الاقتصادية

12 % من المواطنين يعملون في القطاع الخاص مقابل 88% من الوافدين بنهاية العام الماضي

29 ديسمبر 2016
29 ديسمبر 2016

كتب - حمد بن محمد الهاشمي -

أكد الدكتور حسين بن محمد اللواتي الشريك المفوض في شركة المسار المهني لاستشارات الموارد البشرية والإدارية خلال ندوة “الموارد البشرية بين الواقع والطموح في ظل المتغيرات الحالية”، التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة عمان ممثلة بلجنة الموارد البشرية وسوق العمل، الثلاثاء الماضي 20 ديسمبر بنادي الشفق بمسقط. حيث هدفت الندوة إلى إيجاد الحلول للمعوقات التي يواجهها مديرو الموارد البشرية في مؤسسات القطاع الخاص، وتدعيم الدور الذي يلعبه العاملون في هذا القطاع، بالإضافة إلى بحث آلية توفير فرص العمل في القطاع الخاص خاصة في الوظائف المتوسطة والعليا.

وقد تحدث الدكتور خلال الندوة عن “ تحديات التعمين في سوق العمل”. وقال: إحلال الأيدي العاملة الوطنية محل الأيدي العاملة الوافدة في سوق العمل أصبحت تشكل هاجسا كبيرا للكثير من متخذي القرار في العالم؛ لأن الجميع يدرك أن التغلب على مشكلة الباحثين عن عمل وتوفير مقومات الحياة الكريمة لشعوبهم يكمن في توفير فرص العمل المناسبة لمواطنيهم. وتشكل التغيرات في سوق العمل خاصة ارتفاع مستوى الباحثين عن عمل، بالإضافة للتغيرات الديموغرافية في السكان، وزيادة أعداد خريجي الجامعات ضغطا على متخذي القرار لإعادة النظر في السياسات الخاصة بالتوطين. كما أن العولمة والتغيرات في البيئة التنافسية تحتم إعادة التفكير مليا في مدى ملاءمة الأساليب التقليدية في عملية توطين الوظائف لاحتياجات المرحلة الحالية والمستقبلية. وأضاف: أن السلطنة كغيرها من الدول النامية أولت خلالها قيادتها الحكيمة اهتماما بالغا بموضوع التوطين حين أطلقت برنامجها الوطني والمعروف بـ”التعمين“، حيث إن التعمين لم يعد مجرد موضوع الإذعان للقوانين وللأنظمة واللوائح؛ بل أصبح حقيقة ومنهجا لابد للشركات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص أن تعتبره جزاءً من استراتيجيتها لإدارة وتنمية مواردها البشرية.

أهداف التعمين

وأكد اللواتي أن من أهداف التعمين هو الاستخدام الفعال للقوى العاملة الوطنية، وذلك بإحلال القوى الوطنية محل الوافدة وهذا يترتب عليه: تخفيض أعداد الباحثين عن العمل، وتحقيق روح المواطنة الصالحة، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتخفيض أعداد الأيدي العاملة  الوافدة وبالتالي تقليل السلبيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها. وأكد أن نسبة التعمين في الجهاز الحكومي بنهاية العام الماضي 2015 بلغت 86% بـ155761 مواطنا، في حين بلغت نسبة الوافدين 14% بـ 24625 وافدا. وقد بلغت نسبة التعمين في القطاع الخاص بنهاية العام الماضي 12% بـ 221694 مواطنا، في حين بلغت نسبة الوافدين 88% بـ 1580539 وافدا. وعن توزيع الأيدي العاملة الوطنية  في منشآت القطاع الخاص، أشار إلى أن 10 آلاف عامل عماني في 146 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، و210 آلاف عامل عماني في 22 ألف مؤسسة (منشأة) كبيرة. وأوضح أنه في عام 2009 بلغ عدد القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص أكثر من 182 ألف عامل عماني، وبلغ عددهم في 2015 أكثر من 221 ألف عامل عماني. في حين بلغ عدد القوى العاملة الوافدة في عام 2009 أكثر من مليون عامل، وبلغ عددهم في 2015 أكثر من مليون ونصف المليون.

غياب خطة التعمين

أوضح الدكتور حسين أن من التحديات التي تواجه التعمين في القطاع الخاص هي غياب الخطة الاستراتيجية الوطنية للتعمين، حيث انه بالرغم من الجهود المبذولة على كافة المستويات بما في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون العمل العماني والقرارات الصادرة عن وزارة القوى العاملة في مجال التعمين، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة وانية، حيث إن هناك جهودا ولكنها تفتقر إلى تحديد هدف واضح المعالم لنسب التعمين المستهدفة.

وأضاف: أن من التحديات التي تستجيب لها الخطة الخمسية التاسعة: توفيــر فــرص عمــل لاســتيعاب الباحثيــن عــن عمــل حاليــًا والداخليــن الجــدد فــي ســوق العمــل خــلال فتــرة الخطــة الخمســية التاســعة والمتوقــع ازديادهـم بصـورة كبيـرة، وضـرورة تصحيـح أوضـاع سـوق العمـل مـن ناحيـة الاحتياجـات ومخرجـات النظـام التعليمـي والتدريبـي، وعــدد مــن الجوانــب الأخــرى المتعلقــة بقوانيــن العمــل والأجــور والحوافــز ودور القطـاع الخـاص فـي التشـغيل، وتشـجيع ودعـم المؤسسـات الصغيـرة والمتوسـطة مـع تنفيـذ المشـروعات الكبـرى ذات العائـد الاقتصـادي والتــي تســاهم فــي توفيــر فــرص العمــل. وأشار إلى أن أعداد الباحثين عن عمل الناشطين في العام الجاري بلغ أكثر من 43 ألف باحث عن عمل. كما بلغ عدد خريجي الدبلوم العام من المدارس للعام الدراسي 2015- 2016 أكثر من 32 ألف خريج.

