assem
assem
أعمدة

نوافـذ: أين نذهب اليوم؟

04 مارس 2017
04 مارس 2017

عاصم الشيدي -

[email protected] -

حين أطفئت الأضواء في معرض مسقط الدولي للكتاب مساء أمس أحسست أن اليوم التالي سيكون موحشا بدون المعرض، وبدون الفعاليات الثقافية والفكرية التي صاحبته على مدى عشرة أيام، وبدون الأصدقاء الذين التقيناهم بشكل يومي أو بشكل مفاجئ في المعرض.. في مساحة تحولت إلى أهم منتدى ثقافي شهدته السلطنة. تمنيت وأنا أخطو إلى خارج المعرض مودعا إلى لقاء آخر أن يستمر هذا الحدث طوال العام، وأن يتحول مركز المؤتمرات والمعارض إلى مركز ثقافي يفتح أبوابه طوال العام ويخلق حركة ثقافية لا تهدأ، تخرج من ندوة ثقافية لتدخل في جلسة فكرية، ومن أمسية شعرية إلى عرض مسرحي أو إلى جلسة إنشاد صوفي تنكشف فيها الحجب عن أرواح شديدة الجمال وشديدة الشفافية كما كانت أيام معرض الكتاب حافلة بكل ذلك.

حضرت أيام المعرض بشكل يومي تقريبا منذ الصباح وحتى المساء صحفيا أبحث عن الخبر، وباحثا عن كتب وباحثا عن متعة الفعاليات والندوات، واستطيع القول بكثير من الاطمئنان إن الكثير مما كنا نحلم به للمعرض قد تحقق في هذه الدورة ليس بدءا بالمكان الفخم الذي استطاع استيعاب عدد أكبر من دور النشر في قاعة واحدة «750 دارا» واستيعاب فعاليات ثقافية أكثر وليس انتهاء بالحالة الثقافية والمعرفية والاقتصادية والأسرية التي تشكلت في هذه الدورة من دورات المعرض. لم يكن المعرض سوقا لبيع الكتب على الإطلاق، بل كان إضافة إلى ذلك منتدى ثقافيا ومعرفيا، في كل ساعة من ساعاته كانت هناك فعالية متنوعة بين الأدبي والفكري والتراثي والمسرحي والدورات وبرامج الأطفال وعشرات المقاهي الثقافية التي تعمل طوال اليوم تقريبا وتقدم زادا معرفيا جميلا وعلى الزائر أن يختار أين يجلس ليستمتع.

ولأن المكان باعتباره فضاء ساحرا سرعان ما تشعر فيه بالألفة فقد كانت الأسر والأصدقاء يجلسون على مقاهي المركز يحتسون الأماني ويستعيدون الذكريات مع كل رشفة من رشفات القهوة ويتحدثون عن آفاق ثقافية أكثر جمالا للمستقبل.. وبذلك حقق المعرض الكثير من أهدافه التي رسمت له.

وهذه خطوة نحو الأمام ليس إلا.. وفي القلب أن الخطوات القادمة تكون اكبر وأجمل.

تابعت معرض مسقط الدولي للكتاب منذ عام 1998 وكنت طالبا في السنة الأولى في كلية التربية بصحار ومنذ ذلك العام لم تفتني دورة واحدة من دوراته، وشهد المعرض خلال كل تلك السنوات الكثير من النقلات والكثير من التحولات إلا أن ما حدث هذا العام هو تحول نوعي سواء من حيث المكان أو من حيث ضخامة الحدث نفسه وما صاحبه من برامج وفعاليات. على أنني أعتقد أنه بالإمكان أكثر مما كان وهذا ما ننتظره من اللجنة المنظمة في السنوات القادمة.. وأن أمام اللجنة مساحة زمنية طويلة لتخطط للدورة القادمة لتكون فعالياتها نوعية أكثر وتحدث فارقا معرفيا أكبر منطلقة مما أحدثته هذه الدورة من نجاح ورضى جماهيري. فبمثل هذه الفعاليات وهذه المنتديات الفكرية يمكن أن نحدث التغيير الحقيقي ونتجاوز ما تمر به المنطقة من حالة التهاب مستعصية.

أما الناقمون على المعرض والذين لم يروا فيه أي جديد أو أي تحول أو تغيير يستحق الوقوف عنده فهذا ديدنهم في عدم الرؤية وفي التقليل من إنجازات الآخرين.. وهذا النوع من النقد لا يقدم أي جديد للمشهد وتتجاوزه الإنجازات سريعا.

وإذا كان الحق أحق أن يقال.. نقول «شكرا لكم فقد كان معرضا ناجحا بكل المقاييس» وننتظر الأفضل في الدورة القادمة التي نتمنى فعلا أن تكون بلا منع أو مصادرة.