صحافة

هآرتس :إحباط المبادرة المصرية حول الاستيطان

04 يناير 2017
04 يناير 2017

(المضمون: حتى بعد تأجيل التصويت على مشروع القرار المصري في مجلس الأمن فإن خطر خطوة مماثلة لم يشطب بعد عن جدول الأعمال).

بعد دراما دبلوماسية لـ 15 ساعة نجحت إسرائيل أمس في أن تؤجل، مؤقتا على الأقل، التصويت الذي بادرت إليه مصر في مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضد المستوطنات. فضغوط من مكتب رئيس الوزراء في القدس على المسؤولين في النظام في القاهرة، وطلبات المساعدة والتنسيق مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، واتصالات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وفي عدة عواصم في العالم - دفعت مصر إلى التراجع عن طلبها إجراء التصويت في خطوة عاجلة.

ومع ذلك، في جلسة الكابنت السياسي الأمني التي عقدت امس أوضح للوزراء بأن الأزمة لا تزال في ذروتها وان إمكانية أن يعقد تصويت في الموضوع في الأيام القادمة لم يشطب عن جدول الأعمال.

وكانت إسرائيل عملت في الأشهر الأخيرة على أساس فرضية عمل بانه حتى نهاية ولاية الرئيس براك اوباما، في 20 يناير 2017، سيرفع في مجلس الأمن مشروع قرار في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وركزت المتابعة الإسرائيلية على مشاريع القرارات من الفلسطينيين ونيوزيلندا ولكن الإحساس كان أن رفع هذه الاقتراحات لن يتم هذا الأسبوع. وبالتالي فإن توقيت الخطوة يوم امس وحقيقة أن مصر هي التي ستعمل عليها فاجأت جدا وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء. ورغم العلاقات القريبة ظاهرا بين بنيامين نتانياهو وعبد الفتاح السيسي، فإن مصر لم تعط إسرائيل إخطارا مسبقا.

إن اقتراح القرار المصري كان أكثر مرونة من الصيغة التي تحدث عنها الفلسطينيون في الأسابيع الأخيرة والتي شملت عددا من البنود الأساسية:

القرار يقول بأن إقامة المستوطنات من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في شرق القدس «بدون أي أساس قانوني، تشكل تجاوزا فظا للقانون الدولي وعقبة في طريق تحقيق حل الدولتين».

القرار يطالب إسرائيل بالوقف الفوري لجميع نشاطات البناء في الضفة الغربية وفي شرق القدس. وكُتب أن وقف البناء في المستوطنات مطلوب من اجل إنقاذ حل الدولتين. ويطلب القرار اتخاذ خطوات من اجل تحويل الاتجاه في الميدان وعدم إلحاق الضرر بالحل.

وجاء في القرار أن مجلس الأمن لن يعترف بأي تغيير حدث على خطوط 1967 إلا إذا تم الاتفاق على ذلك بين إسرائيل والفلسطينيين.

يطلب القرار من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التمييز بين أراضي دولة اسرائيل وبين الأراضي التي تم احتلالها في عام 1967.

يطالب القرار باتخاذ اجراءات فورية لمنع العنف ضد المواطنين، بما في ذلك العمليات الإرهابية والاستفزازية وعمليات الهدم ومحاكمة المسؤولين عن ذلك. وكُتب أيضا أنه يجب تعزيز الصراع ضد الارهاب عن طريق توسيع التنسيق الأمني بين اسرائيل والفلسطينيين واستنكار الأعمال الإرهابية بشكل واضح. ويطلب القرار من الطرفين الامتناع عن الاستفزاز والتحريض. التقارير عن الخطوة المصرية وصلت إلى نتانياهو في منتصف الليل حيث كان الكنيست يصوت على ميزانية الدولة. الساعة الثالثة فجرا في اسرائيل هي ساعات العمل في الولايات المتحدة. سارع نتانياهو الى التغريد في تويتر «على الولايات المتحدة استخدام الفيتو ضد القرار في مجلس الأمن».

في الأشهر الأخيرة أعرب رئيس الحكومة عن تخوفه من أن اوباما سيمتنع في نهاية ولايته عن استخدام الفيتو على قرار يتعلق بالمستوطنات في مجلس الأمن. فمنذ دخوله الى البيت الأبيض في عام 2009 استخدم اوباما الفيتو مرة واحدة على قرار في مجلس الامن - كان ذلك في فبراير 2011 عندما قدم الفلسطينيون اقتراح قرار ضد المستوطنات. والمرة الاخيرة التي اتخذ فيها مجلس الامن قرار ضد المستوطنات كانت في عام 1980. إن تبني القرار المصري من قبل مجلس الأمن كان يمكن أن يمهد الطريق للعقوبات الدولية ضد المستوطنات.

ماراثون دبلوماسي

بعد تغريدة نتانياهو في تويتر، بدأ ماراثون دبلوماسي عالمي لوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي. وقام نتانياهو بإلغاء برنامج عمله اليومي واهتم فقط بقرار مجلس الامن. موظف رفيع في القدس أشار الى أن الهدف كان تأجيل التصويت لكسب الوقت من اجل الضغط الدبلوماسي على اوباما كي يستخدم الفيتو، أو كي يقنع المصريين بالتراجع عن كل هذه الخطوة.

