922583
922583
عمان اليوم

ولاية أدم .. واحة ظليلة غناء في الطريق الواصل بين 3 محافظات

03 مارس 2017
03 مارس 2017

أشبه بالزمردة الخضراء الغائصة في رمال الذهب -

أدم - ناصر الخصيبي -

922581

تبرز ولاية أدم في وسط الصحراء كواحة ظليلة غناء في الطريق الذي يصل بين محافظات الداخلية والوسطى وظفار، تتقارب ضواحيها حتى يحسبها الزائر أنها أشبه بالقرية الواحدة، وهي من الداخل تتوزع إلى حارات وضواح متداخلة مع بعضها في نسيج اجتماعي واحد، مثلما جغرافية ولاية أدم تبدو في تكوين طبيعي واحد.

إنها أدم، أديم الأرض العريقة، وأدم واحات النخيل الممتدة إلى نهايات البصر، وأدم الحارات الأثرية والمساجد العريقة، ومن حولها تترامى الصحراء بكثبان ذهبية الرمال، لتبدو أدم أشبه بالزمردة الخضراء الغائصة في رمال الذهب.

تبعد ولاية أدم عن مسقط مسافة تبلغ 234 كم، ما يعني أنها أبعد ولاية من ولايات الداخلية عن مسقط العاصمة، لأنها تقع في الجزء الجنوبي من محافظة الداخلية، يحدها من الشمال ولايات بهلا ومنح وإزكي، ومن الجنوب ولايتي محوت وهيماء، ومن الشرق ولاية المضيبي، أما من جهة الغرب فتحدها ولاية عبري.

وتشتهر ولاية أدم بصناعة الذهب والفضة من الحرف التقليدية، ويمارس أهالي البادية صناعة الغزل لتوفر الصوف لديهم.

أبراج وقلاع وآثار

وبمجرد الدخول لولاية أدم تبدو من بعيد بعض أبراجها، تلوح للزائرين، وتريهم جانبا من الوجه العريق، وداخل أرجاء الولاية تنتشر القلاع والحصون والأبراج، ويعتبر حصن أدم الذي شيد في عهد اليعاربة معلما تراثيا متكاملا، وفي أدم الكثير من المساجد التي كانت تشهد حلقات العلم، كما أن بعضها بني بطريقة تتلاقى فيه أركانه لتشكل سقفا واحدا، من غير استخدام للخشب، ويسمى مسجد باني روحه.

وورد اسم أدم في كتب المؤرخين العرب، حيث ذكرها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان: أدم بفتح أوله وثانيه من نواحي عمان الشمالية، وكانت أدم مركزا لالتقاء القوافل التجارية.

أما أشهر حاراتها فحارة الجامع، والروغة والرحبة وحارة العين، وحارة بني وائل، وحصن الهواشم وحلة العواصم، والنهضة والعلاية والقلعة والشعبية والسميرات وحارة بني شيبان، وحارة العانب، وحي الساكبية والبسيتين، وتتميز بمبانيها الطينية وتصاميمها الرائعة ومساراتها ذات الأقواس والبوابات.

حارة الجامع

يتواصل حاليا مشروع ترميم حارة الجامع تحت إشراف وزارة التراث والثقافة، حيث أعيد بناء بعض البيوت المندثرة وتسقيفها، ونقل الأخشاب المتهالكة، والاستعاضة عنها بأخشاب جديدة، ويتم بناء المنازل بالمواصفات العمانية، مستخدمين في ذلك الطين والجص، ومواد من البيئة والمكان.

أما الأدوار العلوية في منازل الحارة فلها طابعها الخاص، تشعر بخصوصية غرف المنازل، وجمالها المعماري المتواضع، ولكنها بصورة عامة تبدو فسيحة ومريحة للسَّكن، ولا يشعر الصَّاعد إليها عبر السَّلالم بتعب.

ومن أبرز حاراتها أيضا حارة العين التي تمتاز بمداخلها الفسيحة وشرفاتها، بما يؤكد على تاريخية هذه الحارة وجمال المعمار، وقد بذل الأوائل جهدا كبيرا في بنائها، لذلك بقيت معاملها إلى اليوم، تتحدث عن زمن بعيد.

علماء من أدم

من ولاية أدم خرج القائد العربي المهلب بن أبي صفرة، وعاش فيها الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس دولة البوسعيد، ولا يزال بيته قائما إلى يومنا هذا، حيث تم ترميمه مع ترميم حارة الجامع التي يقع فيه المنزل، وخرج العديد من العلماء والفقهاء، أبزرهم الشيخ درويش بن جمعة المحروقي صاحب المؤلفات والمصنفات الوعظية والفقهية الكثيرة، ككتابه الشهير الدلائل على اللوازم والوسائل، والشيخ القاضي محمد بن سيف الشيباني، ومن آثاره العلمية منثورة الشيباني.

عمارة المساجد

أما عن عمارة المساجد في هذه الولاية الجميلة فيوجد داخل حارة جامع البوسعيد جامع أثري وإليه تنسب الحارة، يشتهر بجمال محرابه ونقوشه البديعة ما تزال متماسكة حتى اليوم، وتمت زخرفة محرابه في عام 941هـ على يد النقاش عيسى بن عبدالله بن مسعود بن سيف البهلاني، وتتشابه زخارف هذا المحراب مع محراب مسجد الجامع الكبير بمنح، أما الجامع ذاته فقد شيد في فترة حكم النباهنة خلال العقد الثاني من القرن الثامن الهجري.

مقصد لأهالي البادية

لأن أدم تقع في وسط صحراء مترامية الأطراف، فهذا يجعلها مقصدا لسكنى أهالي البادية، حيث يقدمون إليها ويخيمون حولها في مواسم الصيف، وبمرور السنوات مكث بعضهم في أطراف أدم، وتشكلت بمرور الأيام بادية جميلة تتكامل فيها أسباب الحياة، وتعد اليوم واحدة مما يغري الزائر للتعرف على طبيعة الحياة البدوية، وتلقى الدعم من الحكومة للحفاظ على هذا النمط من الحياة الصحراوية.

الأفلاج والخمائل

ولأن أدم واحة ظليلة من الخمائل والجنات المتعانقة، فإن ضواحيها تستقي من مياه الأفلاج والآبار، وأشهر أفلاجها من بينها المالح والشارع والفليج والعين، ومن أشهر عيونها عين الرخيم، وخارج الولاية توجد عين نامة تقع على بعد 35 كم باتجاه الجنوب. وتشكل مجرى الأودية والشعاب في ولاية أدم مزارا سياحيا جميلا في مواسم هطول الأمطار.

صحارى غنية

صحارى ولاية أدم تعد قطعة جيولوجية مهمة، تجرى فيها الدراسات والحفريات، سواء أكانت خاصة بالتنقيب عن النفط أو عن المعادن، وتم الكشف عن الكثير من حقول النفط بموقع قرن العلم ومناطق أخرى تابعة للولاية وحقول الغاز الطبيعي المكتشف بكميات كبيرة في مناطق تقع في الحدود الإدارية للولاية.

كما يوجد في جنوب الولاية موقعان لملح الطعام، فقد تم الكشف عن قارة الملح، وهو موقع شهير يستخرج منه ملح الطعام بكثرة، ما يعني أن صحارى أدم غنية بالمواد النفطية والأملاح والمعادن.