1814005
1814005
عمان اليوم

مباركة سامية لإنشاء المركز الوطني لزراعة الأعضاء

13 نوفمبر 2021
13 نوفمبر 2021

حظي مشروع إنشاء المركز الوطني لزراعة الأعضاء بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.

جاء ذلك في تصريح لمعالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة خلال رعايته اليوم الندوة الوطنية الأولى للتبرع بالأعضاء التي نظمتها الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء عبر تطبيق زووم، وأكد معاليه أن هذا المركز سيكون نقلة نوعية لمجال زراعة الأعضاء في سلطنة عمان.

وأكد معالي أن إنشاء المركز الوطني لزراعة الأعضاء يسبقه توحيد الجهود في القطاع الصحي أولاً والتنسيق فيما بين القطاع الصحي ليكون هناك تكامل في القطاع وإثراء التوعية المجتمعية حول التبرع بالأعضاء إعلامياً وبينها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار معاليه إلى أن توطين زراعة الأعضاء من الأولويات الأساسية ونأمل أن يكون هناك تعاون من الجميع إذ إن هذا ليس فقط من مسؤوليات القطاع الصحي في السلطنة وإنما مسؤولية كل فرد في المجتمع، ووقوف الإخوة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والجهات الأخرى نثمنه كثيراً مما سيكون له تأثير قوي جداً بإذن الله على المستوى المجتمعي.

وقال معاليه: إن زراعة الأعضاء في سلطنة عمان بدأت عام 1988م بزراعة الكلى لكن من المؤسف والمحزن أن التطور في هذا المجال بطيء جداً لعدة عوامل، وفي عام 2017 بدأنا بزراعة الكبد ومع ظهور جائحة كورونا اضطررنا إلى توقيف ذلك البرنامج ثم ولله الحمد بدأنا باستئنافه بمواصلة زراعة الكبد في المستشفى السلطاني.

وأكد معاليه أن التحديات التي تواجه زراعة الأعضاء في السلطنة عديدة بينها العامل البشري أي وجود الكوادر ولكن خلال السنوات الماضية ولله الحمد كان الإقبال كبيراً على هذا التخصص من أبنائنا وبناتنا في القطاع الصحي لدراسة طب زراعة الأعضاء وهو طب متخصص ومنفرد بذاته، وبين التحديات أيضاً الإقبال من المتبرعين وخاصة مع انتشار الأمراض المزمنة غير المعدية في السلطنة وهذا يجعل التبرع محدودا جداً، مع العلم أن سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان وفضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام أجازا التبرع بالأعضاء ممن توفاهم الله وهناك آلية لذلك ولكن إلى الآن ربما هناك قصور جزء منه من قبلنا في وزارة الصحة والقطاع الصحي بعدم تكثيف التوعية حول مجال زراعة الأعضاء، وأطمح أن تكون الندوة الوطنية الأولى للتبرع بالأعضاء البداية لتكثيف التوعية، مشيراً إلى أن العام الجاري2021 شهد إنشاء البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء.

وقال معالي وزير الصحة: إن لدينا أكثر من 2264 شخصاً يتلقون غسيل الكلى في السلطنة وتصوروا معاناة هؤلاء المرضى إذ البعض منهم يأتي إلى مراكز غسيل الكلى الساعة الثانية صباحاً ويبقى إلى الساعة الرابعة أو الخامسة مساء والأمر يعتمد على طول الجلسة ومن ثم يضطر إلى الذهاب للعمل، مؤكداً أن المعاناة النفسية والجسدية التي يتعرض لها هؤلاء المرضى كبيرة جداً، لذا طالما أن التقنية متوفرة في السلطنة والإمكانيات خاصة لزراعة الكلى اعتقد لا يوجد مناص إلا تكثيف برنامج زراعة الكلى والبدء في زيادة زراعة الأعضاء الأخرى الممكنة في السلطنة كالكبد والنخاع والقرنية، وهناك بعض التخصصات التي نطمح أن تكون في المستقبل ولكن دعونا نكون واقعيين ففي مجال زراعة القلب لابد من كثافة سكانية عالية ووجود مراكز متخصصة، ولكن يوجد أيضاً مركز في المملكة العربية السعودية وسنسعى إلى التعاون مع المملكة لزراعة الأعضاء التي بسبب قلة الكثافة السكانية في سلطنة عمان.

