شرفات

فاطمة فضيحتنا

26 ديسمبر 2016
26 ديسمبر 2016

عادل محمود -

وأنا أشعر بالضيق الشديد الذي يشبه الاختناق، قررت أن ألغي في بلادنا، وزارة الأوقاف، أو، إذا احتج الإسلام المنضبط والرسمي، سأعيد النظر بوظيفتها. فتصبح وزارة الثقافة للتاريخ، والإسلام، وللعدالة، وللتنوير، وللكراهيات المقلمة الأنياب.

كل ذلك بدلاً من دورها في إحياء الشعائر الدينية، والاحتفال بالمناسبات، والرعاية للجمعيات الخيرية، وتعيين أئمة المساجد.

لا أحد، حتى الآن، يعرف ثروة هذه الوزارة ولا موازنتها. ولا طرق استخدامها للوقف، الذي يشبه الملكية القديمة، على المشاع من الأراضي التي للاأحد. والأملاك التي يديرها الموتى.

كل هذه المقدمة لكي أصل إلى ضرورة الشيوع، ليس في الأراضي والممتلكات، والاستثمارات... وإنما شيوع الثقافة، والحضارة، والتمدن، والأخلاق، والنصوص البيضاء. العمل على إنتاج نظام معرفي يتفاعل فيه المدني مع الأريافي، والنص المقدس مع الحياة المملوءة تفاصيل جرأة على المدنس ذاك... بشرط تاريخيته الدينية، وهذا بشروط واقعيته الدنيوية.

كل هذه المقدمة...سببها السيد عبد الرحمن (انتبهوا إلى كلمة الرحمن- وهي من أسماء الله الحسنى، وهي كذلك لغوياً، من الرحمة والعطف والغفران، والرقة...إلخ).

ذلك السيد الذي يفتخر بأنه قدّم إحدى ابنتيه «فاطمة 8 سنوات» أضحية جهادية للموت في حزام ناسف داخل مبنى للشرطة.

أريد أن أعرف، وقبل ذلك، أريد أن يكون الأمر متعلقاً بتجارة بشر واضحة حيث يبيع عبد الرحمن فتاة صغيرة لمهمة خطيرة، بمبلغ كبير: أن تفجر البنت نفسها في مخفر شرطة سوري، في حي الميدان الدمشقي. مقابل مبلغ من الدولارات.

أريد أن لا أصدق أن أباً يفعل ذلك... ويقول لابنته، وهي تحمل حزامها الناسف، «أنت رايحة لعند الله»... يقول لها هذه الجملة التجريدية التي ستدخل عقلها، بينما فمها الجائع يريد أن تدخله قطعة واضحة من شوكولاتة هذا العصر المليء بالسكريات والمرارة على طاولة واحدة.

ليس هناك في الأديان ثقافة معادية للأسرة على هذا النحو. معادية في الفعل للأطفال على هذا النحو... بل هناك، يقين أخلاقية «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها».

المشكلة ليس هناك انتباه إلى ثقافة النص المجاور لكل أنواع اللطف في الموعظة الحسنة... النص القابل للتعديل والتصرف:

«الجهاد لا تحديد لأدواته» الطفل والشيخ والمرأة. المكان والزمان.

أنا أريد أن أصدق روايتي الافتراضية... إن عبد الرحمن ليس أباً للفتاتين المجندتين للتفجيرات... وإنما خاطف، بائع، مساوم، على إنجاز مقاولات موت بارد. ولقاء الله فيه يعني قبض الشيك من «المعلم».

أريد أن أقترح ألف اقتراح على وزارات الأوقاف... أولها أن تكون وزارة مساعدات لمشردي الدين الحنيف الذي لم تنجح الوزارة في منع حدوثه: حدوث «التبشير» و«التشريد» تبشير المسلحين، وتشريد المواطنين.

الطفلة فاطمة... ليس حادثة جنائية، ولا مأساة إنسانية، ولا يتم طفولة كونية...

الطفلة فاطمة...فضيحتنا!