أعمدة

توعويات : آباء وأمهات في قفص الاتهام

05 أبريل 2017
05 أبريل 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

خلال الجلسة الحوارية التي رافقت حفل تدشين إصداري الأول والذي حمل عنوان توعويات، ضمن فعاليات معرض مسقط للكتاب في دورته الأخيرة، سألني أحد الحضور عن مدى تطبيق المواضيع التي تناولها الكتاب في حياة الأسرة، ومن ضمنها ما يتمناه كل أب وأم من أطفالهم مثل (النوم المبكر- المذاكرة)، لذلك كانت إجابتي له مختصرة في عبارة واحدة وهي: عندما يكون هناك (توافق) بين الوالدين، فلا يمكن أن يكون الأب رأيه وتوجيهه في منحنى والأم توجيهها في منحنى آخر، وهنا حدثت مداخلة أخرى من أحد الأخوة الحاضرين، حيث قال إني أوافقك الرأي، ولذلك سأحدثكم عن قصة وقعت معي شخصيا قبل فترة في أحد محلات بيع الهواتف النقالة، مما أخرجتني عن طوري وجعلتني لأول مرة أتدخل في شأن غيري، يقول قصتي تتحدث عن حضور عائلة مكونة من الأب وخمسة من أطفاله، أعمارهم متفاوتة من سن الثالثة وحتى الخامسة عشر تقريبا، ومع دخولهم المحل طلب الأب من أطفاله أن يختار كل طفل الهاتف الذي يناسبه، وبعدها ذهب الأب للمحاسب لدفع قيمتها، مما دفعني أن أطلب منه التريث عن الدفع والخروج معي خارج المحل للحديث، وعند الخروج سألته يا أخي العزيز ما الذي فعلته؟، فأجاب ماذا هناك يا عزيزي؟ ، فكان جوابي مباشرة هل جميع أطفالك في حاجة أن تشتري لهم جميعا تلك الهواتف؟، فرد على بجواب جعلني أنظر إليه في ذهول، حين قال (نباهم يهجعوا ويسكتوا) لأني وأمهم لا نستطيع تصفح هواتفنا أمامهم وإلا سوف يقومون بأخذها عنا وسيلعبون بها، ولذلك وجدنا أفضل طريقة أن نشتري لكل طفل جهاز وهو حر في غرفته يلعب ويتصفح كيف ما يشاء ولا يقوم بإزعاجنا، عندها صرخت عليه وقلت له حرام أن تكون أب وحرام أن تكون زوجتك أم لأطفالك، هل هكذا تكون التربية، وهل الحل يكون بشراء الأجهزة، لكي تقوم أنت وزوجتك في التصفح بحرية وفي مكان بعيد عن أطفالكم، ولا يهمكم أين يتواجد وماذا يفعل أطفالكم في تلك اللحظة، أخي العزيز حرام أن تترك طفلك صاحب الثلاث سنوات يلعب بجهاز هاتف وهو في هذا السن الصغير، اتق الله في أسرتك وأبنائك، لا تكن أنت من يقوم بتدميرهم وضياعهم .

إن المثال السابق نموذج بسيط من أمثلة كثيرة موجودة في حياة المجتمع، للأسف الشديد بعض الآباء والأمهات لا يراعي سن الطفل ولا خصوصية المرحلة التي يعيشها، ولا يهتم بتوفير التوعية الدائمة لطفله، أصبح البعض منا يهتم بالتقليد الأعمى مما تقوم به بعض الأسر من البذخ والإسراف على أطفالها بهدف أن يقول الناس أنهم غير مقصرين مع أطفالهم، إن الاستسلام التام لرغبات الأطفال في كل شي هي أحد الأسباب التي أوصلت كثيراً من الأطفال إلى طريق مظلم، يؤسفني كثيرا عندما أسمع قصص بعض الآباء والأمهات وهم مستسلمين استسلاما مطلق لما يمليه عليهم أطفالهم من طلبات ورغبات، ولو وجد في بعضها أضرار صحية وأخلاقية وسلوكية، كل أب وأم يتمنى أن يشاهد أطفاله في صحة وعافية وتفوق ولكن هذا لا يكون بالتمني والرجاء، وإنما من خلال عمل جاد ومشترك بين الوالدين إن أردنا لهم السعادة في الدنيا والآخرة، ترفيه الأطفال وإسعادهم بما يتمنوه يعتبر أمر محمود ومشروع ولكن يجب أن يكون باتزان وبدون تهور، لأنهم أمانة وضعها رب الأرض والسماء في أعناقنا فلنتحملها نحن أبناء أدم وحواء .

[email protected]