مبنى اليونسكو
مبنى اليونسكو
ثقافة

باحثون عُمانيون: إدراج الملاح أحمد بن ماجد ضمن الشخصيات المؤثرة عالميًا تقدير لمنجزاته المعرفية ودور بلاده في الحضارة الإنسانية

13 نوفمبر 2021
أصبح رمزا خالدا في التاريخ البحري
13 نوفمبر 2021

العمانية: أكد عدد من الأكاديميين والباحثين في التاريخ العُماني أنّ إدراج اليونسكو الملّاح العماني أحمد بن ماجد في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا بمناسبة مرور ٦٠٠ عام على ميلاده يعكس الدور العظيم والكبير الذي قام به منذ القدم في خوض غمار البحار والمحيطات ناقلًا من عُمان الفكر والدين والتجارة للتواصل مع شعوب العالم وثقافاتها.

وقال سعادة السفير الدكتور حمد بن سيف الهمامي مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى منظمة اليونسكو في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "أهنّئ بلادي سلطنة عُمان قيادةً وشعبًا بمناسبة إدراج الملّاح العماني أحمد بن ماجد في برنامج الشخصيات المؤثرة عالميًا باليونسكو خلال المؤتمر العام للمنظمة، والذي يأتي متزامنًا مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني الحادي والخمسين". وأضاف سعادته أنّ هذا الإدراج يأتي اعترافًا بإسهامات هذا الملّاح ونحن نعيش الذكرى المئوية السادسة لميلاده ويمثل هذا الإدراج على الصعيد العالمي اهتمامًا بالإرث العلمي للرموز التاريخية والإنسانية الذين ساهموا في إنتاج المعرفة والرقي الحضاري.. مُعتبرًا أنّ ذلك يعدّ إضافة مهمة لجهود سلطنة عُمان في مجال التعاون مع منظمة اليونسكو ويُعزز ربط الأجيال بتاريخها الحافل من أجل المضي قدما نحو المستقبل سعيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ووضح سعادته أنّ إدراج هذه الشخصيات لا يأتي جزافًا وإنما بعد تكوين ملف مُكتمل من قبل البلد المعني ويُعرض على خبراء مُتخصصين لفحصه وتمحيصه، ثم يعرض ملف الشخصية المطلوب إدراجها على المجلس التنفيذي بمنظمة اليونسكو، وقد يحصل على القبول المبدئي أو يعود لاستكماله لافتًا إلى أنّ اعتماد الملف بالمؤتمر العام يأتي كخطوة أخيرة للاعتماد.

من جانبه قال الباحث والأكاديمي المكرم الدكتور محمد بن حمد الشعيلي عضو مجلس الدولة في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "سلطنة عُمان ولله الحمد غنية بإرثها الحضاري في مختلف المجالات التي أثرّت فيها الإنسانية بإنجازات أبنائها، خاصة في الجانب البحري بحكم شهرة العُمانيين الكبيرة في هذا الجانب، عندما اندفع العُمانيون تجاه البحر فاستغلوه خير استغلال، ونجحوا في إقامة شبكة من العلاقات الحضارية مع مختلف الأمم والشعوب". وأضاف: لم تكتفِ سلطنة عُمان بنجاحها في هذا الجانب فقط أو على الصعيد الجماعي، بل أنّها قدمت شخصيات أثرت الإنسانية بعطاءاتها وانجازاتها، ويأتي الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي في مقدمة هؤلاء في التراث البحري العُماني، فما تركته هذه الشخصية العظيمة من إرث تجاوز أهميته الجانب المحلي ليصل للعالمية ولتستفيد منه الإنسانية أجمع حتى يومنا هذا. وذكر أنّ هذا الملّاح العُماني أصبح رمزًا خالدًا في التاريخ البحري العالمي وليس العُماني فحسب، وهذا مما يبعث الفخر والاعتزاز بعُمانية هذا الرجل وبما قدمه من عطاء في مجال عمله وتخصصه من مؤلفات واختراعات واكتشافات أضاءت لمن جاء من بعده الكثير والكثير، ولذلك عندما يرد اسم ابن ماجد يرد اسم عُمان كونه مُلتصقًا بها، وهذا من دواعي الفخر بمثل هذه الشخصيات العُمانية العظيمة.

