921366
921366
مرايا

«الدوة» أبرز وسائل الكويتيين للتدفئة والضيافة بالشتاء

15 فبراير 2017
15 فبراير 2017

يجلس المواطن الكويتي هاني المسلم حول مدفأته متذكرا الأيام الماضية قبل ظهور النفط والنهضة الاقتصادية والعمرانية الشاملة في الكويت، ومقارنة بين ما تشهده الكويت هذه الأيام من وسائل تدفئة حديثة ومنازل فخمة والتي لم تكن موجودة في السابق، يظل الطقس البارد في هذا الوقت من العام هو الثابت في ذاكرة الكويتيين وكيف كانوا يواجهون هذه الفترة الصعبة رغم قلة الوسائل المتاحة والمنازل المتواضعة والخيام المتنقلة، وبالطبع معظم الكويتيين خاصة من كبار السن الذين عاصروا وعاشوا هذه الفترة وسط البيوت البسيطة نقلوا بحكاياتهم وذكرياتهم الصورة للأجيال الجديدة.

الدوة أو «المنقلة» أو «المدفأة» تعتبر من أبرز الوسائل القديمة للتدفئة في الماضي حيث يلتف جميع أفراد العائلة حولها خصوصا في مثل هذه الأوقات من كل عام والتي تتسم ببرودة قاسية خاصة في مناطق «البر» وهي بمثابة المدفأة في الوقت الحاضر، كما أنها تستخدم لصنع الشاي، ويوجد منها أنواع متعددة تختلف سعرها بحسب النوع والخامات المصنوعة منها، وكانت تصنع «الدوة» قديما من الحديد وتبطن بالطين ويوضع بها رمل أو أسمنت وتملأ بالفحم، اما في العصر الحديث فشهدت صناعة «الدوة» تقدما ملحوظا وأصبحت هناك أشكال فخمة مصنوعة من النحاس ويكون هذا النوع مرتفع السعر.

ويقول هاني المسلم لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ) «الدوة» عبارة عن مربع مصنوع من الصفيح أو الحديد توضع فيه رمال أو جمر أو فحم، وتستخدم في التدفئة كما أنها تستخدم في صناعة الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة التي تقدم للضيوف في الطقس البارد. ومع توفر الكهرباء تطورت «الدوة» وأصبحت تأخذ أشكالا متنوعة لعل أبرزها «الكشخة» والتي تصنع من النحاس مع الاستغناء عن الفحم أو الرمل، حيث يتم توصيلها بالكهرباء مباشرة مثل السخان.

ويضيف المسلم: «الدوة» الحديثة أو «الكشخة» من الممكن صناعة الطعام عليها مثل البطاطا والكستنة والذرة بالإضافة إلى الشاي والقهوة والحليب. أما عن أسعار «الدوة» فتتراوح ما بين 25 و 30 دينارا كويتيا للدوة العادية أما الدوة «الكشخة» فيتراوح سعرها ما بين 100 دينار إلى 150 دينارا كويتيا، مع كامل احتياجاتها، مثل المنقاش الذي يتم به التقاط الفحم بالإضافة إلى الحديد الذي يوضع فوق الفحم وبعد ذلك يتم وضع غوري الشاي أو دلة القهوة العربية.

ويضيف المسلم: تستخدم مع «الدوة» «كاسات» أو أكواب معينة لشرب الشاب وأخرى مختلفة للقهوة العربية، كما أن بعض الكاسات أو الأكواب معدة للاستعمال اليومي، وهناك أنواع فاخرة معدة خصيصا للضيوف، وتختلف أسعار هذه الكاسات أو الأكواب حسب نوعها فقد يصل سعر الكأس الواحد إلى 100 دينار.

بدوره قال صالح المسباح الباحث في شؤون التراث الكويتي وأمين عام رابطة الأدباء السابق، لـ( د .ب. أ)»نظرا لعدم وجود الكهرباء في الخمسينات كان الكويتيون يستخدمون الدوة القائمة على الفحم، ولكن بالطبع كانت لها أضرار بسبب الانبعاثات التي تخرج من الفحم؛ فالبيوت قديما كانت أبوابها ونوافذها مفتوحة فكانت أضرار الفحم أقل من الآن داخل البيوت المغلقة».

وأضاف المسباح: الناس كانت تحتاج لشيء يقيهم البرد، خاصة مع هطول الأمطار، فالدوة كانت تشعرهم بالدفء، وكان الكويتيون يفضلون الدوة الدائرية حتى يمكن لأفراد العائلة الالتفاف حولها، وتناول الأحاديث العائلية، حيث لم يكن هناك وقتها ما يشغل أفراد الأسرة الواحدة عن بعضهم داخل المنزل الصغير أو الخيمة.

وأوضح المسباح: سوق «التناكة» الواقع في المباركية ويسمى حاليا بسوق الغربللي كان يصنع فيه الصفيح والحديد المستخدم في عمل «الدوة»، كما كانت تصنع جميع لوازم «الدوة» مثل الابريق وغوري الشاي ودالة القهوة العربية. وتفنن صانعو الدوة في أشكالها وألوانها، فكان منها المستطيل والمربع والدائري حسب رغبة الزبائن، كما كانت كلمة الدوة تطرح في بعض المسابقات.. مثلا ما جمع كلمة الدوة، ففي اللهجة الكويتية جمعها «الدوات _ الدويو». وكانت تستورد الدوة الفاخرة المصنوعة من النحاس من عدة بلاد أبرزها إيران والهند، أما أفضل أنواع الفحم فكان يأتي من كراتشي في باكستان. وبلهجة كويتية قال المسباح: «البر ما يحلى إلا بوجود الدوة ... فهي تعطي شعورا بـ «الوناسة»، ولكن استعمال الدوة بدأ ينخفض لدى الكويتيين حيث لم يتعد مستخدموها الآن 10 في المائة خاصة مع وجود المدفأة التي حلت محلها، ولكن الخروج إلى البر وهي عادة للكويتيين حيث يخرجون إلى الصحراء مع اصطحاب خيامهم ومستلزماتهم لا تخلو من وجود «الدوة». وأضاف المسباح: وسائل الإعلام أثارت الانتباه حول استخدام الدوة خاصة في البيوت المغلقة والتي تيواجد بها عوازل حرارية نظرا لخطورة ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الفحم، لذلك أصبح استخدامها قاصرا على الأماكن المفتوحة داخل المنازل مثل حوش المنزل أو عند الخروج إلى أماكن مفتوحة في الصحراء. وتوضع الآن «الدوة» كنوع من أنواع التراث الكويتي القديم في البيوت القديمة أو المتاحف، حتى يعلم الجيل الجديد الذين لم يعاصروا هذه الأيام تراث آبائهم وأجدادهم.