أعمدة

وتر .. الحياة دائرة

28 ديسمبر 2016
28 ديسمبر 2016

شريفة بنت علي التوبية -

ينتهي عام ويأتي عام ولا أدري إلى أين المسير، فنحن لا نسير إلى الأمام كما يتراءى لنا، نحن ندور في دائرة مغلقة لا يمكن لنا الإفلات منها أو الخروج إلا حينما يخترق الموت ذلك السياج المحيط بنا لنخرج إلى الغيب الذي منه أتينا وإليه نعود بعد تلك الرحلة الحياتية الدائرية القصيرة، فيا إلهي أن حياتنا دائرية جدا إلى درجة الدهشة.

ربما ليس غريبا حين أقول إن الحياة دائرية، فجاليليو سبقني إلى ذلك الاكتشاف العظيم حينما قال: إن الأرض كروية، ولكن تمت محاكمته لأن اكتشافه يناقض أفكار الكنيسة، حتى تم إثبات كروية الأرض بعد ذلك، وبحكم كروية الأرض فالحياة لا تسير في خط مستقيم لكنها تدور بنا وندور معها، وأعتقد أننا نموت في اللحظة التي نتعب فيها من الدوران، ألم يقل إن التاريخ يعيد نفسه، إنها نفس الفكرة تقريبا، ألم يقل أيضا إن كل ما تفعله سيفعله أبناؤك، وكأن كل شيء قابل للتوريث حتى الأخلاق والسلوك بفعل الجينات الوراثية، ورغم أنني لا أحب الدوائر، ولكنني أعيشها، ولا يمكن لي الخلاص منها بصفتي كائنا حيا على هذه الأرض الكروية، فكل شيء يتكرر حدوثه في حياتنا دون أن ندري، حتى أخطاؤنا وحماقاتنا، ومشاعرنا في لحظة قلق أو إحباط، فأي حياة نحن نحيا دون أن نختار شيئا، نحن الناقصون في إدراكنا لحقيقة الأشياء من حولنا وحقيقة أنفسنا، فكل شيء بسبب ولسبب، كل شيء يقودنا لشيء وكل شيء يهيئنا لشيء آخر، كل ما نفعله من تدوير الفكرة أو تطويها بفعل قدرة إلهية غاية في الإعجاز، فهذا العالم الذي يسير نحو حتفه أكاد أشعر بدورانه ليعود بنا نحو نقطة البداية، وتلك البداية قد تكون نهاية واجبة وحتمية.

ما جعلني أكتب وأعيش هذا الدوار معكم اليوم في هذا المقال، ما أعادتني إليه ذاكرة الفيس بوك وليس ذاكرتي المتعبة، فالفيس بوك حينما يذكرني بما فعلته أو نشرته في يوم من الأيام، أتفاجأ أن ذلك الموقف عشته وكتبت عنه في نفس اليوم في عام مضى، والكتاب الذي قرأته مثلا، الأغنية التي استمعت إليها، الشعور بالفرح أو الإحباط لموقف معين فسجلته في كلمة مكتوبة، الأحداث والمشاعر تتشابه إلى درجة أنها ترعبني، كل شيء يدور، فاليوم نفس اليوم والعام نفس العام وإن اختلف رقم واحد ضمن الأرقام الأربعة في تقويمنا السنوي، فكل عام ونحن في دائرة وكل عام وأنتم بمحبة.