البرازيل مما يتطلب اتخاذ الإجراءات الاحترازية لضمان سلامة كافة المنتجات المستوردة من البرازيل إلى السلطنة، كما طالبت الوزارة الجهات المعنية بالتعاون معها في الكشف عن كافة منتجات اللحوم البرازيلية المصنعة والمعروضة للبيع على المستهلكين داخل المراكز التجارية ومحلات السوبر ماركت خاصة النقانق ومعلبات اللحوم المجمدة.

وكانت الشرطة الاتحادية البرازيلية قد قامت بالتحقيق في تورط العديد من المسالخ وشركات تجهيز اللحوم للاشتباه بوجود مخالفات تتعلق بمنتجات فاسدة وملوثة بالسالمونيلا وتزوير وثائق تصدير. وقد قامت الحكومة البرازيلية بتعليق تراخيص التصدير لمصانع اللحوم التي يشملها التحقيق.

بعد هذه القضية وغيرها من القضايا التي نسمع عنها يوميا والمتعلقة بالغش والتحايل على المستهلك والتي عادة ما يكون ضحاياها العديد من المواطنين والمقيمين وبعض الحالات يتم اكتشافها والبعض الآخر لا يتم التعرف عليها الا بعد فوات الأوان فنود التأكيد على أمرين الأول سبق وان تحدثنا عنه مرارا وتكرار وفي اكثر من مقال واكثر من مناسبة وهو أهمية إنشاء هيئة عامة ومستقلة لسلامة الغذاء والدواء ومنذ فترة صدرت التعليمات بإنشاء مركز لسلامة الغذاء تابع لوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه هذا المركز لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يقوم بهذا العمل الشاق والذي يتطلب توفير كادر متخصص وأجهزة ومختبرات دقيقة ولديها الصلاحيات وطاقم من الكوادر المدربة والمؤهلة التأهيل الجيد ولديها السلطة الرقابية والضبطية.

سلامة الغذاء من المواضيع المهمة والحساسة جدا على اعتبار أن الغذاء الصحي السليم ينعكس على أداء الشخص فكلما كان الغذاء الذي يتناوله الإنسان صحيا كان عطاؤه أكثر، كما ان ضمان توفر غذاء صحي سليم ينعكس أيضا على الخارطة الصحية للسلطنة وبالتالي يوفر مبالغ طائلة تنفق حاليا على علاج المصابين بالتسمم والأمراض الخبيثة وغيرها من الأمراض التي تسببها الأغذية الملوثة والمغشوشة وغير الصحية.

إن إنشاء هيئة وطنية تعنى بسلامة الغذاء والدواء بحيث يكون لها صفة اعتبارية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي والفني وتتبع مباشرة مجلس الوزراء أصبح ضرورة ومطلبا ملحا الآن وقبل أي وقت مضى على أن يشكل مجلس ادارتها من مختلف الجهات ذات العلاقة وتضم لها كافة المختبرات والمراكز البحثية والاجهزة المتعلقة بالرقابة وتحليل وفحص الاغذية وتكون أمامها اختصاصات واضحة ومحددة حيث تقوم بالإشراف والمراقبة على كافة الأغذية والمنتجات الزراعية الطازجة والمصنعة سواء كانت محلية او مستوردة وكذلك الأدوية بكافة أنواعها.

المركز الذي تم الإعلان عنه منذ أكثر من عامين تقريبا والخاص بجودة وسلامة الغذاء نعتقد غير كاف للقيام بالمهام الجسيمة خاصة في ظل زيادة الاستيراد ودخول منتجات زراعية لا يتم فحصها وظهور بعض الأطعمة والمشروبات الفاسدة والتي يتم التخلص منها بين الفترة والأخرى إضافة الى تمادي الأيدي العاملة الوافدة في استخدام مبيدات غير مرخص استخدامها في مزارع السلطنة وزيادة اعداد المصابين بالأمراض الخبيثة كلها عوامل تحتم إنشاء هذه الهيئة.

الامر الثاني الذي نود التأكيد عليه هو ضرورة تشجيع المنتج المحلي ودعمه وتقديم التسهيلات المناسبة له من اجل ان يستطيع منافسة المنتجات المستوردة، ولا بد من اكتساب ثقة المستهلك فيه من حيث الجودة والمواصفات والسعر المناسب وحقيقة رغم ان المنتج المستورد أحيانا يكون أرخص قليلا عن المنتج المحلي بسبب انخفاض تكاليف مدخلات الإنتاج والدعم المباشر الذي يحصل عليه الا انه من ناحية صحية وضمان فإن المنتج المحلي أفضل بكثير واضمن وعلى سبيل المثال عندما تشتري دواجن محلية مجمدة رغم ان سعرها أعلى مقارنة بالبرازيلي الا انك تضمن انك تشتري منتجا حلالا وطازجا وهكذا بالنسبة للحوم والبيض والمنتجات الغذائية الأخرى فإذا ما توفر المنتج المحلي الذي يمتاز بالجودة العالية فأفضل من المستورد.