الملف السياسي

التوازن في الإنفاق ومواجهة تحديات انخفاض أسعار النفط

09 يناير 2017
09 يناير 2017

عبدالله العليان -

اعتمدت الموازنة العامة للدولة لعام 2017،بطريقة متوازنة، لاقت ارتياحاً كبيراً من المهتمين والرأي العام العماني،حيث لم يكن هناك شعور بالمخاطر الناجمة عن انخفاض سعر النفط وآثارها الخطرة على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية،وهو ما أعطى مؤشراً إيجابيا وفق تحليل المراقبين والمتابعين الاقتصاديين، حيث أبرزت خطة الموازنة استمرار تنفيذ البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي ، وفق الخطط المرحلية، مع التوجه العام على تفعيل البرامج التي تم اعتمادها في الخطة الخمسية التاسعة الحالية التي تم تنفيذها منذ العام المنصرم، وضمن الجهود التي حددت من المجلس الأعلى للتخطيط ،للحد من الاعتماد على النفط والغاز، كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني والتركيز على برامج للتنمية المستدامة من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية في الموازنة الحالية، وكذلك مع هذه الخطة الحالية، والرؤية المستقبلية 2040، وهذا ما حدده برنامج «تنفيذ»، كما جاء في بيان الخطة وتفاصيلها من أنها «تقوم على جمع وتحليل البيانات والمعلومات، وتقييم مؤشرات الأداء الرئيسية، وتحديد جهات التنفيذ وإدارة المشاريع، من خلال فرق عمل من داخل وخارج السلطنة في قطاعات محددة»، وبالفعل تم تحديد هذا القطاعات في المرحلتين الأولى والثانية وشملت كما جاء في البرنامج (السياحة، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية)، بالإضافة إلى الممكنات الداعمة وهي (قطاع التشغيل وسوق العمل، وقطاع المالية والتمويل المبتكر) وستغطي المرحلة الثانية من البرنامج قطاعي (الثروة السمكيةـ التعدين . وتتلخص أهمية (تنفيذ) في أن عناصره الرئيسية مستوحاة من التجربة الماليزية وتقوم على عدة مرتكزات، هي: الالتزام، والمتابعة مباشرة من الحكومة، ونشر جميع التفاصيل والخطط والبرامج وتقارير المتابعة للرأي العام، والمرونة التشغيلية لوحدة متابعة تنفيذ القرارات، والاستقلالية في استقطاب أفضل الكفاءات، مع تنظيم عالي المهارة». ولا شك أن الاهتمام بالتنويع الاقتصادي، من أهم الرؤى المستقبلية التي سوف تعزز الاعتماد على الإيرادات غير النفطية، ومن هنا يجب أن يستوعب القطاع الاستثماري والخاص الغالبية من القوى العاملة العمانية المؤهلة والقادرة على العطاء مع البيئة الاستثمارية الجديدة، بعد انخفاض أسعار النفط، كما أن هناك بعض الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المعيقة التي تحتاج لمراجعة والتي أشرنا إليها في مقالات سابقة بحكم أهميتها للاستثمار الجاد وأهمية مراجعتها، وما سمعناه في الأشهر الماضية يدعو إلى التقدير حيث مراجعة الكثير من اللوائح لتسهيل الاستثمار ، والتي قد تجعل المستثمرين يقبلون على الاستثمار، وإزالة ما يعيق رغبتهم في الاستثمار، وفي ظل المرحلة الحالية، ومع الخطة التاسعة الحالية ، يجب أن نركز ونخطط من أجل الاستثمار بقوة في المجالات السياحية والاقتصادية وفي مجال الزراعة والأسماك والتعدين وغيرها من المقومات الاقتصادية التي سوف نحقق منها الكثير من العوائد، والإشكالية أننا نتحدث عن التنويع الاقتصادي وأهميته ودوره في السنوات الماضية، لكننا نتأخر كثيراً عن استغلال الظروف المواتية لتفعيل هذا الاستثمار الذي تمتلك السلطنة، كما أشرنا آنفا عن هذه المقومات، والتي تعتبر من المقومات الكبيرة والرائدة في الجزيرة العربية ، في الوقت الذي اعتمدنا على النفط بشكل كبير في العقدين الماضيين، لذلك لا بد من التحرك سريعا في هذا المضمار ، بما يتناسب مع الحاجة إلى المستثمر الجيد،والحمد لله بلادنا تعيش استقراراً رائعاً، يتحدث عنه كل زائر وكل متابع للسياسات التي تنتهجها السلطنة، داخلياً وخارجياً.

فأهمية تنويع مصادر الدخل، يجب أن يأخذ الأولوية في خططنا القادمة، والذي لا شك أن البرنامج الوطني قد وضع خططا جيدة ، تستحق التقدير ضمن ما نشر من برامج معدة للخطة الخمسية التاسعة ،لكن المهم هو أن يتحقق التطبيق الفعلي لهذا البرنامج دون إبطاء أو غيره ، وقد أشار جلالته - حفظه الله ورعاه - إلى ضرورة التركيز على تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل،ومن أقواله ـ حفظه الله ـ في هذا الصدد «أن نكثف جهودنا لكي نحقق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي في المنتجات الرئيسية والحيوية لبلادنا، لهذا فإننا قد اتخذنا خطوات لتشجيع ودعم الصناعات المحلية والمشاريع الهادفة إلى استثمار كافة مواردنا، مع تركيز الاهتمام على تأهيل وتدريب قوانا البشرية للاستفادة منها إلى أقصى حد، وذلك كله في إطار خططنا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وانه ليسرنا أن نشير في هذا المجال إلى أن التوصيات والمقترحات ، تسهم مساهمة قيمة في العديد من المجالات التي تعود بالفائدة على بلادنا وشعبنا.إن تقدم الدول، وتحقيق الرخاء لشعوبها يعتمدان إلى حد كبير على مدى ما تتمتع به هذه الدول من قوة اقتصادية، ومن هنا كان حرصنا الدائم على انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مطرد وملائم، ويتيح لبلادنا القدرة على مقاومة الآثار السلبية للركود الاقتصادي العالمي الذي تزايد في السنوات الأخيرة على نحو لم يسبق له مثيل في خطورته وانعكاساته البعيدة المدى حيث اشتدت وطأته على الدول النامية بصفة خاصة، لهذا فإننا قد توخينا إتاحة المرونة الكافية لخططنا الاقتصادية بما يمكننا من معالجة الأمور معالجة عملية في ظل الظروف والأوضاع الاقتصادية الدولية الراهنة، ويمكننا في الوقت نفسه من انجاز المشاريع الأساسية والحيوية اللازمة لتحقيق التقدم لبلادنا والرفاه لشعبنا». هذه الرؤية التي حددها جلالته منذ عدة عقود ، يجب الاسترشاد بها الآن، وضمن الخطة المستقبلية،وهو ما سيجعل بلادنا تعتمد على مواردها الطبيعية غير النفطية، والارتقاء بالتعليم والتأهيل، وتنويع مصادر الدخل القومي، بما يعزز التطوير والتخطيط السليم، والمتابعة لسير هذه الخطط ، ويجعل اعتمادنا متوازنا وواعدا لكل مواردنا الذاتية،واستغلالها الاستغلال الأمثل.