867313
867313
عمان اليوم

مؤتمر الفكر الدولي بجامعة السلطان قابوس يبحث تكييف تراث الفكر الاجتماعي للتنمية المعاصرة

13 ديسمبر 2016
13 ديسمبر 2016

46 ورقة من السلطنة وخارجها -

كتبت - خالصة بنت عبدالله الشيبانية -

ساهم مؤتمر «الفكر الاجتماعي وعلم الاجتماع والتنمية في البلدان النامية» الثاني بجامعة السلطان قابوس في ترسيخ البعد الإنساني في التنمية من خلال تطوير إمكانات تراث الفكر الاجتماعي وتحفيز الدراسات والحوارات العلمية والنقدية للاستجابة لمتطلبات التنمية الحديثة والمعاصرة في أبعادها الاجتماعية والثقافية، وتناول فيها المؤتمر 46 ورقة وبحثا علميا منها 26 ورقة علمية من أعضاء هيئة التدريس في تخصصي علم الاجتماع والعمل الاجتماعي وأقسام كلية الآداب والعلوم الاجتماعية وأعضاء هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس، بالإضافة إلى ثلاث أوراق عمل للمتحدثين الرئيسيين، 17 ورقة علمية من مجموعة من الدول العربية مثل مصر والجزائر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وتونس وسوريا ولبنان وقطر والكويت وليبيا، وذلك تحت رعاية سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية.

ناقش المؤتمر ثلاثة محاور أساسية تناولت نقد علم الاجتماع والفكر الاجتماعي، والأبعاد الاجتماعية والثقافية للتنمية والتفكير الاجتماعي وعلم الاجتماع في البلدان النامية، ناقش فيها الباحثون من خلال ثماني جلسات تضمنت أوراق عمل وأبحاثا، وسعى المؤتمر إلى تعزيز وتحفيز الرؤية النقدية لاتجاهات الفكر الاجتماعي وعلم الاجتماع المعاصر مع إبراز الوظيفة التنموية للفكر الاجتماعي، وتطبيقاته في مختلف المجالات الاجتماعية وتبادل الأفكار والرؤى العلمية حول سبل تكييف تراث الفكر الاجتماعي لظروف التنمية المعاصرة إلى جانب الاستفادة من الدراسات والأفكار والرؤى والمناقشات العلمية المفيدة في المؤتمر في تطوير تعليم علم الاجتماع وتوظيفه للحاجات الوطنية، واستمرت جلساته حتى الخامس عشر من الشهر الجاري.

تناولت الجلسة الرئيسية التي أدارها أمس الأستاذ الدكتور خضر زكريا، الأبعاد الاجتماعية والثقافية للتنمية، ناقش الأستاذ الدكتور محسن بو عزيزي خلالها علم اجتماع العالم الافتراضي، وأوضح أنّ علم الاجتماع يفقد موضوعه التقليدي الذي هو الدراسة العلمية للمجتمع وللواقع الاجتماعي، حيث تحول المجتمع بتفاعلاته إلى الوسائط الرقمية، وأن مجتمعنا اليوم صار مجتمعا محمولا، منسوجا في شبكات لا يكاد يخرج عنها، تبدو كأنها قبائل افتراضية. وأن ما نراه ونعيشه ليس الواقع، بل تمثّل الواقع، وتحدث الدكتور فهمي جدعان في حدود فلسفة القيم، حيث أشار الى أن التنمية لا تملك أن تكون خالصة للطلبات الاقتصادية والسياسية والمادية المتفردة، إذ عليها أن تدخل في حسابها القيم الأخلاقية، النظرية والمطبقة، ولأن التنمية مرتبطة بنظام اجتماعي يغلب عليه اليوم أن يتردد بين الليبرالية الاجتماعية وبين «المينو - ليبرالية»، فإنها مدعوة في البلدان النامية، إلى التوجه إلى نظام اجتماعي - سياسي يعلي من شأن القيم الضامنة للنمو المتوازن وللتقدم الآمن والمتمثلة في المسؤولية الشاملة، والفاعلية، والعدالة الاجتماعية، والخير العام، والمساواة، والمصلحة، في زمننا الذي تستبد به أحكام التقدم التكنولوجي، والمنطق الاقتصادي، والنفعية المسرفة، وإعصارات العولمة، والمخاطر البيئية.

