شرفات

الروائيّ محمد ساري يعود إلى قرّائه عبر بوابة «حكاية أسفار»

05 ديسمبر 2016
05 ديسمبر 2016

الجزائر «العمانية»: بعد مسيرة حافلة نشر خلالها بالعربية والفرنسية العديد من الأعمال منها «على جبال الظهرة» (1983)، و«القلاع المتآكلة» (2013)، يعود محمد ساري، إلى قرّائه بعمله الجديد «حكاية أسفار» الصادر عن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، ليتقاسم معهم الكثير من الأحداث التي اجتهد في استرجاعها من دروب ذاكرته القصيّة.

وككثير من أترابه الذين وُلدوا في فترة احتلال فرنسا للجزائر، لم ينعم ساري بحياة مُترفة، ولهذا فإنّ أولى الذكريات المؤلمة التي يفتتح بها عمله الأدبي الجديد، هي حادثة تهجير عائلته عنوة مع بقية سكان قريته لتستقرّ بمدينة شرشال الساحلية التي التحق فيها بصفوف الكشافة الجزائرية، ثم شقّ طريقه مسافرا إلى وجهته الأولى، باريس، التي تركت في نفسه أثرا بالغا، وفتحت عينيه على الكثير من القضايا الجوهرية مثل القمع والاضطهاد والتمييز الذي تعرضت له النخب العربية المثقفة، خاصة اليسارية منها، في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته.

فقد تمكّن «ساري» من خلال لقاءاته بعدد من المثقفين اليساريين المنفيين في فرنسا، واطّلاعه على الصحف والمجلات التي تصدر هناك، من رصد حيثيات معاناة هؤلاء المثقفين الذين تقطّعت بهم السبل، فصاروا لاجئين بعيدا عن بلدانهم وذويهم.

ويذكر ساري بكثير من الحنين، تلك اللّقاءات التي جمعته في نهاية الثمانينات بالمفكر محمد عابد الجابري والشاعر محمد بنيس خلال زيارته إلى المغرب. كما يذكر زيارته إلى مصر التي تركت في نفسه كبير الأثر، خاصة مدينة القاهرة التي عدّها «اختزالا لتاريخ مصر وأدبها وثقافتها»، ومدينة الفيُّوم التي فرشت أمام ناظريه فصولا غابرة من تاريخ مصر الفرعوني.

ويُسافر محمد ساري بقرّائه عبر باقة من القصص القصيرة التي اشتغلت على ثيمات متنوعة كالهجرة والنزوح الريفي والفوضى العمرانية والفقر والفساد وغيرها من الآفات الاجتماعية. ويتناول المؤلف عبر الأبواب الأخيرة من «حكاية أسفار»، قصة الطالب الجامعي «كريم» الذي تُجبره بطالته الخانقة على سرقة رمال البحر لكسب قوت يومه، وقصة «رشيد» الذي يشتغلُ بحّارا، وكيف حاول «الحرقة»، أي السفر دون وثائق عبر البحر، لتحقيق أحلامه على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، وهذه كلُّها ظواهر اجتماعية سلبية جرّب الكثير من الشباب اليائس ركوبها. كما حاول ساري أن يتقاسم مع القارئ قصّة «علي» ذلك الشاب المجنون الذي ينتحر تحت عجلات القطار، وحكاية «سي عمر» العجوز الذي أعاده الحنين إلى مسقط رأسه بعد سنوات طويلة من الغربة.