وأكّد أنّ إدراج اسم أحمد بن ماجد ضمن برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المُهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا بمناسبة مرور ٦٠٠ على ميلاده، هو اعتراف عالمي بعُمانية هذه الملّاح العظيم، وبما قدمه من إنجازات شتى، ويحمل في دلالاته الكثير مما يمكن أن يُقال في حقه وفي حق سلطنة عُمان التي قدمت للإنسانية مثل ما ذكرنا الكثير من الشخصيات العلمية التي أفادت البشرية بعلمها وبتوفقها. ولفت إلى أنّ ابن ماجد الشخصية العُمانية أصبحت السادسة التي تُدرج ضمن الشخصيات العالمية المدرجة في برامج منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بعد خمس شخصيات حظيت بذلك من قبل، وبالتأكيد ننتظر إدراج شخصيات عُمانية أخرى مُستقبلًا.

وأعرب الباحث والأكاديمي المكرم الدكتور محمد بن حمد الشعيلي عضو مجلس الدولة عن شُكره وتقديره إلى كل من ساهم في تثبيت مثل هذه الشخصيات العُمانية ضمن القائمة العالمية من مؤسسات وأفراد. وخصّ بالشكر اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم وسائر المؤسسات الوطنية الأخرى التي عملت على دعم مثل هذه التوجهات الوطنية، سائلًا الله لهم دوام التوفيق لما هو قادم في إطار سعيهم نحو أن يظل اسم سلطنة عُمان وأبناؤها يتردد صداه في مثل هذه المحافل العالمية.

من جانبه قال حبيب بن مرهون الهادي الباحث في التاريخ العُماني: "أحمد بن ماجد يُعدُّ ظاهرة علمية برزت في القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي في عُمان، تلك الفترة الزمنية التي قل فيها ظهور علماء العلوم الطبيعية في الجزيرة العربية خاصة وفي العالم الإسلامي عامة حتى لقب بأسد البحار و"معلم بحر الهند" وغيرها من الألقاب الدالة على منزلته العلمية". وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أنّ هذه الشخصية جاءت لتسدُ ثغرة علمية كانت حاضرة منذ فترة طويلة في العلوم البحرية، رغم أن سلطنة عُمان بلاد الملاحة والسفن منذ أكثر من ٧٠٠٠ سنة إلا أن أحمد بن ماجد يُعدُّ فارقة تاريخية مفصلية في تأصيل العلوم البحرية وتأسيس قاعدة علمية ظلت تدرس في أصقاع الأرض سواءً في الجانب التطبيقي أثناء قيادة الربابنة للسفن في المحيط الهندي قاطبة أو في الجانب العلني حيث أصبح كتاب الفوائد في أصول البحر والقواعد عمدة كتب الملّاحة البحرية في جامعات عالمية لفترة زمنية طويلة.

وأشار إلى أنّ أحمد بن ماجد يُعدُّ شخصية عالمية مؤثرة في التراث الإنساني وإنجازاته خالدة فقد ألف أكثر من أربعين كتابًا ومنظومة واخترع وطوّر عددًا من الآلات التي يُستعان بها في الرحلات البحرية والطرق التجارية في أعالي البحار، مؤكّدًا أنّ من حق البشرية الاحتفاء بهذه الشخصية التي حققت الرخاء والأمان للملاحة البحرية، ولتبقى ذكراه للأجيال نبراسًا تهتدي به ومفخرة لسلطنة عُمان ولهذا العالم الذي تخلد اليونسكو ذكراه بعد مرور ٦٠٠ سنة على وفاته.