فيما تناولت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور مصطفى أبو شيبة 5 أوراق عمل، تناولت فيها الدكتورة هدى السيابية من وزارة الصحة، الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية في التنمية الصحية وأوضحت أن للصحة دور محوري في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وقالت: اتضح بأن الأسباب الأساسية لاعتلال الصحة مثل الأمية والتضخم السكاني ونقص الغذاء وعدم توفر المياه الآمنة وسوء الإصحاح البيئي وارتفاع مستويات الفقر تقع خارج نطاق عمل القطاع الصحي وتتعلق أساسا بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية. وتطرقت الدكتورة هند عقيل الميزر من قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية إلى إسهامات مراكز البحوث الاجتماعية العربية في تطوير و إثراء الفكر الاجتماعي العربي، وقالت إن ثروات المجتمعات الحديثة بما تمتلكه من عقول مفكرة ومبدعة باعتبارها أساسا لنهضة الأمم، ولعل الدليل إلى ذلك ما ابتكره بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت الذي امتلك المعرفة بكيفية تشغيل جهاز الكمبيوتر. حيث تؤدي طريقة تنظيم المعرفة إلى تشكيل رأس مال فكري اجتماعي يساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، ومن ثم تتصارع الدول على وجود هذه العقول لتحقيق أهدافها. وأضافت: تتواجد هذه النوعية من الأفراد في مؤسسات يكون جزء من مهامها صنع مستقبل هذه الأمم ونقصد بها مراكز البحوث والدراسات أو ما يسمى باللغة الانجليزية think tank)) لذا اهتمت المجتمعات المتقدمة بإنشاء مراكز بحثية لصناعة القرارات المستقبلية، فأصبحت مؤسسات المجتمع بقطاعاته المختلفة تهتم بمراكز البحوث الاجتماعية كإحدى دعائم التطور التنموي في كافة المجالات، لما تقوم به من وظائف وأدوار تساهم في رسم السياسات الاجتماعية.

وقدمت الدكتورة عايدة فؤاد النبلاوي والدكتورة مليكة بنت المرداس البوسعيدية من قسم علم الاجتماع، بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس ورقة عمل بعنوان » نحو نهج جديد للتنمية في العالم الثالث: قراءة سوسيولوجية في أعمال أمارتيا سين»، وتناولت الدكتورة نادية بن ورقلة، المتطلبات الاجتماعية والثقافية للتنمية المعاصرة، فيما تطرق الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عثمان والدكتور محمد فودة إلى إسهامات المجتمع المدني في تحقيق التنمية المستدامة بسلطنة عمان مع عرض نماذج واقعية وآليات تطويرها. فيما تطرقت الجلسة الثانية إلى رأس المال الاجتماعي والمقاربة التنموية قدمها الدكتور اسعاف حمد، والبعد الاجتماعي الثالث لتحقيق التنمية في المجتمعات النامية قدمتها الدكتورة سمر سعيد معوض.

وتناقش صباح اليوم الجلستان الثالثة والرابعة من المؤتمر، يترأس الجلسة الثالثة الدكتور طارق النعيمي، يستعرض فيها الدكتور مصطفى عدنان العيثاوي، الثقافة العربية والتنمية في عصر العولمة، ويستعرض الدكتور محمد النجاحي إسهامات الأديب الباحث التونسي محمد المرزوقي كمثال للتراث والهوية والتفتح على الآخر، ويتطرق الدكتور حسني نصر إلى نظرية الإعلام التنموي وتحديات تكنولوجيا الاتصال الحديثة، وتناقش الدكتورة حفيظة البراشدية دور التنمية الاجتماعية بالسلطنة في رعاية المسنين، وتتطرق أمامة مصطفى اللواتي إلى الحتمية التكنولوجية والتغيير الاجتماعي.

ويدير الجلسة الرابعة الدكتور راشد البوسعيدي، يتناول فيها الأستاذ الدكتور العياشي عنصر، التنمية الاجتماعية ونظام الكفالة في دول مجلس التعاون الخليج العربية، ويتحدث الدكتور نور الدين الشابي عن مسألة العلاقة بين علم الاجتماع والفلسفة ، ويتناول الدكتور أحمد يوسف موضوع الفكري الاجتماعي والنظرية السيميائية، وتتطرق الدكتورة مليكة البوسعيدية والدكتورة نيرمين يونس إلى الثقافة في التنظيمات البيروقراطية، تتضمن دراسة تحليلية للثقافة التنظيمية والسيطرة البيروقراطية داخل التنظيمات، ويتطرق الدكتور إياد مسعود رابعة والدكتور محمود صالح الشابي إلى مظاهر ومصادر الاغتراب لدى الشباب الفلسطيني تتضمن دراسة ميدانية على عينة من الشباب الجامعي في قطاع غزة.

