886042
886042
المنوعات

وفاة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي عن 92 عاما

01 يناير 2017
01 يناير 2017

حياة ثقافية ودينية بذلها في تحصيل العلم والعمل قاضيا ومفتيا ومؤلفا للمنظومات والشروح -

كتب - محمد الحضرمي:

توفي العلامة الشيخ سعيد بن خلف بن محمد بن نصير الخروصي أمس في منزله بالوادي الكبير بمحافظة مسقط، عن عمر يناهز 92 عاما ميلادية، طاويا حياة ثقافية ودينية بذلها في تحصيل العلم وخدمة العمل القضائي والفتيا والتأليف في مجالي الفقه والأدب.

ولد الشيخ سعيد بن خلف الخروصي في الثامن من شهر صفر عام 1344هـ/‏‏‏ 1925م بولاية نخل، وكان مجلس جده الشيخ محمد بن نصير الخروصي ملتقى للعلماء والأدباء، من أمثال الشيخ ناصر بن راشد الخروصي، والشيخ محمد بن سالم الرقيشي عند تولِّيه نخل، والشيخ محمد بن أحمد السلامي، والشيخ محمد بن سعيد الكندي، والشيخ خلفان بن جميِّل السيابي، والشيخ سعيد بن أحمد الكندي، وغيرهم.

وفي طفولته درس القرآن الكريم على يد المعلم خلفان بن سليمان اليعربي، وختم القرآن وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره، ودرس النحو على يد النحوي حمود بن زاهر الكندي، شرح منظومة (ملحة الإعراب) للحريري، ثم ألفيَّة ابن مالك بشرح ابن عقيل.

وكانت مدن نخل ونزوى وسمائل معاهده العلمية التي استقى منها علوم الشريعة والأدب على يد أستاذة أجلاء، لهم الباع الطويل في التدريس، كالشيخ سعيد بن أحمد الكندي، والشيخ إبراهيم بن سيف الكندي، والشيح محمد بن سعيد الكندي، وقرأ على الشيخ سالم بن حمود السيابي كتابه (إرشاد الأنام في الأديان والأحكام)، كما قرأ كتب الشيخ نور الدين السالمي في علوم الفقه والعقيدة ككتابه مشارق (أنوار العقول).

عمل الشيخ سعيد بن خلف الخروصي ولأول مرة قاضيا في سمائل، وذلك في عام 1381هـ/‏‏‏ 1961م، في ذلك الوقت كانت سمائل بمحافظة الداخلية تغصُّ بنخبة من الفقهاء والأدباء الأجلاَّء، كالشيخ خلفان بن جميِّل السيابي، والشيخ حمد بن عبيد السليمي، والشيخ سالم بن حمود السيابي، وغيرهم من رجال العلم والقضاء والأدب، وبقي فيها قاضياً إلى عام 1976م، وصار ملازماً للشيخ خلفان بن جميل السيابي، ونهل من علمه الغزير، وقرأ عليه أغلب كتبه، وكان يراجعه في الكثير من المسائل والقضايا والدعاوى، مستنيراً بآرائه وأفكاره، وصار من أبرز تلامذته، ثم نقل إلى ولاية الرستاق واستمرَّ فيها 3 سنوات، ثم نقل إلى البريمي عام 1400هـ/‏‏‏ 1980م.

وفي عام 1402هـ/‏‏‏ 1982م انتقل إلى مسقط قاضياً في محكمة الاستئناف، وفي عام 1407هـ/‏‏‏ 1987م تم تعيينه مساعداً للمفتي العام للسلطنة، وتمتاز فتاواه بالاختصار والسهولة واليسر، معززا إجاباته بالأدلة النصية من كتاب الله العزيز وما يثبت لديه من صحيح الأحاديث النبوية الشريفة.

وعرف عن الشيخ سعيد بن خلف الخروصي ولعه الكبير بكتاب (جوهر النظام) للشيخ السالمي، فصار يدرِّسه لتلامذته في السنوات الأخيرة من عمره، وجمع تفسيره للجوهر في كتاب بعنوان: (إتحاف الأنام بشرح جوهر النظام)،

وخلال سنوات عمره الطويلة والمباركة كان الشيخ سعيد بن خلف يوائم وقته بين عمله ومشاغل أسرته وحبه للقراءة والكتابة، وكان يجيد نظم الكتب النثرية وتحويلها إلى أراجيز شيقة، حيث نظم كتاب الوضع للشيخ أبي زكريا الجناوني، وأسماه: قواعد الشرع في نظم كتاب الوضع، ومن مؤلفاته النظمية أيضا كتابه: الدر المنتخب في الفقه والأدب، جمع فيه أسئلته وأجوبته النظمية، وقصائده التي كتبها في رحلاته الداخلية وأسفاره خارج الوطن.

ومن كتبه أيضا: كتاب: (دليل السالك)، وهو شرح على قصيدته في الحج المسماة: (إحكام المسالك في أحكام المناسك)، وله أيضا قصيدة (إحكام الصنعة في أحكام الشفعة)، ووضع لها شرحاً مختصرا، وقصيدة بعنوان: (معالم التبيين في الإقرار والبيان واليمين).

وكغيره من الشعراء العمانيين والعرب ولع الشيخ سعيد بن خلف بقصيدة نهج البردة للبوصيري، فقام بتخميسها وطبع التخميس في كتيب مستقل، ما يدل على براعته الأدبية، موظفا فيها سهولة الألفاظ، وعذوبة المعاني.

ويصف الشاعر الكبير الشيخ هلال بن سالم السيابي الراحل الشيخ خلف بأن عرفت عنه خصلتان مهمتان وهما: سلامة القلب وعفة اللسان، وكان عاشقا للكتب والقراءة، ومكثرا من قراءة القرآن الكريم، بما يزيد عن 5 أجزاء من المصحف الشريف في اليوم الواحد.

ورغم عمره التسعيني إلا أنه كان إلى الساعات الأخيرة من حياته كثير القراءة للقرآن الكريم، والكتب المتنوعة بين الفقه والأدب، وينقل الشاعر الشيخ هلال بن سالم السيابي أن خاله الشيخ سعيد بن خلف كان يراجع القرآن الكريم صباح أمس لابنه محمد بن سعيد، وكانت سورة القصص من الجزء العشرين هي آخر المراجعات معه.

رحم الله الشيخ سعيد بن خلف الخروصي الذي لقي الله وهو بين يدي كتابه العزيز، في ساعة نورانية بين ضحوة وظهيرة.