كيف تبدو رسوم كتب الأطفال وهي بمعزل عن كلمات القصص؟!
تبدو الفكرة ظريفة نوعا ما، فمعرض رسوم كتب الأطفال بمهرجان الشارقة القرائي للطفل يجرد هذه المرة الرسومات من الكلمات وأحداث القصص، ويضعها وحيدة في مواجهة مع الجمهور وبمعزل عن لسان الكاتب وشخصياته، وبعيدا أيضا عن حضن الكتاب. فما الذي تكونه الرسوم دون القصص؟ معارض فنية بالتأكيد.
تحاول اللوحات وما تحتويه من خطوط وأشكال وألوان، وأساليب رسم مختلفة وأدوات متنوعة أن تقول حبكة غير معروفة وأن تبعث على توقع مسار لأحداث تحكيها الصورة وحسب. فبين الكولاج والملامس الطبيعية التي تركز عليها المصرية بنست داود تسطع هذه الرسوم المدهشة والدالة، لتؤكد وجودها الخيالي البديع. وفي كولاج الإيرانية مجده كيانزاده تصور الرسامة مشاهد من حياة مصباح متخيل يغلب عليها الأحمر، والتي قيل عنها أنها - الرسوم التي يهيمن عليها بالأحمر- تمتاز برصانة البناء.
وحين تُأنسن الكائنات الحية تأتي شخوص الرسامة نعمة زيدان من مصر بروحها الطفولية، وخاصة الأسماك القادرة على إظهار مشاعرها المختلفة بحسب مسار القصة وأحداثها. وبتركيزه على جماليات فن الكولاج واستلهامه لمعطيات التراث شديدة الثراء رسم الفنان أسامة أبو العلا خطوطا وخيوطا في لوحات أساسها التكويني هو الخط.
وفي لوحات الرسم بالألوان لا الأقلام يبرز الخط الذي تسلكه كريستيان إيناراجا جينيس، محاولة ببراعة الإمساك بالأحلام وامتلاكها، وبكولاجها المدهش تصور الفنانة الإيرانية ألهه جوانمرد مشهد الرجل الذي وجد زجاجة ملونة في سلة مهملات، فمنحت القمامة تمايزا جميلا من خلال التجميع الذي اشتغلته في اللوحة.
ولعبت رسوم براء العاوور على التباين الحجمي بين شخصية البطل وبقية العناصر والأشياء إلى جانب التباين بين مساحات اللون ومساحات الأبيض والأسود، محققا بذلك بناء بصريا مدهشا وجميلا. فيما تبني السعودية إيمان الناصر عالم رسومها الفني ببساطة وعمق حيث تنجح في توظيف زوايا النظر المتنوعة وتوظيف العناصر الواردة في بناء مشاهد تصويرية محكمة ورصينة.
أما الفنانة الإيرانية نوشين صادقين فقد استلهمت فن المنمنمات الإسلامية وقدمت مجموعة من التصاوير القادرة على التعبير عن قصتها الأسطورية. وبأسلوب خاص وبسيط باستخدام الخطوط المنحنية صورت الأرجنتينية يال فرانكيل قصة طفل صغير يتحدث إلى أخيه الجديد وهو في بطن أمه، وباستخدام تقنية الطباعة اليدوية غزلت الرسامة الإيرانية عوالم الجنيات السحرية معتمدة على اللون الأسود الغالب على المشاهد.
وتميز الفنان المصري محمد طه بالفن الرقمي وهي تقنيته المفضلة في العمل على إنجاز معظم قصصه وكتبه، وبألوان الأكريليك صاغت السورية لينا نداف أصابع بيضاء وسوداء في مجموعة ثرية من الرسوم المعبرة في قصة تتمحور حول الفن والموسيقى، وفي رسوم حافلة بالخيال والمتعة، تغوص رسوم البوليفية كلوديا ميلينكا إيلانيس إيتوري بعمق في البحث عما وراء رمزية الأشياء في قصة يعيد فيها الحفيد ترميم ذاكرة جدته المصابة بألزهايمر.
وقد شهد المهرجان تكريم الفائزين بجوائز «معرض الشارقة لرسوم كتب الأطفال»، عقب انطلاقه حيث فاز بالمركز الأول الفنان أرماندو فونسيكا، من المكسيك، عن رسوماته المصاحبة لنصوص خوسيه ساراماغو، الفائز بجائزة نوبل للآداب، والتي يروي فيها الكاتب اندهاشه في طفولته بالطبيعة، وخاصة ضوء القمر.
وفازت بالمركز الثاني الفنانة أماندا ميجانجوس كويلز من المكسيك، عن رسومات كتابها المصوّر التي خصصتها لقراءة ما قبل النوم، لتحفز خيال الأطفال. أما المركز الثالث ففازت به الفنانة رومانا رومانيشين، من أوكرانيا، عن عملها الذي توظف فيه عناصر الطبيعة من الأرض والماء والهواء، والتي تظهر من خلال رسوماتها حركة تلك العناصر في هذا الكون الواسع.
وخصص المهرجان جوائز تشجيعية لثلاثة فنانين، وهم: الفنانة كيونغ مي أهن، من كوريا الجنوبية، التي ترصد في رسوماتها الأطفال أثناء رحلة ليلية يتمنى كل واحد منهم أمنيته عند اكتمال القمر، ويشاهدون خلالها عناصر الجمال التي لا يرونها عادة من المخلوقات.
كما فازت الفنانة آجني كانانايتيني، من ليتوانيا، بجائزة تشجيعة عن رسومها التوضيحية التي تحاكي الشعر الذي كتبته إيفلينا داتشيتو، حيث تتحدث كل قصيدة عن الطفل وعالمه الداخلي، وعواطفه وخبراته في التعامل مع الآخرين.
أما الجائزة التشجيعية الأخيرة فقد كانت من نصيب الفنانة نوشين صادقيان من إيران، التي استلهمت فن المنمنمات الإسلامية في مجموعة من التصاوير التي عبرت من خلالها عن قصتها الأسطورية.