وفي سياق مُتصل يؤكّد الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة في اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة لوكالة الأنباء العُمانية أنّ العُمق الوطني الكبير الذي يُشكله الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي كأحد الرموز المهمة في تاريخ عُمان وفي الوجدان الجمعي للعُمانيين لا يخفى على أحد؛ فهو بلا شك أيقونة خالدة في السياق الحضاري العُماني منذ ستة قرون إلى يومنا هذا. وقال: "إذا ذُكِرت الملّاحةُ البحرية وما يتعلق بها من علوم وفنون ذكر ابن ماجد، وكذا الحال في التواصل بين العُمانيين وغيرهم من الشعوب مُضيفًا أنه لنكون أكثر إنصافًا لهذه الشخصية الفذة؛ فآثاره العلمية المتوزعة على كبريات مكتبات العالم؛ إذ تحتضنُ المكتبات الوطنية في لندن وباريس وبطرسبورغ وغيرها أنفس مخطوطات هذا الملاح العُماني بما تحتويه من قيمة علمية مهمة في فنون الملاحة والفلك والجغرافيا والبيئة.

وأضاف: كل هذه المكونات الثقافية والحضارية التي اجتمعت في شخصية ابن ماجد جاءت لتُشكل صورة ذهنية مُتكاملة ومُتواصلة حولها، وهذا ما ينبغي العمل على استدامته من خلال مشاريع وبرامج ثقافية وعلمية تستهدفُ المجتمع بشكل عام والناشئة بشكل خاص. وقال: "أهميةُ الإدراج باعتباره الحدث الأبرز في المشهد الثقافي لسلطنة عُمان حاليًا؛ فإنه بحد ذاته يُعدُّ اعترافًا دوليًا بهذه الشخصية لأجل تسليط الضوء على إسهاماتها الحضارية التي لا تزال البشرية تستفيد منها من ناحية، ولإبراز تأثيرها العالمي؛ الأمر الذي يُمثلُ المعيار الأهم للإدراج.

من جانبها أكّدت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية باحثة وكاتبة في التاريخ، وعضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية أنّ إدراج الملّاح العُماني أحمد بن ماجد في قائمة الشخصيات المؤثرة عالميًا لليونسكو يُشكل اعترافًا رسميًا بعُمانية هذه الشخصية، وتعزيزًا أكثر لتخليد هذه الشخصية العُمانية كشخصية مؤثرة في التاريخ الإنساني؛ لما قدمته من معارف وخبرات وتجارب أسهمت إسهامًا إيجابيًا في مسيرة الحضارة الإنسانية. وقالت في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "أبلغُ وصف وُصِف به أحمد بن ماجد ما كتبهُ الباحث المصري أحمد محمد عطية في بحث حمل عنوان "أحمد بن ماجد المعلم والأستاذ والشاعر والفلكي والملّاح ورائد علم المرشدات البحرية"، كما يُعدُّ ابن ماجد شاعر البحر العربي، فقد جمع بين الخبرة بعالم البحر والعلم بطرق الملاحة البحرية، والآلات البحرية والظواهر البحرية، وبين الشعر، ولأنه شاعر فقد صاغ كل فكره وعلمه وتجاربه شعرًا وقد صوّر شعره مدى عمق تجاربه وثقافته وحياته الطويلة فوق مياه البحر". وأكّدت أنّ هذا الإدراج لهذه الشخصية العُمانية أوضح حرص العُمانيين في الحفاظ على كل مفردات تاريخهم وإرثهم الحضاري لما له من أهمية وأولوية؛ فهو جزء من هُويتهم وذاكرتهم الوطنية، وهذا الحرص نابعٌ من الواجب الذي نصّ عليه النظام الأساسي للدولة: "تلتزم الدولة بحماية تراثها الوطني المادي وغير المادي، والمحافظة عليه، كما تلتزم بصيانة تراثها المادي وترميمه، واسترداد ما استولي عليه منه". وحول أهمية إدراجه في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا بمناسبة مرور ٦٠٠ عام على ميلاده توضح الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية أن أحمد بن ماجد هو رمز خالد في الذاكرة الوطنية لعُمان التي قدمت الكثير للحضارة الإنسانية قيمًا وإنتاجًا معرفيًا وشخصيات أضافت الكثير لروح هذه الحضارة، فهذه الشخصية العُمانية السادسة التي تُدرج في القائمة؛ ولهذا أهمية كبيرة تكمنُ في التقدير الدولي لإسهامات الحضارة العُمانية المتنوعة في مجالاتها وحقبها التاريخية، وبأبعادها الحضارية والإنسانية المختلفة.

