896812
896812
المنوعات

حلم الصحفيين.. استكشاف البرية لصالح مجلة علمية واسعة الانتشار

12 يناير 2017
12 يناير 2017

896811

هامبورج «د.ب.ا»:- هذا هو آخر رجل في أوروبا ينجح في الاحتفاظ بوظيفة تعد حلما في مهنة الصحافة: وهي استكشاف معالم البرية في العالم والكتابة عنها، وفي الوقت نفسه ويحصل على أجر سخي نظير العمل طوال الوقت.

وبالسير على خطى الصحفي والمستكشف الأمريكي الراحل هنري مورتون ستانلي الذي اشتهر برحلاته الاستكشافية في القارة الإفريقية، وأيضا تقليدا للفتى تان تان الصحفي الخيالي الشهير بمغامراته في القصص المصورة التي تحمل اسمه، يأتي الألماني لارس أبروميت الذي استحق لقبه الصحفي الفريد «قائد حملة استكشافية» بالعمل بمجلة جيو الرائجة والمتخصصة في موضوعات الرحلات الاستكشافية الجغرافية.

وأخذته أحدث رحلة يقوم بها إلى المرتفعات والجبال ذات القمم المسطحة في فنزويلا، ودراسة هذه النوعية من المرتفعات تعد تقليدا ثابتا بمجلة جيو، وهذه المجلة بمثابة شبيه ألماني بمجلة ناشونال جيوجرافيك الأمريكية.

وتنشر كلا المجلتين الشهريتين صورا رائعة وفريدة التقطت من مناطق عجيبة وبعيدة في مختلف أنحاء العالم، وتقدم كلاهما معلومات مثيرة حول الشعوب وغرائب الطبيعة ليتعرف عليها القارئ وهو جالس على مقعده الوثير دون أن يخطو خطوة واحدة.

ويصف كريستوف كوكليك «52 عاما» رئيس تحرير مجلة جيو أبروميت المستكشف المقدام، الذي قاد بعثات استكشافية تضم فرقا بحثية دولية خلال الأعوام العشرة الماضية، بأنه «مغامرنا المتفرغ بدوام كامل». ومن المؤكد أن التقارير الصحفية التي يرسلها أبروميت أثناء رحلاته، من داخل الكهوف المجهولة، ومن فوق قمم أعلى الجبال في العالم وتحت أعماق البحار، تشي بروح المغامرة الممزوجة بكيانه.

ويحكي أبروميت وهو أب لطفلين ويبلغ من العمر 41 عاما عن إحدى مغامراته قائلا: «ذات مرة أثناء وجودي داخل ممر بأحد الكهوف انطلقت بجواري قطعة من الصخر في حجم صندوق زجاجات الجعة كالسهم وهي تئز». وفي مغامرة أخرى تقطعت أنفاسه هو وزملاؤه بسبب نقص الأكسجين في الجو أثناء تسلقه قمة نيمجونج بجبال الهيمالايا، التي تعرف أيضا باسم هيملونج هيمال ويصل ارتفعها إلى 7126 مترا.

ويقول: «بذلنا جهدا مضنيا لكي نستنشق الهواء، وكنا نشعر بالبرودة القارسة تسري في أجسامنا إلى حد مخيف، ولكننا نجحنا في العودة سالمين». وتصف مجلة جيو نفسها بأنها المجلة الوحيدة في أوروبا التي تنظم الرحلات الاستكشافية التي تقوم بها، ونشرت المجلة تحقيقات مصورة من أركان العالم النائية وتلك التي لا يعرف عنها الكثير.

ويتم تمويل هذه الرحلات إلى حد كبير من جانب المؤسسات والمنظمات غير الحكومية، وليس من إيردات توزيع المجلة. ويحافظ أبروميت على لياقته البدنية حتى يمكنه تحمل المتاعب والأزمات التي يواجهها أثناء رحلاته الاستكشافية.

