عمان اليوم

الحبسي: الطب الشرعي يعنى بتوظيف العلوم الطبية في خدمة العدالة وتطبيق القانون

15 مارس 2017
15 مارس 2017

تخصص ذو طبيعة خاصة يجمع بين مهمتي الطبيب والمحقق في الوقت نفسه -

قال النقيب طبيب جمال بن بدر الحبسي أخصائي الطب الشرعي بمستشفى الشرطة: إن من أعمال الطب الشرعي إجراء معاينة مسرح الجريمة واستخراج المتوفين المشتبه في وفاتهم وفحصهم لبيان أسباب الوفاة وكيفية حدوثها، إلى جانب الكشف على المصابين في القضايا الجنائية والمدنية وقضايا الأحوال الشخصية والقضايا الجنسية وقضايا تنازع البنوة وقضايا الاستعراف، وخلاصة القول فإن الطب الشرعي هو توظيف العلوم الطبية في خدمة العدالة وتطبيق القانون.

حيث إن الطب الشرعي هو مصطلح يتكون من شقين هما: طب وشرعي، أما الطب فهو العلم الذي يهتم بكل ما له علاقة بجسم الإنسان حيًّا كان أم ميتًا، وأما الشرع فيقصد به القانون. والطب الشرعي هو تخصص نادر يوظف العلوم الطبية في خدمة العدالة وتطبيق القانون، وهو أحد فروع الطب التي يتم تدريسها إلى طلاب كليات الطب. ويطلق عليه عدة مسميات في اللغة العربية كالطب القضائي والطب الجنائي والطب العدلي.

ويعمل الطب الشرعي في السلطنة تحت مظلة الإدارة العامة للخدمات الطبية بشرطة عمان السلطانية، ويتلقى أوامر العمل في القضايا المختلفة من الادعاء العام والادعاء العسكري والمحاكم المختلفة.

وأوضح النقيب طبيب جمال الحبسي بأن العلاقة بين القانون والطب ترتكز على ما يحتاج إليه القانون من الطب، وما يحتاج إليه الطب من القانون، وهذه العلاقة تتمثل في الطب الشرعي. فالطبيب الشرعي في نظر العدالة هو خبير مكلف بإعطائها رأيه حول مسائل ذات طابع طبي تخص الفرد الضحية سواء كان حيًا أو ميتًا، وكذلك الفرد المتهم من حيث نفسيته وسلامة عقله، فحكم القاضي يبنى على أساس ما يقدمه الطبيب الشرعي من بينة أو دليل طبي. أما بالنسبة لحاجة الطب للقانون فتتمثل في حاجة مهنة الطب بشكل عام إلى القوانين والأنظمة التي تنظم عمل هذه المهنة وأخلاقياتها.

وكون أن النقيب طبيب جمال الحبسي ثاني طبيب شرعي عماني في السلطنة سألناه كيف كانت بدايته في هذا المجال، وكيف جاءت الفكرة للولوج فيه، فأجاب: كنت كأي طالب أجد واجتهد لألتحق بكلية الطب لممارسة تلك المهنة الإنسانية التي تهدف إلى معالجة الناس وإنقاذ الأرواح. لكن أحد التخصصات في كلية الطب قد يكون مغايرًا لهذا الهدف، ويتجه نحو أهداف أخرى ليست أقل أهمية عن غيرها وهو تخصص الطب الشرعي الذي جذبني أثناء فترة الدراسة فهو تخصص ذو طبيعة خاصة يجمع بين مهمتي الطبيب والمحقق في الوقت نفسه.

وحول أهمية هذا التخصص أشار النقيب طبيب جمال الحبسي إلى أن الطب الشرعي يلعب دورًا مهمًا في خدمة العدالة والمجتمع، ويسهم بفعالية في إزالة اللبس والغموض الذي يكشف القضايا الجنائية ليثبت أو ينفي الادعاءات المنسوبة فيها؛ لذا تعد مهنة الطبيب الشرعي واحدة من أصعب المهن وأكثرها حساسية، فهي تتطلب مواصفات وسمات شخصية ونفسية خاصة؛ فالأطباء الشرعيون يتعاملون في غالب الأحيان مع الجثث وحالات الوفاة سواء الطبيعية أو الناتجة عن حوادث شخصية أو حتى كوارث طبيعية مما يجعل الكثير من طلبة كلية الطب يحجمون عن الالتحاق بهذا التخصص، ويفضلون التخصصات المعتادة برغم اعترافهم بمدى أهميته.

ولتميز الطبيب نقيب جمال الحبسي في هذا المجال وحصوله على درجة امتياز في شهادة الاختصاص العالي في الطب الشرعي حاورناه عن سر تميزه وتفوقه في هذا المجال، وقال كلما كنت أسمع أن الطب الشرعي علم معقد، وواسع ومتشعب الفروع والمجالات ازداد إصراري وتصميمي للمضي قدما، فمنذ بداية ابتعاثي لدراسة الطب الشرعي كنت شغوفًا بهذا التخصص وأطمح للعودة للوطن والعمل على تطوير الطب الشرعي لتكون سلطنة عمان ضمن مقدمة الدول في هذا المجال. ولله الحمد نجحت وبتفوق والفضل يعود بعد الله تعالى إلى شرطة عمان السلطانية التي ساندتني وتابعت دراستي أولاً بأول.

وعن تطلعاته المستقبلية أوضح النقيب طبيب بأنه يتطلع على المستوى العام أن يقدم الطب الشرعي خدماته بجودة عالية، وتسهيل البعثات والدورات التدريبية المستمرة للأطباء الشرعيين العمانيين تمهيدًا لافتتاح أقسام للطب الشرعي في المحافظات البعيدة وذلك لتكوين قاعدة متينة للطب الشرعي في السلطنة. أما على المستوى الشخصي فإنني أتطلع لإكمال دراسة الطب الشرعي في تخصص فرعي ألا وهو (Forensic Ballistics) المقذوفات النارية والذي يناقش الإصابات النارية على جسم الإنسان. وأتمنى أن نستضيف أول مؤتمر للطب الشرعي في السلطنة، يستقطب الأطباء الشرعيين من مختلف أنحاء العالم لتبادل الخبرات العلمية والعملية لمعرفة كل ما هو جديد في هذا المجال.

وختم النقيب طبيب جمال بن بدر الحبسي حديثه قائلاً: إن ما نلمسه اليوم من تطور كبير في تقديم الخدمات في كافة القطاعات بشرطة عمان السلطانية، ومنها التطور الملحوظ في الخدمات الصحية بالإدارة العامة للخدمات الطبية التي من بينها الطب الشرعي الذي يقدم المساعدة الفنية للنظام القضائي والأمني من خلال تقديم الخبرة الطبية الشرعية في حالات الوفاة المشتبه بها، وحالات فحص الأحياء في الاعتداءات المتنوعة، ما هو إلا انعكاس طبيعي للجهود المبذولة من القيادة العامة للشرطة سعيا للتطوير والتحديث في شتى المجالات التي تخدم الصالح العام.