أفكار وآراء

القضاء على« داعش» .. واستراتيجية القضاء على «الملاريا» !!

21 مارس 2017
21 مارس 2017

د.محمد بن شامس الحوسني -

القضاء على ما يعرف بتنظيم (داعش) بات هاجسا مؤرقا لمعظم دول العالم وبخاصة تلك التي وضعتها في دائرة تهديداتها واهتمامها وعلى رأسها الدول الغربية فشكلت التحالفات لمكافحة الإرهاب والتي كان من بينها التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب ، فعقدت المؤتمرات والاجتماعات لوضع الرؤى، ثم الاستراتيجيات والخطط التنفيذية يحدوهم الأمل للقضاء على آفة الإرهاب ويأتي القضاء على (داعش) على رأس أولويات تلك الاهتمامات ، رغبة في شيوع الأمن والاستقرار في ربوع العالم.

في تقديري أن تلك الجهود مقدرة ومحل اهتمام القادة السياسيين في دول العالم أجمع ، لدرجة أن من لم يشارك اعتبر، من وجهة نظر البعض على الأقل ، في عداد (الضد) .

وفي حقيقة الأمر إن القضاء على الإرهاب ليس بالأمر السهل ، وفي المقابل ليس بالأمر الصعب ، متى ما خلصت النوايا ومتى ما حسن التخطيط لهذا الأمر؛ وذلك من خلال استراتيجيتين غاية في الأهمية .

وحتى تكون الصورة واضحة ولأخذ الأمر بنوع من الأداء العملي فإنني سوف أسوق تجربة عايشتها منذ بزوغ النهضة المباركة في السلطنة فيما يتصل بالقضاء على (مرض الملاريا في السلطنة) وذلك من خلال استراتيجيتين هما:

الاستراتيجية الأولى: تتمثل في ملاحقة المصابين بهذا المرض من خلال تقديم العلاج المناسب ومتابعتهم حتى الشفاء، ومراقبة الداخلين للسلطنة من العمانيين أو الوافدين وبخاصة من الدول التي تعاني من هذا المرض وإخضاعهم للفحوصات اللازمة ووضعهم تحت المراقبة، لعدة أيام للتأكد من خلوهم من المرض ، أضف إلى ذلك وجود نظام تتبع دولي لملاحقة المصابين وتقديم الأمصال الضرورية حتى لا يكونوا سببا في انتقال المرض إلى غيرهم بواسطة الطرق المعروفة والمعلومة لدى الجميع.

أما الاستراتيجية الثانية: فتتمثل في عدد من الخطط: أولها توعية القاطنين والمقيمين بالآثار المترتبة عن هذا المرض وطرق انتقاله ، وكيفية تجنبها فقد ضمنت هذه التوعية المناهج الدراسية وخطب المساجد ، إضافة إلى البرامج التوعوية في وسائل الإعلام المختلفة.

ولو كانت وسائل التواصل الاجتماعي حاضرة كما هو الحال اليوم ، كانت ستكون ضمن تلك الحملة. أما ثاني تلك الخطط فقد تمثل في القضاء على منابع أماكن تواجد مسببات المرض (البعوض) وتركز على القضاء على أنواع البعوض المسبب للمرض أو التي تساهم في توليد الأنواع الأخرى فقد اشتملت على القضاء على آباء البعوض وأمهاتها وصولا لصغارها من (اليرقات) والعمل على ملاحقة مياهها الراكدة والتي تمثل المكان الخصب لتكاثرها والعمل على إزالتها أو استغلاها في إنبات أشجار ونباتات مفيدة.

في تقديري إن تطبيق الاستراتيجيتين ساهمتا في القضاء على آفة هذا المرض وبالتالي أصبحت البيئة العمانية خالية منها ولا يعني خلوها من هذا المرض بعدها عن الملاحظة ، فالمتابعة مستمرة لرصد أية مكونات أو مسببات قد تعود بالمرض على السطح.

ويتبين للقارئ الكريم أن الاستراتيجيتين سارتا جنبا إلى جنب في القضاء على هذه الآفة ، وهذا هو الحال أمام (مرض الدواعش) فنحن بحاجة إلى هذه الفلسفة التخطيطية؛ لينعم المجتمع ، بالاستقرار ويسود الرخاء أرض المعمورة وتجنَد الطاقات لمحاربة الأمراض الأخرى التي تعصف بالمجتمعات من جوع وبطالة.