وأشار الموظف الرفيع في القدس الى أن الخوف الكبير في القدس من الخطوة المصرية ينبع من حقيقة أن المصريين قاموا بالتنسيق الكامل مع البيت الابيض. وكان التقدير في اسرائيل أن اوباما لم يكن ينوي استخدام الفيتو على القرار، بل الامتناع وتمكين مجلس الأمن من تبنيه. وفي رام الله أيضا اعتقدوا أن اوباما لن يستخدم الفيتو ضد القرار. التخوف في اسرائيل من عدم استخدام الفيتو الامريكي زاد أمس صباحا بعد وصول معلومات تفيد بأن وزير الخارجية الامريكي جون كيري قام بتسجيل خطاب حول الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني وكان ينوي إلقاءه قبل بضع ساعات من موعد التصويت.

الضغط على اوباما استمر أمس صباحا. موظف رفيع في القدس قام بإرشاد المراسلين قائلا إن التصويت في مجلس الأمن هو «محاولة اخيرة للرئيس اوباما لفعل شيء ضد المستوطنات». وتوجه المسؤول برسالة مباشرة لأوباما قائلا: «اسرائيل تتوقع من الولايات المتحدة أن تقف كما وقفت طوال الوقت، وأن المفاوضات تتم بشكل مباشر. واذا لم تستخدم الولايات المتحدة الفيتو فهذا يعني الاخلال بتعهدها، وهو يعني التخلي عن موقف اخلاقي قبل استبدال الادارة بلحظة».

وقد تم الضغط على الحكومة المصرية. موظفون إسرائيليون ودبلوماسيون غربيون قالوا إنه منذ صباح أمس استخدم مكتب رئيس الحكومة الضغط على المسؤولين في القاهرة لتأجيل التصويت. ونتانياهو نفسه لم يتحدث مع الرئيس المصري. وتمت الاتصالات في مستويات أقل. كانت رسالة اسرائيل لمصر هي أن الخطوة التي قامت بها مصر لا تناسب العلاقات الجيدة بين الدولتين والتعاون الأمني، وأنها ستلحق الضرر الكبير باسرائيل. قناة اخرى عملت فيها اسرائيل كانت امام الرئيس المنتخب ترامب. سفير اسرائيل في الولايات المتحدة رون ديرمر وجهات اسرائيلية اخرى توجهت الى مستشاري ترامب المهمين وطلبت منهم نشر بيان ضد الاجراء المصري. وفي ساعات الصباح في الولايات المتحدة وبعد الظهر في اسرائيل نشر ترامب اعلانا طلب فيه من الرئيس اوباما استخدام الفيتو ضد اقتراح القرار ضد المستوطنات. وحسب اقواله، اذا تم تبني الاقتراح من قبل مجلس الامن فهذا لن يكون منصفا بالنسبة للإسرائيليين، وسيجعل اسرائيل في موقع متدن في المفاوضات المستقبلية. وفي المساء غرد السفير ديرمر في حساب تويتر قائلا إن اسرائيل تقدر الاعلان الواضح لترامب حول ضرورة استخدام الفيتو ضد القرار المناهض لاسرائيل في الامم المتحدة.

أمس بعد الظهر، بالتوازي مع المحادثات الدبلوماسية، اعلن نتانياهو عن عقد جلسة خاصة للكابنت الامني السياسي من اجل الاستعداد للتصويت. إلا أنه بعد اعلان ترامب بقليل، وقبل بدء جلسة الكابنت تغير الاتجاه. بعد ساعات طويلة كان يبدو فيها ان التصويت على القرار المصير امر لا يمكن منعه، أعلنت مصر انها تريد تأجيل التصويت ليوم واحد على الاقل للتشاور مع وزراء الخارجية العرب. وبعد جلسة الكابنت بقليل تحدث نتانياهو هاتفيا مع وزير الخارجية الامريكي كيري. وحسب وسائل الاعلام المصرية وبعد اعلان مصر عن التأجيل، تحدث ترامب هاتفيا مع السيسي.

النتيجة الفورية للطلب المصري كانت الإلغاء الفوري لخطاب كيري. المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكي، جون كيرفي، قال ان الخطاب يتحدث عن موقف كيري من عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية وأنه ينوي إلقاءه في موعد آخر. وأشار كيرفي الى انه لا يعرف متى سيتم التصويت وهل سيتم أصلا حول القرار المصري. في يوم الخميس مساء جرت محادثات في مقر الجامعة العربية في القاهرة من اجل اتخاذ قرار حول موعد التصويت الجديد. واشار دبلوماسيون غربيون الى أنه يمكن عدم اخضاع الامر للتصويت كليا. في جلسة الكابنت التي جرت مساء أمس والتي استمرت ساعة ونصف قيل للوزراء إنه رغم التأجيل، ما زالت هناك امكانية لحدوث التصويت في الايام أو الاسابيع القادمة. وقيل ايضا إن التقديرات تقول إن اوباما لا ينوي استخدام الفيتو ضد القرار. «حالة التأهب زالت لكن الخطر لم يزل. الحدث ما زال حيا ويتنفس. حيث تستطيع دولة اخرى تقديم اقتراح مشابه أو مماثل في الايام القريبة. هدفنا هو الضغط على اوباما من اجل استخدام الفيتو وضمان تأجيل التصويت الى ما بعد 20 يناير ، حيث سيكون ترامب قد دخل الى البيت الابيض»، قال الوزير رفيع المستوى في الكابنت.