896170
896170
عمان اليوم

بهلا.. عراقة المكان وعبق التاريخ الموغل في القِدم

05 فبراير 2017
05 فبراير 2017

896172

تتدفق فيها الأفلاج وتحفها الطبيعة الآسرة -

بهلا - أحمد المحروقي -

حين تذكر ولاية بهلا يستفيق في الذاكرة تاريخ ضارب في القدم، ففيها مستوطنات قديمة تعود إلى فترات سحيقة من العصر الحجري، ممثلة في مستوطنة سلوت وما حوله من آثار، وحين تذكر بهلا نتذكر حصنها الشهير الذي تم ترميمه مؤخرًا، ويلوح من بعيد كعلم على رأسه نار، شامخ في تلة عالية، تحفه النخيل ويحيط به سور طويل يعد أطول سور أثري في مدينة عمانية، وحين تذكر بهلا تذكر الكثير من محطات التاريخ العماني التي لعبت فيها بهلا دورًا مؤثرًا، مؤكدة على عراقة المكان وجمالية الجغرافية والطبيعي.

موقع بهلا

تقع ولاية بهلا في جهة الغرب من محافظة الداخلية، وتبعد عن محافظة مسقط مسافة تبلغ 200 كم، ومن الشمال تحدها ولاية الحمراء، ومن الشرق ولاية نزوى نزوى، ومن الجنوب ولاية أدم، ومن الغرب ولاية عبري، وإلى جانب هذا الموقع الفريد المحروس بقمم الجبال، تبدو قمم جبل شمس تطل عليها من جهة الشمال، وقمم جبل الكور التي تطل عليها من جهة الغرب، وتحفها العديد من القرى، من بينها بلادسيت والغافات وبسيا والمعمور والحبي إلى جانب قرى زراعية كثيرة، تتغذى ضواحيها على مياه الأفلاج والآبار.

الآثار والتراث

تصل ولاية بهلا من أي الجهات، فكل الشوارع تقود إليها، سواء أكان من طريق نزوى والحمراء أو من الشارع السريع الذي يربط بين نزوى وبهلا وعبري من جهة الجنوب، والقادم من طريق الحمراء سوف يأخذه الطريق إلى مركز الولاية، حيث حصنها الشهير الذي اكتمل مشروع ترميمه بعد أن قطع أكثر من عقد من السنين، حصن شهير أشبه بمدينة أثرية، فيه مستوطنات تنتمي بعضها إلى فترة ما قبل الإسلام، خاصة تلك التي تعرف بالقصبة، وهي أقدم بناء معماري في حصن بهلا، وفي داخل الحصن مساحة شاسعة مفتوحة على الفضاء يستفاد منها حاليًا في إقامة الفعاليات الثقافية التي تنظمها المؤسسات الثقافية أو جمعيات المجتمع المدني أو مكتبة الندوة الأهلية العامة، ومن حول الحصن بقايا لحارة أثرية.

كما تم ترميم الجامع القديم يقع في الطرف الجنوبي الشرقي من الحصن، وهو جامع شهير كان مدرسة تعليمية في غابر الأيام، دل على ذلك تلك الكتابات التي وجدت في أسطوانات المسجد الداخلية.

وتم ترميم السوق الأثري القديم الواقع جهة الغرب من الحصن، يفصله عن الحصن الشارع الرئيسي، رمم السوق بالصورة التي كان عليها، حيث يبدو تقابل المحلات التجارية والدكاكين، في أزقة السوق الداخلية، كما تم استبدال الأبواب الخشبية وترميم الأسقف والتكيات والمخازن داخل السوق، ليظهر اليوم سوق جديد بمواصفات قديمة، مطرز بمشربيات وأسقف وجذوع نخيل وكندل ونوافذ خشبية تسمح بتسلل الضوء.

إنه قطعة من التاريخ العماني، حرصت عليه الحكومة العمانية، فقامت بترميمه ضمن مشروع ترميم واحة بهلا الأثرية التي أدرجت ضمن التراث العالمي واعتمدته منظمة اليونيسكو كأول محمية ثقافية في السلطنة وذلك عام 1987م لتثير إعجاب العالم، تضم الواحة كل من الحصن والحارة الأثرية والسوق القديم والجامع. وبترميم السوق القديم تكون الواحة قد استكملت مشروع الترميم الذي بدأ منذ عقدين من السنين.

الأفلاج والعيون

الزيارة لولاية بهلا هي زيارة لضواحيها الغناء، حيث تتدفق فيها الأفلاج التي يبلغ عددها أكثر من مائة فلج، بأنواعها الداؤودي والغيلي والعيني، موزعة على أنحاء الولاية والقرى التابعة لها، أهمها الميثا والمحدث وكيد والفتح ومويهي المر وسوسا وجيلة النعب وجيلة الشيوخ والحواجر، كما يوجد بها عيون مائية أهمها عين وضاح وعين الوردي والمويلح وبو حليفة والعوينة.

شواهد العهد الزاهر

حيثما يمم الزائر يجد الطبيعة تبوح بجمالها الآسر، وتتجانس مع الشوامخ الأثرية شوامخ العهد الزاهر، وفي كل بقعة منها تعمير وأثر كبير لريشة النهضة التي حولتها إلى مدينة حديث فيها مختلف الدوائر الحكومية والمراكز العسكرية.

وكغيرها من الولايات العمانية يوجد في ولاية بهلا 33 مدرسة حكومية ومستشفى ومركزًا صحيًا، وتشتهر بالعديد من المهن التقليدية أشهرها صناعة الفخار كما تم الإيضاح، وتشترك مع بقية ولايات محافظة الداخلية بفنون الرزحة والعازي تقام في المناسبات الاجتماعية والدينية.

كما تشتهر بهلا كونها سوقًا تجاريًا يرفد الاقتصاد بدخل وافر، حيث يعمل كثير من أبناء الولاية في مهنة التجارة والصناعة، إلى جانب عملهم في مهنة تقليدية كصناعة الفخار والخزف، وهي صناعة قديمة، ومعروف عن بهلا صناعة الفخار منذ قديم الزمان، وفي داخل الحارات كحارة خليفة على سبيل المثال العديد من المصانع الأهلية.

ومن مركز الولاية إلى القرى القريبة منها، تظهر قرية جبرين واحة غناء، ويبرز من بين تلك الجنائن شرفات حصن جبرين الأثري، والذي يجمع بين هيبة الحصون وفخامة القصور، وهو الآخر تم ترميمه مبكرًا، ضمن أبرز المعالم الأثرية في السلطنة التي رممتها الحكومة.

سلوت الأثرية

وقريبا من واحة جبرين يمكن للزائر أن يقف على أطلال سلوت، وهو موقع أثري قديم يعود إلى عصور سحيقة تنتمي بعض أجزائه إلى العصر الحجري، وبعضه إلى العصر البرونزي، وقد تم الكشف عن هذا الموقع ودراسته من قبل مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية.

قرى جبال الكور

ومن جهة الغرب تلوح قمم جبل الكور، وهو جبل شامخ تحيط به قرى زراعية كثيرة، تشتهر بزراعة القمح والنخيل والذرة وفيها مراعي لتربية الأغنام، ويقال: إن تسميته جاءت تشبيها بكور العمامة، أي أنه مستدير كالعمامة التي يرتديها الرجال على رؤوسهم، أو أن الجبل بمثابة العمامة التي تحيط بالقرى الخضراء.