صدقة جارية

وقال فضيلة الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة: إن برنامج التبرع بالأعضاء لأجل زراعتها لدى مرضى الفشل العضوي هو في تكييفنا الشرعي من الصدقات الجارية، والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين هو حكم التبرع بالأعضاء، والجواب المباشر لهذا السؤال هو جواز التبرع بالأعضاء بل هو من القربات والأعمال الصالحة والصدقات الجارية، وهذا ليس كلامي بنفسي وإنما هو كلام طائفة كبيرة جداً من الفقهاء المعاصرين الذين رأوا أن هذا الفعل الأصل فيه الإباحة والجواز، وسأبين الأدلة الشرعية ولكن لأقرر أننا حينما نتحدث عن التبرع بالأعضاء هناك قضايا شرعياً وطبياً هي خارج دائرة النقاش، أما القضايا التي هي خارج النقاش التي لا تدخل فيما نتحدث عنه، هي في الأحوال التي يمكن أن يفضي فيه التبرع إلى ضرر بالغ للمتبرع، مع عدم انتفاع المنقول إليه من زرعت فيه هذه الأعضاء، كذلك الحال فيما للأعضاء التي تتعلق باختلاط الأنساب وألحقت بها ما هو عورة مغلظة، أما سوى ذلك حينما لا نجد شيئاً من هذه المحاذير الشرعية فإن الحكم الشرعي هو جواز التبرع الأعضاء بل لا مبالغة إذا قلت إنه من الأعمال المستحبة التي يؤجر فاعلها بأجر الصدقة الجارية.

وأضاف فضيلته: إنه فيما يتعلق بالجانب التشريعي الفقهي فأبرز الأدلة أن هذا الفعل يندرج في إنقاذ الأنفس، والله تبارك وتعالى يقول: «من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، وقد رأينا الإحصائيات التي اطلعنا عليها كم هي الحالات التي يعاني منها هؤلاء الأخوة والأخوات من بني مجتمعنا وفي وطننا العزيز سلطنة عمان وفي غيرها من البلدان من عاهات وأمراض وعلل تقض مضاجعهم وتستهلك الكثير من الموارد وتدخل العنت والمشقة على أنفسهم وعلى أسرهم، وكان يمكن أن يحظوا بعلاج يمكنهم بإذن الله وفضله من حياة طبيعية هادئة أن لو اتجهنا إلى ما يتعلق بفقه التبرع بالأعضاء، ولذلك فإن هذه القضية تندرج فعلاً في باب «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، وأن العلماء اليوم مجمعون على جواز التبرع بالدم مع أن الدم يصنف طبياً على أنه عضو من الأعضاء، فما الذي صوغ إذا كان المانع أن التبرع بالأعضاء عند بعض الفقهاء أو بعض طلبة العلم أن الإنسان لا يملك أعضاءه فهل يملك الدم الذي يجري في عروقه حتى يرخص له أن يتبرع بالدم، ونحن هنا نتحدث عن التأصيل الشرعي ولا نتحدث عن صفات هذا العضو الذي يمكن أن يُتبرع به، فإذا كان المانع هنالك في سائر الأعضاء في الكلى والكبد والقرنية والقلب، إنما هو أن الإنسان لا يملك أعضاءه فهل يملك الدم الذي يتبرع به؟! وهل يملك النخاع الشوكي الذي تستخلص منه الخلايا الجذعية؟ تكاد تكون كلمة الفقهاء اليوم متفقة على جوازها ، مضيفاً: إن باب التبرع بالأعضاء لا يندرج في أبواب عموم الفقه العادية وإنما يندرج فقه إنقاذ الأنفس، والفقهاء يرون أن إنقاذ النفس المعصومة من الهلكة هو من أجلّ القربات عند الإمكان والاستطاعة وأعدوه من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى طالما أن في استطاعة الإنسان أن ينقذ نفساً معصومة دون قصد أن يلقي بنفسه إلى التهلكة، كأن يرى معصوم النفس على وشك الهلكة كالغرق أو الحريق أو هدم أو سهم طائش فإذا به يجود بنفسه لإنقاذ حياة الغير من ولدٍ أو والدٍ أو ولي أمر أو عالم جليل أو نفس معصومة، ولو أفضى فعله ذلك إلى فوات نفسه هو وهذا هو ديننا دين واقعي يعلي من شأن مكارم الأخلاق والأعمال الفاضلة، ومن الأدلة أيضاً إن كان لدى البعض ما يدور في خلجه من محاذر الضرر وما يمكن أن يصيب المتبرع فإنه يتعرض على هؤلاء فيما يتعلق بالميت، سواء أكان الموت حقيقياً أو موتاً دماغياً فأي ضرر يمكن أن يصيب بدن الإنسان في هذه الحال، إذ إن هذه المحاذير تنتفي في حالة الوفاة وأدل على ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عقب استشهاد حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لولا جزعُ صفية وأن تكون بعدي سيرة لتركته لبطون السباع وحواصل الطير»، إذن امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يترك جثمان سيد الشهداء لبطون السباع وحواصل الطير ما كان بسبب ما يخشاه على بدنه أو ما يمكن أن يصيب بدنه بل يصرح لبطون السباع وحواصل الطير، وإنما كان السبب في ذلك مراعاة مشاعر صفية رضي الله عنها وألا تكون هذه سنة من بعده عليه الصلاة والسلام، إذن الفعل من حيث ذاته لا حرج فيه ولا إشكال، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك هذا الفعل الذي كان قد همّ به لأجل الخوف على ما يمكن أن يصيب بدن سيد الشهداء وإنما لأجل مراعاة الحال والمآل لا باعتبار حرمة ذات الأمر، وهذا كله يندرج في خانة الأدلة الفقهية الشرعية من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أضيف إلى ذلك أنه لا يوجد ما يمنع، بمعنى أن جملة من التصرفات في بدن الإنسان وردت فيها أدلة خاصة تستثنيها من عموم الأصل في الإباحة، فالأصل في بدن الإنسان أن يتصرف به بحسب ما أمر الشرع، ولذلك هناك بعض التصرفات الواجبة وهذه تندرج فيما يعرف بسنن الفطرة، وهناك بعض التصرفات الممنوعة التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في النمص والوشم والفلج والوصل والوشر وتغيير خلق الله في مثل هذه الأعمال، مما يعني أن ما سواها من الأعمال لاسيما إذا كانت من الأعمال التي تتفق مع ما أشبهها من تصرفات إنقاذ أنفس الآخرين أنها أعمال جائزة وترقى إلى أن تكون مستحبة.

