sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : للكبار فقط

25 يناير 2017
25 يناير 2017

شريفة بنت علي التوبية -

قبل البدء في الكتابة عن هذا الموضوع ترددت كثيراً حتى لا أكون كمن يفتح باباً مغلقاً أو يقتحم سوراً في منطقة محظورة، ولكن بعد أن انتهيت من قراءة إحدى الروايات لاحت في فضائي الفكري أمنية، وهي أن تبادر دور النشر بالكتابة على بعض الكتب أو الروايات ( للكبار فقط )، كما هو الحال في دور السينما، فكلنا يحلم أن يكون أطفاله قارئين وكلنا يشجع أطفاله على القراءة، فالكتاب صديق وفي من الممكن أن نأمن على أبنائنا معه، ولكن هناك كتب ملغّمة أو محشوة بمادة جنسية دسمة لا تتناسب مع مرحلتهم العمرية، حتى وإن بدت بعض العناوين مغرية ومناسبة، فالرواية التي كنت أقرأها على سبيل المثال تحمل مضموناً رائعاً من حيث الفكرة وطريقة السرد، وكتبت بلغة أدبية متقنة، ولم تأخذ من وقتي أكثر من ثلاث ساعات في جلسة واحدة كونها لا يتجاوز عدد صفحاتها مائتي صفحة، ولكن بعد أن انتهيت من قراءتها تساءلت: ماذا لو وقعت هذه الرواية في يد أحد أبنائي وأنا التي أحاول تشجيعهم ودفعهم للعبث بمكتبتي كما شاؤوا وكما أرادوا ليكتشفوا الحياة من خلال كتاب؟!

للكاتب الحق أن يقدم مادته الأدبية كيفما شاء وله أن يعالج فكرته وفق ما تتطلبه ظروف النص أو الظروف المرتبطة بالشخصية في عمله الأدبي، المهم أن يقدم أدباً حقيقياً، ولست ضد أي كاتب يوظف ما يشاء من أجل الخروج بعمل إبداعي ناجح، وإن كانت مجتمعاتنا ما زالت ترى في ذلك أزمة أخلاقية وفعلا خادش للحياء، إلى درجة أن البعض قد يجرّمه كفعل يستحق العقوبة، رغم أن الكثير من الرواة العالميين والعرب تحدثوا عن الجنس في أعمالهم بشكل صريح أو مقنّع، ولعل في روايات نجيب محفوظ خير مثال على ذلك، وأظن أن القارئ أصبح على درجة كبيرة من الوعي القادر على التمييز بين الأدب الحقيقي والأدب الذي لا يهدف سوى إلى الإثارة باعتقاد كاتبه أن ذلك سيكون أداة تسويق لكتابه، وفي الحقيقة أمام هذا الانفتاح الإعلامي والثقافي لسنا بحاجة إلى أدب يعتمد على الجنس في الترويج إلى نفسه، ولكننا بحاجة إلى تصنيف لهذه الكتب، فهناك أطفال تتجاوز قدراتهم القرائية كتب الطفولة، فكيف تمنعهم من قراءة كتاب وتقنعهم أن ذلك الكتاب لا يناسبهم، نعم أصبحت الحياة مفتوحة أمامهم وسيعرفون الحياة بنا أو بغيرنا، ولكن ما زال الكتاب هو الأقدر على تعريفهم بالحياة أكثر من أي شيء آخر.