وأشارت إلى أنّ هذه الشخصيات الست تتمثلُ في عالم اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي، من علماء القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي والطبيب والصيدلاني راشد بن عُميرة الرستاقي، من علماء القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي والموسوعي والمصلح الاجتماعي نور الدين عبدالله بن حميد السالمي، من علماء القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين والطبيب والفيزيائي أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي الملقب بابن الذهبي، من علماء القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي والشاعر ناصر بن سالم الرواحي الملقب بأبي مسلم البهلاني، من علماء القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين و الملاح أحمد بن ماجد السعدي، من علماء القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي. وقالت: "بالعودة إلى أمير البحر العُماني أحمد بن ماجد الذي يُعدُّ رمزًا من رموز التاريخ البحري العُماني، والذي أعاد للأذهان مجددًا ودائمًا أنّ العُمانيين أسيادُ البحار، فالحضارة العُمانية قامت بدورها من خلال الكثير من الأدوات وكانت السفينة عنصرًا مهمًا كونها وسيلة حملت الإنسان والأفكار والسلع والبضائع، وشكلت ثلاثية في التاريخ العُماني: السفينة، السلع (معنوية ومادية)، الموانئ". وأكّدت أنّ هذه الشخصيات ربطت الكثير من العناصر واستطاع من خلالها العُمانيون ربط عوالم كثيرة بعضها ببعض، أسهم كل ذلك في مسيرة تقدم وبناء الحضارة الإنسانية، ولهذا أهمية كبرى في شحذ الهمم وتعزيز الجهود لاستعادة ذلك الدور عبر تفعيل تلك العوامل التي تتمتع بها سلطنة عُمان؛ موقعًا استراتيجيًا، ومُمكنات بشرية واقتصادية، وقيادة حكيمة تؤمن بذلك الدور الحضاري وبوجوب استعادته وتمكينه.

وبيّنت أنّه يمكن استجلاء هذه الأهمية من العالمية التي وصلت إليها تلك الشخصيات، والتي يمكن استثمارها بشكل إيجابي في التعريف العالمي بتراث وتاريخ سلطنة عُمان مما يفتح الباب أكثر في تفعيل الدبلوماسية التاريخية والثقافية لتكون أداة من أدوات الاستثمار الثقافي لتحقيق منافع اقتصادية عدة.

وذكر حمود بن حمد الغيلاني مؤرخ وخبير بالتاريخ العُماني أنّ الربابنة العُمانيين تركوا بصمتهم الواضحة والجليلة في مجال العلوم البحرية في عددها وتنوّع علومها، التي ارتبطت بالمهارة والتجريب، ولم تعتمد الجانب النظري فقط، مما زاد في إثراء العلوم البحرية في مجال الملاحة الفلكية. وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "مؤلفات الربابنة المعلمين من أمثال أسد البحار أحمد بن ماجد والمهري وبن ماطر وخميس الغيلاني وناصر الخضوري وأبو إدريس الغيلاني وبن ماجد الظاهري والقعدوي إلا أمثلة بسيطة على هذه المؤلفات التي وثّقوا فيها اكتشافاتهم العلمية كالإبرة المغناطيسية وتحديد المسافات والمواقع بالكمال، ورسموا الخرائط البحرية". وأضاف: أسد البحار والمعلم الأول الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي يُعد رمزًا تاريخيًا وعلميًا وثقافيًا عُمانيًا في تاريخ العلوم البحرية، ورغم مرور ستة قرون على ميلاده إلا أنه لا زال على ذاكرة الملّاحين العُمانيين بما قدمه لهم من علم ساعدهم في رحلاتهم البحرية ومواجهة الأخطار والصعاب والتغلب عليها بما رفدهم به من نصائح وتوجيهات قامت على أساس علمي لا يختلف عن مناهج البحث العلمي الحديث المُعتمد على الرصد والتجربة وتكرارها وإثبات صحتها من عدمه مما أعطى للعلوم البحرية بُعدًا استثنائيًا جديدًا في مسار البحث العلمي في عصره. وذكر أنّ الإنتاج الفكري والعلمي والثقافي للملاح العُماني أسد البحار أحمد بن ماجد السعدي الذي يصل لنحو أربع وثلاثين أرجوزة شعرية والعديد من الكتب التي من أشهرها "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، إضافة إلى مخترعاته واكتشافاته كوضعه للإبرة المغناطيسية، والخشبات الثلاث وألّف نحو /٥٣/ مؤلفًا في علوم البحار تمثلُ إسهاماته العملية والنظرية في علم البحار، إضافة إلى إسهاماته النظرية، حيث وضع قواعد ودستورًا للملاحة بأركانها الثلاثة.

