الدكتور رجب بن علي العويسي
الدكتور رجب بن علي العويسي
أعمدة

الأيدي العاملة الوافدة وتقنين الممارسات

04 يناير 2017
04 يناير 2017

د. رجب بن علي العويسي -

[email protected] -

يطرح موضوع الأيدي العاملة الوافدة وآلية تحقيق مستويات عليا من الوعي لديها بالسلوك الاجتماعي وعلاقة ذلك بمنهج التقنين في طبيعة الأنشطة التي تقوم بها، جملة من الأولويات التي ينبغي التركيز عليها في هذا الشأن، بدءا بدور الكفيل في نقل الصورة السليمة للممارسة الحاصلة عبر الوسائل التواصلية والخطابية والرسمية، وأثر النصح والتوجيه في تعميق روح المسؤولية لدى هذه الأيدي العاملة وتبصيرها بما يجب عليها، والقوانين والأنظمة النافذة في ذلك.

فإذا كانت نسبة الأيدي العاملة الوافدة في الاحصائيات السكانية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات تدق ناقوس الخطر، فإن البحث في إيجاد مراجعات وأنظمة تقييم ورصد للحالة سوف يقلل من الأثر السلبي الناتج عن بعض الممارسات، ومع التأكيد على جهود مؤسسات الدولة ذات العلاقة في تنظيم الكثير من الجوانب ذات العلاقة بالأيدي العاملة الوافدة، إلا أن مستوى استيعاب هذه الأيدي العاملة لهذه التوجيهات والأنظمة واللوائح، ومعيارية المتابعات ومستوى الاستدامة في عمليات التوجيه والتوعية والرقابة، وتأكيد المسؤولية المترتبة عليها في بناء مجتمع نظيف آمن يمارس أفراده حياتهم اليومية في ظل احترام الخصوصية وتقدير المبادئ والأعراف، يستدعي مزيد من تكاتف الجهود وتضامنها، ووضوح لغة الخطاب وأسلوب العمل في التعامل مع الأيدي العاملة الوافدة، وتعزيز عمليات التقنين والضبط والمراجعة للتشريعات والتي تبدوا اليوم في أمس الحاجة إليها خاصة في ظل التغيير الملاحظ في البنية العمرية لهذه الأيدي العاملة والسلوكيات الشبابية الملازمة لها، ناهيك عن تغير في طبيعة الاهتمام بالمظهر الخارجي والشكليات والتقارب في استخدام بعض العادات الممارسة في المجتمع، وبالتالي قراءة الموضوع بصورة أكثر اتساعا ترتبط بمسألة التحول الحاصل في السلوك الشخصي لدى هذه الأيدي العاملة وانعكاس ذلك على أبناء المجتمع في ظل تواجد هذه الفئات في أنشطة منزلية أو قريبه من مساكن المواطنين واندماجهم معهم في أماكن التسوق والترفيه والمجمعات التجارية وغيرها.

واتخاذ المزيد من الإجراءات التقنينية المرتبطة بالمحافظة على الهوية الوطنية والسلوك الاجتماعي والتعامل مع المفردات الثقافية والتاريخية العمانية، بما يحد من تدخلهم في قضايا الناس ومنافسة المواطن في اهتماماته واحتياجاته اليومية، فمثلا تقنين نوعية الأنشطة الممارسة وإتاحة الفرص للمواطن لتحمل مسؤوليته في ممارسة أدواره الوطنية في ظل طبيعة الظروف المساندة، وتوعية المجتمع بالمخاطر الناتجة عن ترك مسؤولية التصرف للأيدي العاملة الوافدة في الممتلكات الخاصة والعامة بدون متابعة، أو في إدارة المشروعات الاستثمارية والاستهلاكية، ومسألة الانتفاع الشخصي بها، بالإضافة إلى مراعاة مسألة البعد السلوكي والقيمي في الممارسات المرتبطة بنوعية اللبس المسموح به أثناء العمل وخارجه أو أثناء التواجد في البيئات الترفيهية والتسوق أو في طريقة تواجدهم في المناطق السكنية المكتظة وبين البيوت والحارات القديمة، وتوجيه المواطن إلى أهمية معرفة طبيعة النشاط الذي يقوم به العامل، في ظل استغلال البعض فرص عدم وجود نشاط محدد لهم، وغيرها من الممارسات التي باتت اليوم تلقي بظلالها على السلوك الاجتماعي والهوية الوطنية، وباتت تؤثر على فكر الاجيال وثقافتهم ونمط حياتهم واساليب العيش والتعايش، وإن كانت التأثيرات غير واضحة لدى البعض اليوم فإنها على المدى البعيد ستصبح قناعات وعادات قد تسيء الى المجتمع وتضر بمصالح ابنائه.

إن تكاتف جهود المؤسسات في إدارة هذا الملف وتقنينه بشكل أكثر وضوحا ومعيارية وضبط الممارسات ورصدها بشكل سليم، وتعزيز وجود فرق المتابعة والتقييم للممارسات الناتجة، ودراستها، وإيجاد تشريعات تراعي الخصوصية والظروف الثقافية والاجتماعية والطبيعة المعتادة في ولايات السلطنة ومحافظاتها، سوف يسهم في تقليل المخاطر الناتجة من ممارسات هذه الفئة، ويضمن الوصول إلى أطر تصحيحية تستدرك فيها هذه الفئات طبيعة الممارسات التي يقرّها القانون، عبر آليات تضمن بقاء مساحات المسؤولية واضحة لديها، وما لها وما عليها، مراعية احترام الذوق العام، والثقافة الاجتماعية، بالشكل الذي يضمن عدم المساس بحقوقها التي كفلها القانون، ويبقى دور المواطن ووعيه قائما، بما يقدمه من معلومات صحيحة أو يرصده من سلوكيات أو يؤطره من مبادرات توعوية وتثقيفية موجهة في هذا الشأن، وبناء شراكات مؤسسية اجتماعية فاعلة في تعزيز سلوك الالتزام بالأنظمة والقوانين، بما يضمن وصولها لهذه الفئات واستيعابها لها، وبما يحفظ أمن الوطن وسعادة المواطن.