أعمدة

نبض : جرد حساب

21 ديسمبر 2016
21 ديسمبر 2016

خصيب بن عبدالله القريني -

تمر الأيام وتعقبها الشهور والسنوات، والفطن من يتأمل في هذا الأمر ويدقق ويتفكر فيه، ويأخذ العبرة منه، فاليوم أو الشهر أو السنة التي ترحل لا تعود، بل هي جزء من الماضي ومن أعمارنا، فهي تذهب بدون رجعة، جميعنا نعرف هذه الحقيقة لكننا نتناساها في غمرة مشاغلنا، إننا في سباق مع الزمن، فالمعركة مستمرة والذكي من يكسب الرهان ويحقق أعظم الأعمال في اقل الأوقات، أو لنكون أكثر تحديد، فالمنتصر من يستثمر وقته أفضل استثمار بما يحقق له المكاسب الدنيوية والأخروية.

فجدير بالإنسان أن يتأمل كراسة حياته ويتوقف عند أهدافه وآماله، ويعمل جرد حساب على غرار ما تقوم به الشركات والمؤسسات المالية في نهاية كل عام، من حيث هل تحقق شيء من الأهداف التي رسمناها وخططنا لها، أم أن الأعوام تنقضي ولا يتحقق شي، وهل توجد بالفعل قبل ذلك لدينا خطة واضحة لما نريد أن نحققه على مختلف المستويات سواء ما تعلق منها بالجوانب الشخصية للفرد أو الجوانب الوظيفية والمهنية، أم الأمر متروك للصدفة في نهاية الأمر. فمن يعيش على البركة كما يقال، لا يمكن أن يفيد نفسه ومجتمعه ولو تحقق له بعض النجاح، فهو نجاح ناقص وغير مستمر لأنه ليس له أساس، ذلك أن الزمن نفسه يثبت انه لا مكان ولا وجود لمن لم يجعل التخطيط له منهاجا والصبر مفتاحا لتحقيق ما وضعه من أهداف وغايات وآمال.

فالطالب يحسب السنوات واحدة تلو أخرى لكي ينال مبتغاه ويحصل على الشهادة التي تترجم ما عاناه من مشقة في تحصيل العلم، لكن إذا لم يحسن التخطيط لما يريد أن يكون عليه أمر التخصص في المرحلة الجامعية من حيث حاجة السوق وتوفر الوظائف ومناسبته لإمكانياته وقدراته، فان النجاح سيجانبه في غالب الأحيان، فيكون توظيفه لسنوات عمره هي اقرب للسلبية منها للايجابية، عكس الموظف الذي مرت عليه الأعوام وهو يجدد في عمله ويطور من أدائه ويسعى بكل طاقاته ليطور من نفسه مهنيا، فإن الفشل سوف يجانبه، وقس الأمر على مختلف الفئات وعلى جميع المستويات.

إذن إدبار عام وإقبال آخر هو وقفة للبحث عن الذات في مختلف المجالات، وقفة لمعرفة موقعنا بالنسبة للآخرين، وقفة لتقويم الماضي واستشراف المستقبل، وقفة لمحاولة لملمة الأوراق وإعادة ترتيبها من جديد بصورة أكثر إشراقا من ذي قبل، فالتجديد مطلوب في كل شيء، لان النفس من طبيعتها أن تمل بسرعة، فالتجديد احد مقومات النجاح في الحياة، وهذه الفترة هي أفضل الأوقات وأفضل الفرص لإدخال ولو بعض التجديدات على تفاصيل حياتنا، لأنها تجعل الحياة ذات معنى ومغزى، وأكثر شعورا وإحساسا بالأمل وهو يتجدد مع كل اشراقة شمس صباحية.

كل هذه الخواطر والأماني تحتاج منا إذا أردنا ترجمتها لواقع نعيشه إلى عزيمة ممزوجة بإصرار وتحدي وتخطيط،عنوانه الحب والأمل، فهي خير برهان على أننا قادرون على استقبال واستثمار العام القادم بمزيد من الفاعلية في العطاء وأيضا في الانجازات.

[email protected]