الندوة الأولى

وكانت الندوة الوطنية الأولى للتبرع بالأعضاء عقدت أمس تحت رعاية معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة، ومشاركة فضيلة الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة، كما شارك في الندوة الدكتور حسين بن علي السناني، مساعد المدعي العام، والدكتورة نيفين بنت إبراهيم الكلبانية، استشارية أولى أمراض الكلى، والدكتورة هدى بنت عبدالله الخليلية، استشارية أمراض العناية المركزة، والدكتور سعيد بن أحمد البوصافي، استشارية أولى أمراض الكبد وذلك عبر تطبيق زووم.

وقال الدكتور أحمد بن سعيد البوسعيدي رئيس الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء في افتتاح أعمال الندوة: إن الندوة الوطنية الأولى للتبرع بالأعضاء تهدف إلى توعية المجتمع عن أهمية مبدأ التبرع بالأعضاء والوقوف جنباً إلى جنب لإنقاذ حياة أجساد أنهكها المرض وأعياها العلاج وضعف عندها الأمل في إيجاد متبرع يعيد لها الحياة من جديد بإذن الله تعالى، مؤكداً أن المصدر الوحيد للأعضاء هو الإنسان ولا يمكن لأي برنامج زراعة النجاح دون توفر هذه الأعضاء لزرعها لمستحقيها من مرضى الفشل العضوي وعليه فإن تكاتف وتعاضد أفراد المجتمع لتوفير هذه الأعضاء هو الطريق الوحيد لإنقاذ حياة هؤلاء المرضى ومنحهم فرصة جديدة للحياة بإذن الله تعالى، إن جميع مرضى الفشل العضوي ينتظرون وبكل ترقب ذلك الاتصال والذي قد يأتي بعد منتصف الليل يطلب منهم التوجه إلى مركز زراعة الأعضاء في أسرع وقت ممكن حيث وجد لهم متبرع متوفى أوصى بالتبرع بأعضائه.

وأشار إلى أن الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء سوف تكون جزءاً فاعلاً ضمن الجهود الوطنية المبذولة لتطوير برنامج وطني شامل لزراعة الأعضاء والذي ينبغي أن يتم دعمه من جميع الجهات حتى يتمكن من العمل بالصورة المعمول بها عالمياً، مشيراً إلى أن قرار معالي وزير الصحة في مارس من هذا العام والقاضي بتأسيس البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء يعول عليه مرضى الفشل العضوي الأمل في التخلص من معاناتهم والعودة لحياة جديدة، مؤكداً أن تعاونكم جميعاً والمبادرة إلى أن تكونوا جزءاً من المشروع الوطني سيمنح الأمل لإخوانكم مرضى الفشل العضوي، ونأمل الرابطة التعاون من الكل في نشر وإذكاء ثقافة التبرع بالأعضاء مستذكرين في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والشهر».

الجدير بالذكر أن الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء تأسست في 23 يونيو من العام الجاري تحت مظلة الجمعية الطبية العمانية وتهدف إلى تنفيذ حملات توعوية وتثقيفية لمختلف فئات المجتمع عن أهمية التبرع بالأعضاء، وتنظيم اللقاءات والندوات والمؤتمرات العلمية للكوادر الطبية والطبية المساعدة لإطلاعهم على آخر المستجدات في مجال زراعة الأعضاء، وإصدار البروتوكولات والأدلة العلاجية الخاصة بزراعة الأعضاء، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة الصحة ومختلف الجهات ذات العلاقة لدعم البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء، ودعم الأشخاص المتبرعين بأعضائهم والمرضى الذين أجريت لهم عملية زراعة عضو بديل وعائلاتهم.