ويقول عنه رئيسه في المجلة «غير أن أبروميت لا يتسم بالرعونة والنزق، بل تعتمد تقاريره الصحفية على إعداد رائع وتقييم دقيق للغاية للمخاطر التي قد يتعرض لها». ويضيف: «إن الأمر لا يتعلق بحب الاندفاع إلى المغامرة وإظهار الجرأة، ولكن الهدف هو جمع المعلومات والحصول على المعرفة، وهذا ما يجعلنا مختلفين عن المجلات الأخرى التي تقدم فقط قصص المغامرات في البرية». ويتابع أبروميت «إن الباحثين يحصلون نتيجة تقاريرناعلى المعلومات حول ما يحدث في تلك المناطق البرية، مما يفيدنا كمجتمع». وهو يمضي معظم أيام السنة بعيدا عن بيته.

وأمضى أوبرميت مؤخرا بعض الوقت مع عالم في الجغرافيا الطبيعية (وهو علم يعني بدراسة الخصائص الطبيعية للأرض والبيئة المحيطة بها)، وكان أيضا رائدا سابقا في الفضاء ويدعى ألكسندر جيرست، وسط وابل من الحمم البركانية في القارة القطبية الجنوبية.

وفي رحلة استكشافية أخرى هبط أبروميت إلى مسافة 489 مترا تحت سطح الأرض ليجري دراسات في كهف نيتشجويلا بنيومكسيكو، بحثا عن مكونات نشطة جديدة لاستخدامها في علاج الأمراض، كما قام بأبحاث حول حياة النباتات والحيوانات في جزيرة كويبا التي كانت تستخدم في الماضي كسجن وتقع بالقرب من سواحل بنما.

ويقول أبروميت الذي بدأ حياته المهنية كاختصاصي في علم الأحياء: «إن معظم الوقت يخصص للتخطيط للرحلات»، ولغرض التخطيط يستخدم مكاتب دار نشر «جرونر وجاهر» التي تصدر مجلة جيو ومقرها هامبورج، وهناك تزدحم أرفف مكتبه بكتب عن حياة الكائنات البحرية.

ويضيف: «إنني غالبا ما أتابع موضوع ما لعدة أعوام إلى أن يؤدي في نهاية الأمر إلى تنفيذ رحلة استكشافية حوله»، وثمة جبل من المهام والقرارات التي يتعين اتخاذها بشأن تحديد نوعية الأبحاث وأسماء العلماء الذين سينفذونها.

وتمثل التصاريح الرسمية المطلوبة قبل القيام بالرحلات عقبة كبرى، ثم هناك المشكلات المتعلقة بتوفير المعدات ابتداء من إتاحة خيمة بسيطة إلى تأجير طائرة مروحية. وبالنسبة لمجلة مثل جيو يكون المصورون الفوتوغرافيون ذوي الخبرات والمهارات العالية على درجة كبيرة من الأهمية لإنجاح الرحلة الاستكشافية، مهما كانت جوانبها العلمية. ويقول كوكليك رئيس تحرير مجلة جيو: «إن المتخصصين ذوي المهارات العالية هم وحدهم الذين يستطيعون التقاط الصور من داخل الكهوف في ظل ظروف الإضاءة الصعبة فيها». ويقول أبروميت: «إنني ظللت أحلم بمتاهات الكهف في الجبال ذات القمم المسطحة بفنزويلا لمدة خمس سنوات على الأقل، ويشير إلى أنه حتى لو كان أوفه جورج الرحالة والمستكشف الذي كان يسبقه في العمل بمجلة جيو قد قام برحلات إلى بعض أماكن الجبال ذات القمم المسطحة عام 1985، فلا تزال هناك فرص في المستقبل للقيام برحلات مثيرة».

ويوضح أبروميت المغامر الجسور قائلا « لدينا الآن تقنيات جديدة تسمح لنا بطرح أسئلة مختلفة حول المواقع التي زرناها من قبل، لنستكشف معالم أخرى فيها لم تكن ظاهرة لنا في السابق».