896816
896816
المنوعات

البحر يبتلع جزر سولومون.. عندما يكشر التغير المناخي عن أنيابه

12 يناير 2017
12 يناير 2017

هونيارا (جزر سليمان) «د.ب.أ»:- عاش روبرت ساتو طوال حياته في قرية للصيادين بجزر «سولومون» سليمان يوجد بها بالكاد 20 كوخا. يقول في فيلم وثائقي حول تبعات التغير المناخي «كانت المسافة التي تفصل بين الشارع والبحر حوالي 120 مترا. اليوم تراجعت للنصف فقط. البحر يتقدم نحو الشارع ولكن لا يمكننا التراجع كثيرا. في يوم من الأيام سنضطر للرحيل. أنا أشعر بالخوف». ويتكون أرخبيل جزر سليمان من مئات الجزر التي يقطن بها حوالي نصف مليون نسمة ويقع على بعد ست ساعات ونصف جوا من شمال شرق سيدني. تستعمل السلطات السياحية شعار «اكتشف أفضل أسرار العالم المحفوظة» للترويج والدعاية للأرخبيل مصحوبا بصورة لأشجار النخيل وشواطئ رملية مترامية. وتحمل إذاعة جزر سليمان الرئيسية اسم (هابي ايلاندز) أو «الجزر السعيدة»، ولكن على الرغم من هذا فإن تاريخ التغير المناخي يضم فصلا حزينا حول تلك الجزر التي يعتبرها البعض امتدادا للفردوس على الأرض. ووثق العلماء في مارس الماضي ظاهرة اختفاء خمس جزر بسبب ارتفاع مستوى البحر. وأظهر البحث الذي قاموا به ونشر في مجلة «إنفيرومنتال ريسيرش ليترز» أن ست جزر أخرى بدأت تفقد جزءا من سطحها الساحلي بسبب تقدم البحر. وكانت مساحة الجزر التي اختفت تتراوح بين هيكتار إلى خمسة هيكتارات، ولم تكن مأهولة، إلا أن الغابات الموجودة عليها كان يصل عمرها إلى حوالي 300 عام على الأقل.

وابتلع البحر من جزيرة ناوتامبو، التي تعيش بها 25 عائلة، 11 منزلا منذ 2011. يقول فريق الباحثين الذي يقوده سيمون ألبرت من جامعة كوينزلاند «هذا هو الدليل العلمي الذي يؤكد التبعات المأساوية للتغير المناخي... في جزر سليمان ارتفع مستوى البحر من سبعة إلى 10 مليمترات مقارنة بعام 1994، وهو ما يبلغ ثلاثة أضعاف المعدل العالمي». ولا تعد هذه هي التبعات الوحيدة لنتائج التغير المناخي، الاحتباس الحراري هو الآخر يتسبب في سقوط أمطار أكثر قوة تقوم بتعرية الأرض، فيما تموت الشعب المرجانية بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه، هذا بخلاف انخفاض عدد الأسماك بصورة كبيرة وملحوظة، وذلك وفقا لدراسة أجرتها المنظمة العلمية الأمريكية للمحيط الهادئ (إس بي سي). وفي ظل كل هذا، تتراجع المصادر الغذائية للسكان الذين لا تتوقف أعدادهم عن التزايد.

ووفقا للمدير العام لبرنامج مكافحة التغير المناخي بالجمعية الألمانية للتعاون الدولي في المحيط الهادئ (جي أي زد)، فإنه جاري العمل حاليا على تقوية حبوب الدرنات (البطاطس وغيرها) والقلقاس وأنواع مختلفة من اليام والبفرة والبطاطا الحلوة، وهي المحاصيل الأكثر مقاومة للأمطار والسيول الغزيرة. من ناحية أخرى وضعت أمام السواحل حبال بصورة عمودية مثبتة من ناحية في أعماق البحار وبها عوامة طافية من الجانب الأخر، بشكل يسمح بتجمع العوالق التي تجذب الأسماك.

وعلى الرغم من أن برامج مثل هذه الموجودة في جزر سليمان تساعد على معالجة آثار التغير المناخي، إلا أن مواجهته فعلا تتطلب حل وحيد وهو خفض انبعاثات الغازات الملوثة، التي تعد سببا رئيسيا وراء الاحتباس الحراري.

تشمل جزر سليمان، التي تبعد نحو ألف ميل عن الشاطئ الشمالي الشرقي لأستراليا، مئات الجزر ويبلغ عدد سكانها حوالي 640 ألف نسمة، وهي واحدة من الدول التي وقعت على اتفاقية المناخ التي تم التوصل إليها في مؤتمر باريس، وهي تستفيد بالتالي من الصندوق الأخضر للمناخ التابع لمنظمة الأمم المتحدة.

كان تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي مؤخرا قد أفاد بأن الدول الأصغر مساحة في العالم ستعاني من تداعيات التغير المناخي بشدة، وينبغي لها أن تتكيف مع الارتفاع المتوقع لمستوى مياه البحر والاضطرابات المناخية الأكثر تكراراً.

كما تناول صندوق النقد في تقريره الوضع في 34 بلداً نامياً صغيراً لا يتعدى إجمالي سكانه 1.5 مليون نسمة، وذلك في أفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ وفي الكاريبي. وأظهر هذا التقرير أن كارثة طبيعية واحدة من بين عشر كوارث في هذه البلدان تؤدي إلى أضرار تتخطى قيمتها 30% من إجمالي الناتج المحلي، فيما ينخفض هذا الرقم في البلدان الأكبر إلى 1% فقط.