وأكّد أنّ إدراج أسد البحار والمعلم الأول أحمد بن ماجد في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا بمناسبة مرور ٦٠٠ عام على ميلاده، ليصبح الشخصية العُمانية السادسة التي تُدرج على هذا البرنامج الدولي يأتي لأثره وآثاره العلمية والثقافية في الحياة الإنسانية عامة وعلوم البحار خاصة، وهو إحقاق لكون شخصيته العُمانية التي أكّدتها الكثير من الدراسات العلمية والبحثية لباحثين ودارسين غير عُمانيين نذكر منهم الدكتورة صباح الشيخلي، و"تيبتس Tibbetts" الذين قالوا: "إن أحمد بن ماجد قد اندفع في الكتابة بشكل واسع عن مسقط والسواحل العُمانية بوصفهِ مواطنًا عُمانيًا". وُلِد شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي ( 825-906ھ /1421 -1500م ) عالم الملاحة العربي العُماني، في جلفار، وتلقى تعليمه الأول على يد والده ماجد بن محمد السعدي، الذي كان ربانًا بحريًّا مرموقًا، وعُرف أحمد بن ماجد بأنه من أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، إذ اخترع الإبرة المغناطيسية (البوصلة) المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية. وترك الملّاح أحمد بن ماجد آثارًا علمية عديدة في علوم البحار جاوزت (40) كتابًا ومنظومة، أهمها: الأرجوزة التائية، والأرجوزة السفالية، والأرجوزة المعلقية، وأرجوزة تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وأرجوزة "حاوية الاختصار في أصول علم البحار"، والنونية الكبرى. ومن أشهر مؤلفاته كذلك كتاب" الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، فقد صنفه سنة (880- 895 ھ/1475- 1490م) في أواخر عمره، ومن ألقابه شهاب الدين وأسد البحار، وكان محل اهتمام المستشرقين أمثال المستشرق الفرنسي غبريال فران (1925م)، والمستشرق الإنجليزي جيرالد تبتس (1970م) وغيرهما، لما له من معرفة كبيرة في كل ما يتعلق بصناعة السفن والبوصلة وصفات الربان ومعرفة البلدان وتاريخها ومواعيد السفر إليها، وغيرها. يُذكر أنّ سلطنة عُمان تمكّنت خلال السنوات الماضية من إدراج خمس شخصيات عُمانية سابقًا ضمن في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا وهم: عالم اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي عام ٢٠٠٥م، والطبيب والصيدلاني راشد بن عُميرة الرُّستاقي عام ٢٠١٣م، وفي عام ٢٠١٥م تم إدراج الموسوعي والمصلح الاجتماعي الشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي، والطبيب والفيزيائي أبو محمد عبدالله بن محمد الأزدي الملقب بابن الذهبي، والشاعر العُماني ناصر بن سالم الرواحي المُلقب بأبي مسلم البهلاني عام ٢٠١٩م.