فيما تناقش مساء اليوم الجلسة الخامسة التي يترأسها الدكتور امجد الحاج موضوع العمل التطوعي النسائي وتدعيم قيم رأس المال الاجتماعي، والتي تطرحه الدكتورة أمل عبد المرضي الجمال، كما يناقش المسؤولية الاجتماعية للشركات العاملة في منطقة الدقم الاقتصادية، يقدمها الأستاذ الدكتور منير عبدالله كرادشه، والأستاذة صفية المعمري، والأستاذة حنين علقم، كما يناقش الدكتور ياسر هاشم عماد الهياجي، التراث الثقافي والسياحة بين مخاطر الهدر ورهانات التنمية الاجتماعية، وتتناول الدكتورة عالية السعدية وزيانة أمبوسعيدية ونورة الصبحية ووضحة العلوية دور العوامل الاجتماعية والثقافية في الخيارات الوظيفية للمرأة العمانية، يستعرضن خلالها دراسة مطبقة في القطاع الخاص والحكومي بمحافظة مسقط، كما يتناول جمعة حجازي السياسة التنموية البديلة في إطار مفهوم الرأسمال الاجتماعي.

وأشارت الدكتورة شيخة بنت سالم المسلمية، أستاذ مساعد ورئيسة قسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية ورئيسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الى أن قسم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، يضم تخصصي علم الاجتماع، والعمل الاجتماعي، ويتابع القسم أحدث التطورات المعرفية، والمهنية ويسعى إلى الارتباط بحاجات المجتمع، والتواصل الدائم مع القطاعات الاجتماعية المختلفة للحفاظ على القيم الأصلية للمجتمع العماني ووصل تراثه بحاضره، ودراسة مشكلاته الملحة واقتراح الحلول والمعالجات العملية لها، وأضافت: يستقبل قسم الاجتماع والعمل الاجتماعي سنويا ما يقارب 140 من خريجي الدبلوم العام، ويبلغ عدد المسجلين في القسم هذا العام 474 طالبا وطالبة وهو من الأقسام الرائدة في نشاطات خدمة المجتمع حيث نشاطاته أكثر من 151 نشاطا خلال العام الماضي. وقال الدكتور سمير حسن، أستاذ بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر أن معظم المفكرين يدركون أن حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية والثقافية مرتبطة بأسباب موضوعية وأخذ معظمهم يميز بين التفكير الاجتماعي كتراث ممتد من الحكم والفلسفات الاجتماعية، وعلم الاجتماع كعلم وتفكير، وأضاف: جميع العلوم الاجتماعية وجميع البحوث والدراسات الاجتماعية الحديثة الرائدة تبلورت ونشطت مع الحداثة والثورة الصناعية وما أفرزته من مشكلات، مما يقتضي ضرورة تداخل العلوم الاجتماعية وفي مقدمتها علم الاجتماع للتعامل مع القضايا والمشكلات الاجتماعية الناشئة ومعالجتها.

وأوضح الدكتور خضر زكريا من جامعة دمشق وأحد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر، أن موضوع المؤتمر ومحاوره تلامس العديد من التحديات التي تواجه علم الاجتماع لا سيما في منطقتنا العربية وقال: في هذا العصر الذي يبهرنا فيه العالم بالتقدم التكنولوجي، وتتوجه مدارسنا وجامعاتنا نحو إهمال العلوم الاجتماعية والإنسانية بوجه عام لصالح التدريس التقني، يغدو التساؤل عن قضايا الفكر الاجتماعي وعلم الاجتماع والتنمية وموقعها في مناهجنا وأبحاثنا وتطبيقاتنا العلمية أمراً حاسما لمستقبل معارفنا الإنسانية. وأضاف: أصبحت رؤى الجامعات تتحدث عن تلبية احتياجات سوق العمل، دون الالتفات إلى التنمية بأبعادها الاجتماعية والثقافية والفنية، لذا يعتبر علم الاجتماع والفكر الاجتماعي بوجه عام في غاية الأهمية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلداننا.

وقد أكد مقرر اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور عبد الرحمن صوفي على مدى حرص اللجنة على العمل المستمر والدؤوب نحو إنجاح المؤتمر والسعي لتحقيق أهدافه المرجوة، كما بدأ قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية منذ أكثر من عامين للاستعداد لعقد المؤتمر الدولي الثاني لقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي. ويأمل المؤتمر في تطوير إمكانات تراث الفكر الاجتماعي، وتحفيز الدراسات والحوارات العلمية والنقدية، للاستجابة لمتطلبات التنمية الحديثة والمعاصرة في أبعادها الاجتماعية والثقافية بعدما أنجز بنجاح المؤتمر الأكاديمي الاول للعمل الاجتماعي بمشاركة مجموعة من الدول العربية والخليجية في مارس 2011.