humada
humada
أعمدة

ابتسامة لا أكثر

05 فبراير 2017
05 فبراير 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

تذكرت موضوع بطاقة الصراف الآلي الذي كنت أنوي التواصل مع المصرف بشأنه وأنا ألمح فرعاً له وأنا أهم بالخروج من أحد المجمعات التجارية، ولكوني أكره الطوابير وفترات الانتظار الطويلة فقد ألغيت فكرة الانعطاف نحو المصرف لولا أن وقعت عيني على الموظف الوحيد ذلك المساء وهو يتبادل الحديث مع زبون وحيد في تلك الساعة، كان شاباً يافعاً في مقتبل العمر لم تفارق الابتسامة وجهه طوال فترة متابعتي له التي امتدت دقائق كوني كنت حينها أنزل من السلم المتحرك الذي كان في مواجهته تماما، شجعتني تلك الابتسامة وخلو المكان من المراجعين على أن أتقدم منه وأعرض عليه موضوع الرقم السري الذي نسيته، بادرني بابتسامة عريضة وقال مازحا: لا بأس عليك إن كنت في عمري هذا فأنسى ما بال بمن هم في عمرك! في ظروف عادية ربما كنت سأجد مزحة كهذه ثقيلة، وسترفضها حتما أنوثتي التي ما زالت تحاول التأقلم مع مسألة التقدم في العمر الذي بات يزحف بشكل أسرع مؤخرًا، لكن التلقائية التي علق بها فتاي وأسلوبه الراقي في التعامل كانا كفيلان بأن يجعلاني أغفر له زلته اللفظية تلك في حق أنوثتي.

لم تستغرق المعاملة أكثر من دقائق خمس أو ربما أقل بقليل، فقد كان جاهزًا بالحلول التي لم يكن من ضمنها الحل الذي توقعته وهو صرف رقم جديد، فقد صرف لي بطاقة جديدة، وقام بتفعيلها للتو واللحظة، قبل أن أغادر المصرف لم أشأ أن أكون أقل كرما منه، فقد أدخل البهجة في قلبي فعلاً بعد يوم عمل طويل جدًا امتد حتى تلك الساعة، فشكرته وعبرت له عن بهجتي بأسلوبه، تفاجأت وهو يستقبل إطرائي ببهجة وفرح طفولي زاد من بهجتي وسعادتي.

طوال الطريق وأنا أفكر في ذلك الفتى، وكيف أن تصرفا بسيطا كابتسامة وكلمة طيبة من الممكن أن يكون لها كل ذلك التأثير على الآخرين لقد استطاع أن يجبرني على تغيير خطتي في تأجيل إنهاء المعاملة التي بالفعل مضى عليها مدة طويلة، واستطاع بالفعل أن يخفف من حدة تعبي ذلك النهار.

استوقفني كثيرًا تأثير كلمات الإطراء على ذلك الشاب، وهو يقول لي ياريت كل الزبائن مثلك، وجعلني أدرك أننا بالفعل نسهم بشكل كثير في تصرفات الأشخاص تجاهنا سلبًا أو إيجابًا، في مساء ذات اليوم ذهبت إلى مطعمي المفضل الذي فاجأني النادل فيه بقائمة جديدة من المطبخ المغربي، ترددت في الطلب كون المطعم في الأصل متخصصا في المطبخ التركي، لكن تشجعت أمام تعهد النادل بأنني لن أندم، وفعلا كان طبق (الكسكسي) المغربي الذي تناولته هو ألذ ما تذوقت في عمان، يبدو أن النادل نقل ترددي للشيف الذي تفاجأت بأنها سيدة مغربية، جاءت لسؤالي عن التجربة، كعادتي لم أبخل عليها بالإطراء، الذي قابلته بفرح، نظر إلي زوجي مندهشًا قائلاً: يا إلهي لقد أسعدتي قلب هذه الفتاة بالفعل، كافأتني هي أيضا بإبريق من الشاي المغربي الذي أعد خصيصًا لي بكثير من الحب والعناية، جعلتني أدرك حكمة جعل التبسم صدقة في ديننا الإسلامي الحنيف الذي هو (دين المعاملة) حقا، فالابتسامة مفتاح القلوب فعلا ويمكن بها تحقيق المعجزات..

شكرا أيها المصرفي الصغير.