تفضيل العمل في القطاع العام

وأضاف: إن من التحديات التي تواجه التعمين هي تفضيل القوى العاملة الوطنية العمل في القطاع العام، حيث يعتقد أنه يشكل تحديا لعملية التعمين في القطاع الخاص، وهو ثقافة المجتمع وتأثير العادات والتقاليد على ميول واهتمامات القوى العاملة الوطنية.وأوضح أن نسبة العمانيين في العمل الحر بلغت 7%، وبلغت نسبتهم في القطاع الخاص 13.7%، في حين بلغت نسبتهم في القطاع العام 72.9%، كما بلغت نسبتهم في القطاع العسكري 7.5%.

وأشار إلى الدراسة التي قام بها المركز الوطني للإحصاء، حيث أكدت أن 8% من طلبة الدبلوم العام يفضلون العمل في القطاع الخاص، و30% من طلبة التعليم العالي يفضلون العمل في القطاع الخاص، و70% من طلبة التعليم العالي يفضلون العمل في القطاع العام.

المخرجات ومتطلبات سوق العمل

وأضاف الدكتور قائلا: من تحديات التعمين في القطاع الخاص عدم المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، فغياب فهم منظومة التعليم وبالخصوص التعليم العالي والتقني للمهارات والقدرات التي يحتاجها السوق في التخصصات المختلفة يعيق الاستقطاب الفوري، ويستلزم في بعض الأحيان التدريب والتأهيل أو إعادة التدريب والتأهيل.

وأشار إلى البيان الأخير لمعالي الدكتورة وزيرة التعليم العالي أمام مجلس الشورى، حيث بينت معاليها أن “نتائج مسوح خريجي التعليم العالي أوضحت بأن مخرجات التعليم العالي تعاني من عجز في عدد من المهارات منها مهارات التواصل بنسبة (31%) والإبداع بنسبة (37%) والقدرة على حل المشكلات بنسبة (38%)”. وأكدت معالي الوزيرة بأن 61% من الوظائف المتاحة ليست لمخرجات التعليم العالي، و39% فقط هي لمخرجات التعليم العالي والدبلوم.

دوران العمل

ومن تحديات قطاع التعمين أوضح اللواتي قائلا: تفضيل القوى العاملة الوطنية العمل في القطاع العام ، هو حجم دوران العمل  في القطاع الخاص الذي يشهد ارتفاعا كبيرا مما يجعله محل قلق واهتمام. وأشار إلى أنه بلغ عدد القوى العاملة الوطنية العمانية التي انتقلت من منشأة إلى أخرى فيما يسمى (دوران العمل) 58993 عاملا عمانيا عام 2015، مقارنة مع 24580 عاملا عمانيا في عام 2009، حيث إن هجرة الكوادر الوطنية المدربة من القطاع الخاص يوثر بشكل ملموس على نسب التعمين.

مستويات فرص العمل

وأكد اللواتي أن مستويات فرص العمل تعتبر من تحديات التعمين في القطاع الخاص، حيث إن الغالبية العظمى من الأيدي العاملة الوطنية تتركز في الوظائف الكتابية بنسبة 48% ما يقدر بأكثر من 100 ألف عامل، وهذا المستوى الوظيفي يشكل احد العوامل التي تسبب عدم الرضا الوظيفي وعائقا أمام جذب الأيدي العاملة الوطنية للقطاع الخاص.

وأشار إلى أن الدراسة التي قام بها مجلس الشورى مؤخرا حول “تحديات التعمين في الوظائف القيادية والإشرافية في القطاع الخاص”، والتي أكدت تركز القوى العاملة الوافدة في الوظائف القيادية والإشرافية، يمثل عائقا للقوى العاملة الوافدة أمام القوى العاملة الوطنية من الحصول على مستويات عليا في منشآت القطاع الخاص.

خارطة الطريق

وأكد الدكتور حسين اللواتي أن التحديات التي تواجهها البلاد في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، تتطلب أن يحتل موضوع التعمين اهتماما أكبر لدى متخذي القرار، وأن يشكل المحور الذي تدور الخطط الاقتصادية المستقبلية حوله. كما يجب تحقيق مستويات مرضية في مجال تعمين الوظائف، وخصوصا التعمين في القطاع الخاص يتطلب وضع خطة استراتيجية واضحة المعالم، ترتكز على أهداف ذكية مصحوبة بمؤشرات أداء يمكن من خلالها قياس النتائج. وإيجاد آلية فعّالة لتطويع المناهج التعليمية في التعليم العالي والفني واحتوائها للمعارف والمهارات والقدارات التي تحتاجها الوظائف المختلفة وفقا لرؤية واحتياجات منشآت القطاع الخاص. كما يجب توحيد الجهود المبذولة من قبل الجهات المختلفة في البلاد والمعنية بموضوع التعمين، بما يمكن من الاستفادة من الإمكانية المتاحة لتحقيق خطط التعمين بشكل أكثر فعالية. وإيجاد قاعدة بيانات موحدة لكافة المعلومات والإحصائيات الخاصة بسوق العمل والتعليم العالي والفني، بما يمكن من استخدامه الاستخدام الأمثل لتحقيق نسب التعمين المستهدفة. بالإضافة إلى زيادة الوعى لدى الفئات المختلفة للقوى العاملة الوطنية سواء تلك الموجودة على رأس العمل، أو الباحثين عن العمل، أو الجالسين على مقاعد الدراسة بأهمية العمل في القطاع الخاص وأنه المصدر الوحيد لفرص العمل على المدى المتوسط والبعيد.